خبر : كارثة عنوانها البطالة ... تقرير : شيرين السيقلي

الخميس 24 نوفمبر 2011 02:51 م / بتوقيت القدس +2GMT
كارثة عنوانها البطالة ... تقرير : شيرين السيقلي



غزة / سما / هي كارثة تتطلب منا الوقوف ولفت الانتباه, فالواقع الفلسطيني يؤكد أن معدلات البطالة في تزايد مستمر، فالجميع يحاول البحث عن سبل للخروج من الأزمة ولكن الواضح أنها تزداد سوء, فهي تعبير عن قصور في تحقيق الغايات في المجتمعات, هي مشكلة اقتصادية, نفسية، اجتماعية، أمنية، وسياسية، ويعتبر جيل الشباب هو جيل العمل والإنتاج، جيل القوة والطاقة والمهارة والخبرة النافعة للمجتمعات عامة والفلسطيني خاصة. تفاقمت البطالة شيا فشيئا  دون تقديم أي نوع من الحلول أو المساعدات للتخفيف من حدة هذه الظاهرة التي تفشت بين صفوف الخريجين العاطلين عن العمل، فبدا ما يعرف بظاهرة "ازدواجية التخصص" تجتاح صوف الخريجين وبدأ كل منهم يفقد أمله في إيجاد فرصة عمل، فأخذ بالبحث عن تخصص بديل لعل الحظ يطرق بابه من جديد ويجد فرصة عمل يستطيع من خلالها أولا مساعدة أسرته البسيطة المعولة عليه أمالها في تحسين مستواها المعيشي وتحقيق كيان مستقل لها. تشير النتائج حسب ما ذكرت السيدة علا عوض، القائم بأعمال رئيس الإحصاء الفلسطيني إلى أن نسبة العاطلين عن العمل من بين المشاركين في القوى العاملة في الربع الأول 2010 بلغت 22.0% أي اكثر من خمس المشاركين في القوى العاملة، بواقع 16.5% في الضفة الغربية و33.9% في قطاع غزة. كما تصل نسبة البطالة بين النساء المشاركات في القوى العاملة إلى 26.8% مقابل 21.1% بين الرجال. وتعتبر نسبة العاطلين عن العمل في الأراضي الفلسطينية أعلى من مثيلاتها في الدول المجاورة، حيث تصل نسبة البطالة في الأردن إلى 12.9% (بيانات عام 2009) وفي إسرائيل إلى 7.2% (بيانات الربع الأول 2010). احتلت محافظة طولكرم النسبة الأعلى للبطالة خلال الربع الأول من عام 2010، حيث وصلت فيها النسبة إلى 24.9%، ويليها محافظة الخليل حيث بلغت النسبة فيها حوالي 21.2%. بينما أدنى نسبة للبطالة في الضفة الغربية فكانت في محافظتي نابلس وأريحا والأغوار، 11.6% و7.0% على التوالي. أما في قطاع غزة، فقد احتلت محافظة خانيونس النسبة الأعلى للبطالة حيث بلغت النسبة فيها حوالي 41.0% ويليها محافظة دير البلح 35.8%. بينما أدنى نسبة للبطالة في قطاع غزة كانت في محافظة شمال غزة حيث بلغت النسبة فيها 26.9%..وفي السطور التالية نحاول الاقتراب من جذور المشكلة بشكل موضوعي بعيدا عن المزايدات وإلقاء الاتهامات جزافا.                                           رضينا بالهم والهم ما رضي بينا هذا ما بدأت به حديثها الخريجة "ي ا"  قسم علوم المكتبات –جامعة الاقصي تقول :" تخرجت بمعدل جيد جدا منذ( 5) سنوات, بحثت فيها عن وظيفة فلم أجد سوي البطالة وهي ابسط شيء, حتى البطالة لم تدم طويلا, فكرت مع نفسي مليا وتوصلت إلي  أن هذا التخصص عقيم ولا مستقبل له فقررت أن أدرس مرة أخري بعد إصرار وإلحاح شديد من أهلي كي استطيع أن أجد وظيفة وأساعد إخوتي البالغ عددهم (14فرد) فأنا أكبرهم سننا وجميعهم مسئولين مني فكان لابد من الموافقة عل الحظ يفتح بابه معي من جديد وأجد وظيفة أساعد بها أفراد عائلتي" . وأضافت "درست في قسم "تعليم اجتماعيات" فكان هذا عبئا ماليا جديدا على أسرتي البسيطة وبمساعدة الشئون والقروض الجامعية استطعت أن اجتاز هذا التخصص بتفوق أيضا، ولسوء حظي تجددت مرة أخري خيبة الأمل في العثور على وظيفة تعيلني أنا وأسرتي.وتابعت "كان لدي أمل بأن أتوظف وأكمل دراساتي العليا، ولكن خيبة الأمل كانت في كل شيء إلا في وجه الله تعالي،احصلت على شهادتين، ودون وظيفة مما زاد من إحباطي وحسرتي على عمري الذي ضاع في التعليم بدون جدوى فأنا ابلغ من العمر 27 عام ولم أفكر في الزواج حتى استطيع أن أعيل أسرتي أولا, "اندثرت جميع أحلامي في العراء وأصبحت أحلامي كوابيس من الغد المظلم".                                                        دورات تأهيلية وفى محاولة للوقوف على تفاصيل وأبعاد القضية لإيجاد الطريق الصحيح التقيت بالسيدة/ هيفاء شحيبر المدير التنفيذي – "جمعية الخريجات الجامعيات " وتحدثت قائلة" إن ظاهرة "ازدواجية التخصص" بدأت تنتشر بين الخرجين العاطلين عن العمل، واعتقد  أن القرار بالتوجه لاختيار تخصص أخر هو راجع للخريجة ذاتها, فهي قادرة على الموازنة واختيار الأنسب لها فإن كانت متمكنة من التخصص الأول فلتعزز إذا قدراتها وتنمي مهاراتها في هذا المجال، يكون ذلك بالحصول على دوارات تدريبية وتأهليه في الجمعيات والمؤسسات كي تكون قادرة على الإبداع في هذا المجال وتكون فرصتها في الحصول على وظيفة اقوي. وأشارت "أما إذا كانت مستواها لا يؤهلها بالعمل والإبداع في هذا المجال وقد يكون راجع لعدة أسباب منها عدم رغبتها فيه، أو أنها قد أرغمت عليه تلبيه لرغبات الأهل, مما قد يدفعها بالتوجه إلي مجال أخر عسي أن تجد نفسها فيه وتكون قادرة على الانجاز فيه".وأضافت "هناك العديد من الأقسام والتخصصات تم فتحها من دون حاجه لها في سوق العمل الفلسطيني وهي مدرجة ضمن التخصصات الجامعية وقد يرجع سبب فتح مثل هذه التخصصات لهدف ربحي مادي، من دون دراسة مسبقة عن مدي حاجة المجتمع الفلسطيني لمثل هذه التخصصات".وقالت "إن الجمعية تسعي جاهده للتخفيف من حدة هذه الظاهرة بعمل دوارات تدريبية متخصصة في مجالات عدة لتأهيل وتدريب الخريجين للحصول على فرصة عمل مناسبة ".وأكدت "لابد للخريج أن يفكر في بناء أوضاعه الاقتصادية والاجتماعية، بالاعتماد على نفسه، من خلال العمل والإنتاج، لاسيما ذوي الكفاءات والخريجين الذين أمضوا الشطر المهم من حياتهم في الدراسة والتخصص، واكتساب الخبرات العملية".                                      درجات عالية بدون فائدة وبنموذج أخر التقينا بـ (ل أ) هندسة معمارية-الجامعة الإسلامية قالت :" تخرجت بمعدل جيد جدا مرتفع في عام 2005 وكلي أمل وحياة للتوجه لسوق العمل فبدأت أتدرب في مكاتب المهندسين ثم عملت في مشاريع صغيرة, وكانت الأوضاع العامة حين إذ جيدة ولكن بدأت الأوضاع بالتدهور وانحدار نحو الاسوأ في السنوات القليلة الماضية بسبب الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي يمر بها شعبنا الفلسطيني, لم يبق لي سوي البطالة حصلت على بطالة, عملت بها بشكل مؤقت على أمل الحصول على وظيفة ولكن الوضع الداخلي للبلد ازداد سوء". وأضافت " حتى البطالة لم تكن متوفرة في مجال تخصصي, عملت في بطالة الإحصاء وكلى حسرة على تخصصي الذي ضاع دون فائدة،  فقررت أن استثمر الوقت من جديد وادرس مرة أخري تخصص جديد في قسم الرياضيات – جامعة القدس المفتوحة وها أنا ادرس حاليا على أمل في الحصول على وظيفة". وكان لوزارة التربية والتعليم رأي على لسان رئيس قسم شئون الموظفين السيد/ محمد الحنفي فقال:"اعتقد إن سبب هذه الظاهرة يرجع إلي سوء اختيار للتخصصات المطروحة في البداية, فيتوجه بعض الطلبة لتخصص معين ويبتعد عن أخر, مما يؤدي إلي تكدس في بعض التخصصات مثل الإرشاد التربوي واللغة العربية وعجز في بعضها الأخر مثل مادة الرياضيات". وعزا الحنفي ذلك لعدة أسباب  فقال: "قد يكون السبب في ذلك صعوبة التخصص ذاته أو العادات والتقاليد حيث أن العديد من الآباء يزجون بأبنائهم إلي تخصصات على غير رغباتهم مثل الهندسة والطب كي يتباهى بإبنه فقط أمام الآخرين على الرغم أن المجتمع ليس بحاجة لها ".وأضاف الحنفي" أحب أن أشير إلي أن هذه التخصصات الجديدة يتم طرحها من قبل هيئة عليا للجامعات وبموافقة الحكومة على هذا التخصص وقد يكون هدف الجامعة هو هدف ربحي عند طرح تخصصات غير مطلوبة في سوق العمل مثل "قسم علوم المكتبات" و "وقسم اللغة الفرنسية" أو تغير مسميات  لتخصص هو ذاته باسم أخر بهدف استقطاب طلاب جدد لهذا القسم مثل تخصص "التربية التكنولوجية " وتكنولوجيا المعلومات ". وقال "لابد من  إيجاد مؤسسات توجه الطالب لاختيار الأنسب للتخصص, فهناك بعض التخصصات غير مطلوبة في التعليم مثل الإعلام التربوي ولكن الوزارة حرصا منها على مصلحة الخريج قامت باستيعاب جزء من الطلبة في المدارس حسب الحاجة، علما أنها ليست بحاجة لها في المدارس".وأضاف "هناك تخصصات معروفة تدرس في المدارس وهي أساسية فلابد عند الاختيار أن يختار الطالب إحداها, كما وأن الوزارة تساعد الطلاب الذين يتوجهون إليها طلبا للمساعدة في اختيار التخصص المناسب له. ويبقى السؤال المركزي " من هو المسئول عن تلك البطالة وعن الاعداد الهائلة من الخريجين؟"  بلا شك انها مسئولية مشتركة بين الطالب وذويه وبين الوزارة والمؤسسات التأهيلية والجامعات، لذلك لابد من تكاثف الجهود وأخذ المشكلة ضمن أولويات الحكومة وتقديم الدعم وخلق فرص جديدة لهم، طرح كتيبات ارشادية من الوزارة للطالب باختيار التخصص الانسب له وفق متطلبات سوق العمل، وعلى الجامعات إغلاق جميع التخصصات العقيمة التي لا فائدة لها في سوق العمل ذلك حرصا على مصلحة الطالب الخريج،  ولابد من دراسة جيدة ومعمقة من الطالب وذويه قبل اختيار التخصص في سبيل الخروج من تلك الازمة.