خبر : ميدان الكراهية../يديعوت

الخميس 24 نوفمبر 2011 11:01 ص / بتوقيت القدس +2GMT
ميدان الكراهية../يديعوت



"يوجد في الميدان فريق تلفزيون ايطالي، ولكن هؤلاء عملاء موساد"، يشكو بصوت عال متظاهر كبير في السن أمام رجال النظام الذين يضبطون الوضع في طرق الوصول الحر الى المستشفيات الميدانية في ميدان التحرير، والتي امتلأت أمس مرة اخرى بالمصابين. نشطاء اسلاميون، بينهم رجال دين، يصبون الزيت على الشعلة المضطرمة. "هؤلاء هم الامريكيون الذين يستخدمون ضدنا سلاحا اسرائيليا"، يصرخ أحدهم، فيثير حماسة الحاضرين في الميدان لاستئناف هجماتهم على قوات الامن. "انهم يطلقون علينا مثلما يطلق الاسرائيليون النار على الفلسطينيين في غزة"، ينضم اليه أحد الفتيان، الذي كان يرافق هرولة دراجة اخلاء تحمل جريحا. احدى الهدايا التذكارية المعروضة للبيع في ميدان الثورة في القاهرة هي صورة الشيخ احمد ياسين، مؤسس حماس، مكتوب عليها "مثواه الجنة". اعلان جديد، رُفع أمس في قلب الميدان أثار اهتماما شديدا واجتذب مئات المتظاهرين لالتقاط صور له على سبيل الذكرى. وعلى الاعلان يوجد حاكما مصر وتونس المخلوعين، مبارك وبن علي الى جانب ملكي الاردن والمغرب ورئيسي اليمن والجزائر كرضيعين يحتميان في ظل أبيهما، عبد الله ملك السعودية، وعلمي اسرائيل والولايات المتحدة. "محظور تحفيضهما بالبامبرز العادي فهما معتادان على الذهب الصافي"، كما يسخر الاعلان. ضغينة الجماهير في الميدان موجهة أساسا للامريكيين، الذين يُتهمون بالوقوف خلف النظام العسكري المصري، ولكن تجاه اسرائيل ايضا. ولما كانت صورة الكثير من المتظاهرين تختلف هذه المرة عن صورة شباب 25 كانون الثاني – شعبي وأكثر فقرا، سهل على التحريض وعديم التفكير السياسي العميق – تنتشر بسرعة شائعات وشعارات مناهضة لاسرائيل. "شباب الثورة"، أبناء "جيل الفيس بوك" الذين أسقطوا نظام مبارك، يرون كيف تُختطف الثورة الديمقراطية المنشودة من أيديهم. شباب آخرون، متحمسون في معظمهم، وسعوا أمس الهجوم العنيف على وزارة الداخلية المصرية، في هامش ميدان التحرير. المواجهات بين المتظاهرين المسلحين بالحجارة، الزجاجات الحارقة (وحسب بعض الشهادات التي لم تتأكد بأسلحة قليلة ايضا) وبين رجال قوات الامن، انتشرت الى شوارع اخرى حول بؤرة التوتر الرئيسة – شارع محمد محمود. فتك بالشرطي المصري سيارات اسعاف وخدمة متطوعين من راكبي الدراجات أخلوا المزيد فالمزيد من المصابين من ساحة الصدامات. فقد قتل أمس ما لا يقل عن ثلاثة متظاهرين بنار قوات الامن. أمام ناظري نجح الفتيان المتحمسون، معظمهم من تلاميذ الثانوية، في اختطاف شرطي، وما ان رفض هذا تسليمهم سلاحه حتى جروه الى شارع مجاور، يجتذبون خلفهم جموعا مفعمة بدوافع الثأر. وقد تعرض الشرطي لاعتداء بالضرب من آسريه، ولكن تدخل المعتدلين أنقذ حياته. عندما رآني أحد الفتيان أصور ما يجري من بعيد، أمرني بنبرة وحركة مهددة الكف عن ذلك فورا. "يطلقون غاز الاعصاب" لساعات طويلة حاول أمس قادة "شباب الثورة" الذين يمكثون مرة اخرى في ميدان التحرير، اقناع المتطرفين الذين انضموا الى صفوفهم بالكف عن محاولاتهم الاحتلال بالقوة لوزارة الداخلية. "لماذا لا تعفون حياة مصر؟ ماذا تحققون من مقتل الناس؟ هدفنا هو نقل السلطة من الجيش الى المدنيين، وأنتم لا تساعدونا"، حاول أحدهم اقناع مجموعة من المهاجمين، فرت لتوها من قنابل دخان ودموع تطلقها قوات الامن ضد محاصريها. "هم الذين يطلقون علينا"، أجاب بصراخ أحد محادثيه وعيونه مليئة بالدموع. "نحن قد نرشقهم بالحجارة ولكنهم يطلقون علينا الرصاص الحي والقنابل". الجهود المكثفة لاحلال "هدنة" بين الطرفين الصقريين، لخلق هدوء قبل الانتخابات القريبة للبرلمان، فشلت عند المساء. كما ان دعوة شيخ الازهر، المرجعية الدينية العليا في مصر، قوات الامن الى وقف النار على المتظاهرين لم تولد هدوءا. قادة المعارضة الديمقراطية، بينهم المرشح للرئاسة محمد البرادعي، اتهموا السلطات بارتكاب "مذبحة" واستخدام سلاح محظور – بما في ذلك غاز الاعصاب وقنابل الدخان التي نفد مفعولها – ضد المتظاهرين. حركة الاحتجاج في ميدان التحرير وفي باقي المدن المصرية الكبرى، نالت أمس الزخم، في ضوء العدد المرتفع لضحايا عنف قوات الامن. عدد القتلى منذ بدء الاضطرابات يوم السبت يبلغ نحو 50. عدد الجرحى يُقدر بالآلاف بينهم عشرات الضباط، الشرطة والجنود. ومع ذلك، فان الجيش يحرص على عدم اخراج الدبابات الى الشوارع، مثلما فعل في كانون الثاني، في محاولة لتهدئة الخواطر. وأمس انتشرت مرة اخرى دعوات من احزاب سياسية مختلفة لتأجيل بدء الانتخابات البرلمانية يوم الاثنين القادم كونه لا يمكن اجراؤها في "أجواء العنف الحالية". مثل هذه الخطوة ستخدم فقط المتطرفين، بمن فيهم الاسلاميين، الذين يريدون إبعاد الجيش عن ادارة شؤون الدولة.