لجنة تريختنبرغ، التي نشرت أمس استنتاجاتها، نجحت في عمل المستحيل؛ فقد أوفت بوعودها وأصدرت تقريرا كبيرا ومثيرا للانطباع يعنى بمجالات عديدة، في غضون خمسين يوم عمل فقط. يدور الحديث عن تقرير جدي من جهة لا يستسلم لنزعة التزلف للشعب، ولكن من جهة اخرى يوصي القيادة بتغييرات مركزية في الاقتصاد. الموضوع الاول والهام الذي حسمه تريختنبرغ يتعلق بمصير الميزانية والعجز. رغم الضغوط العديدة من خارج اللجنة ومن داخليا ايضا، فان الميزانية لم تخترق والعجز لم يوسع. من الصعب الاستخفاف بأهمية هذا القرار وذلك على خلفية الازمة في اوروبا وفي الولايات المتحدة. هناك بالفعل بالغوا في النفقات. هناك بالفعل رفعوا الدين العام. وكانت النتيجة ركود، بطالة وخطط تقليص وحشية تنفذ الان. خير أننا لم نعلق في مثل هذا الوضع. لقد نجحت اللجنة ايضا في اقناع رئيس الوزراء بالحاجة الى تقليص ميزانية الدفاع كي يكون هناك مصدر يمكن أن ينقل منه المال الى التعليم والعمالة. وبالفعل، توصي اللجنة بتشريع قانون للتعليم المجاني للصغار، ليوم تعليم طويل وفرض قيد على مستوى الدفعات للحضانات النهارية الخاصة. هذه خطوات في الاتجاه السليم، ستخفف ايضا على الازواج الشابة للخروج الى العمل. في مجال الضريبة، قررت اللجنة رفع الضريبة المباشرة على أصحاب الاجر العالي وعلى الشركات. والمال الذي سيشغر سيستخدم لمنح نقاط استحقاق من الضريبة الى الاباء العاملين، لزيادة المنح في اطار ضريبة الدخل السلبية وتخفيض الجمارك على منتجات الاستيراد مثل منتجات الصناعة والالكترونيات، منتجات الزراعة المصنعة. هذه خطوة هامة ستشجع المنافسة وتؤدي الى تخفيض غلاء المعيشة. من أجل السماح بالمنافسة من خلال الاستيراد، ستعالج ايضا محظورات الاستيراد التي تشكل اليوم حواجز ترفع جدا أسعار كل المنتجات في الاستيراد. وعليه، فواضح أن توصيات اللجنة ستصطدم بمعارضة شديدة من جهات عديدة. أرباب الصناعة سيكافحونها وكذا المزارعون، الهستدروت ولجان العاملين. هكذا بحيث أن كل شيء منوط برئيس الوزراء. على بنيامين نتنياهو أن يقف في وجه كل الضغوط ويقر توصيات تريختنبرغ في الحكومة وفي الكنيست وفي هذا سيختبر.
