الرباط / سما / عاد وفد هيئة الوفاق الفلسطيني لارض الوطن بعد اختتام برنامج زيارة العمل الرسمية له و التي امتدت لأكثر من اسبوع للمملكة المغربية الشقيقة بدعوة من المجلس الوطني لحقوق الانسان بالرباط للاطلاع على تجربة هيئة الانصاف و المصالحة المغربية التي عالجت أكثر من أربعة عقود من سنوات الرصاص و الجمر التي شهدتها المغرب منذ الاستقلال عام 1956م حتى العام 1999م و التي شهدت انتهاكات واسعة لحقوق الانسان و أفرزت تداعيات جسيمة على النسيج الاجتماعي المغربي و الحياة السياسية فيه على وجه العموم . و يتكون وفد هيئة الوفاق من نائبي رئيس الهيئة القيادي في حركة حماس د.أحمد يوسف و القيادي في حركة فتح د.أسامة الفرا و أمين سرالهيئة د. جميل سلامة وعضوي الهيئة د.عبد العزيز الشقاقي و نبيه النونو. و أُفتتح برنامج الوفد بكلمتين للمجلس المستضيف و لهيئة الوفاق حيث اكد المحامي محمد الصبار أمين عام المجلس سعادته باستضافة الأشقاء الفلسطينيين من هيئة الوفاق لتبادل التجارب و الخبرات في مجال العدالة الانتقالية وانجاز الوفاق و المصالحة المجتمعية مبينا أن المغرب حكومة و شعبا يضعون كافة امكانياتهم و تجربتهم الغزيرة في هيئة الانصاف و المصالحة التي عالجت عشرات الآلاف من ملفات الانتهاكات الجسيمة لحقوق المواطنة السياسية و الاجتماعية و الثقافية ...و غيرها في متناول الاخوة الفلسطينيين لتجاوز محنة الانقسام طرفهم ومعالجة آثاره مشددا على بناء مجتمعات جديدة تقوم على التنوع و احترام كرامة و حقوق الانسان . من جانبه ألقى د.أسامة الفرا كلمة الهيئة حيث أكد فيها على عمق العلاقات التاريخية بين الشعبين و القيادتين في المغرب و فلسطين موضحا ان الشعب الفلسطيني قد أثخنته أثار الانقسام و أن التوجه الفلسطيني العام الحالي يتجه نحو انجاز المصالحة و الشراكة السياسية بين فتح و حماس و كافة قوى شعبنا و أن هيئة الوفاق تسعى لدراسة تجربة المغرب المبدعة و المتميزة للاستفادة منها و توظيفها لتطبيق المصالحة الفلسطينية باعتبارها التجربة الأولى في المنطقة العربية. و تضمن برنامج الوفد الزائر العديد من ورش العمل و اللقاءات التعريفية بالمجلس الوطني لحقوق الانسان الجهة الرعية و الحاضنة لهيئة الانصاف و المصالحة و متابعة مقرراتها و توصياتها من ناحية النشأة و الاختصاصات و الصلاحيات و لقاءات تفصيلية مع الوحدات و الشعب الادارية المكونة لها ، و مدخل عام حول العدالة الانتقالية على ضوء التجارب المقارنة و مبادىء الامم المتحدة ، كما قُدمت عروض مماثلة حول هيئة الانصاف والمصالحة التي أُنيط بها المعالجة الفعلية لعقود طويلة من الانتهاكات شملت الاختطاف القسري و الابعاد و الاعتقال السياسي و التعذيب و النفي و الفصل من الوظيفة العامة و الحرمان من ممارسة الحقوق السياسية و الثقافية و النقابية...الخ ، و أيضا حول تجربة هيئة التحكيم المستقلة للتعويض و التي سبقت تأسيس هيئة الانصاف و المصالحة وأشتمل البرنامج التكويني أيضا على فلسفة الهيئة و مذهبها في مجال جبر الاضرار المادية و المعنوية و نطاق و منهجية و طرق التحريات في اطار الكشف عن الحقيقة و عرضا أخر حول جلسات الاستماع العمومية و الخاصة و للشهود الكبار وأيضا حول التاريخ و الأرشيف و الذاكرة و كذلك عرضا حول مقاربة النوع الاجتماعي و دور المجتمع المدني و الضحايا و عائلاتهم في مسلسل المصالحة . و نُظمت للوفد لقاءات عمل رسمية مع البرلمان المغربي بفرعيه مجلس النواب و مجلس المستشارين و مع وزارة حقوق الانسان و مع مؤسسة الوسيط الحكومية و مع وكالة بيت مال القدس التابعة لمنظمة التعاون الاسلامي التي يترأسها العاهل المغربي الملك محمد السادس و نقابات المحامين ....و غيرها من المؤسسات الرسمية علاوة على الجمعيات المغربية الداعمة للشعب الفلسطيني و قضيته العادلة . و قدم د.جميل سلامة أمين سر الهيئة عرضاً في البرلمان المغربي عن مسيرة هيئة الوفاق الفلسطيني منذ مخاض النشأة حتى تاريخه مبينا انها جاءت ترجمة لارادة شعبنا الفلسطيني الطامح لطي صفحة الانقسام الدامي بعد احداث حزيران الدامية التي أعقبت الانتخابات التشريعية الثانية و التواق لمعالجة الاثار المؤسفة لذلك من قتل و جرح و اعاقة و حرق و تدمير و تهجير مشددا على خيار الشعب الفلسطيني في الوحدة و بناء نظام سياسي جديد قائم على التعددية السياسية و الفكرية و الشراكة السياسية بين كافة القوى السياسية بعيدا عن الاقصاء و التهميش و التفرد مشيدا بالتحولات الديمقراطية التي تشهدها المغرب و التي تشكل نموذج الهام للفلسطينيين لتعزيز تجربتهم و خياراتهم الوطنية. و في كلمة الهيئة امام لجنة القدس المنبثقة عن منظمة التعاون الاسلامي بالرباط أكد د.سلامة أيضا أن هيئة الوفاق الفلسطيني و التي تضم ممثلين عن كافة الفصائل و الأحزاب الفلسطينية و مؤسسات المجتمع المدني و المستقلين تعكس صورة مصغرة عن الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وتقدم نموذج فلسطين الغد الجديدة التي يتوق لها الفلسطينيون داعياً منظمة التعاون الاسلامي ولجنة القدس لجعل ملف الوفاق الفلسطيني في صدارة اجندتيهما و ان تربطهما علاقة شراكة حقيقية مع الهيئة . و في كلمته الختامية لبرنامج الزيارة أكد نائب رئيس الهيئة د.أحمد يوسف على عمق التجربة المغربية وأهميتها مبديا اعجابه و وفد الهيئة بها مطالبا بتعميمها في المنطقة العربية كاداة لتحقيق السلم المجتمعي و نزع فتيل الاحتقان الداخلي الذي أوصل العديد من البلدان الى حالة صراعات داخلية استنزفت طاقات الشعوب و الاوطان على حساب تعزيز الاستقلال و التنمية الوطنية موضحا ان هيئة الوفاق أعدت خطة تمهيدية للمصالحة المجتمعية في فلسطين و ان هذه الخطة سيتم اثرائها و تطويرها في ضوء الاستفادة التي حُققت من دراسة التجربة المغربية و نتائجها الايجابية و أكد د. يوسف أن الهيئة ستشكل لجنة وطنية للمصالحة المجتمعية كقاعدة انطلاق لوحدة الصف الفلسطيني و اعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني سواء على مستوى السلطة أو منظمة التحرير. من جانبهما أكد عضوا الهيئة د. عبد العزيز الشقاقي و نبيه النونو على نجاح زيارة وفد الهيئة و تحقيق النتائج المرجوة و الاستفادة الكبيرة من آليات العدالة الانتقالية التي طبقتها المغرب سيما في انصاف ضحايا الانتهاكات و جبر الاضرار التي لحقت بهم متمنين تطبيق التجربة في فلسطين مع مراعاة الخصوصيات لكل بلد .