خبر : الشيخ القرضاوي... لماذا؟ ...باسل ناصر

الإثنين 18 يناير 2010 12:22 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الشيخ القرضاوي... لماذا؟ ...باسل ناصر



أثير في الآونة الأخيرة موجة إعلامية حول الشيخ القرضاوي على  الساحة السياسية والإعلامية الفلسطينية. يعلم الجميع أن الشيخ القرضاوي شخصية إخوانية تاريخية وهو بالتالي لابد أن يكون من أشد مناصري حركة حماس والتيارات والحركات الإخوانية على الساحة العربية والفلسطينية، ومن المستبعد والحال هذه أن يكون أكثر تعاطفا مع حركات علمانية أو يسارية من الحركات والمؤسسات الدينية والاخوانية. وهذا لابد أن يكون مفهوما من قبل خصوم الشيخ القرضاوي السياسيين والدينيين، والاختلاف سنة من سنن الحياة ويعتبر الشيخ القرضاوي من أكثر علماء الدين إيمانا بالاختلاف وتعدد الرؤى ووجهات النظر. كما ويعتبر الشيخ القرضاوي رمزا كبيرا من رموز الاعتدال الديني وله الكثير من الفتاوي الميسرة مما أحدث تحولات مهمة في علم الفقه والشريعة الاسلاميين وهو ما يحمد عليه مقارنة بتيار التشدد الديني والذي يؤذي أصحابه الاسلام والمسلمين أكثر مما ينفعوهم. ويشهد للشيخ القرضاوي مواقفه المؤيدة للقضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني وإن كان هناك تعاطفا متميزا مع حركة حماس وهذا كما ذكر آنفا لا يجب أن يكون مستهجنا أو مرفوضا. ولكن وفي الوقت نفسه هل يجوز للشيخ القرضاوي أن يطالب بجلد قمة الهرم السياسي الفلسطيني، حتى وإن اختلف معه سياسيا أو تعارض معه في موقف سياسي معين. لقد أخطأ الشيخ يوسف القرضاوي عندما قال بأنه يتوجب جلد الرئيس محمود عباس في الكعبة حتى وإن كان هذا الحكم مشروطا بموقف معين كما يقول البعض. الشيخ القرضاوي يعتبر رمز من رموز العالم العربي والأمة الاسلامية حتى وإن اختلف معه الكثيرون، وبالتالي عليه أن يمارس دورا أكثر توازنا وأقل انحيازا ويمتد دوره لإصلاح ذات البين بين الخصوم ليس الفلسطينيين فحسب وإنما الحكومات والأنظمة العربية وسوف يلاقي دوره ترحيبا من الجميع ويعزز كذلك من منزلته ومكانته في مختلف الأوساط. فهذا خير له من أن يحسب نفسه على تيار بعينه وتبني مواقف هذا المحور الإقليمي أو ذلك الحزب او التنظيم او الجماعة. لقد أخطأ القرضاوي بموقفه من الرئيس عباس وكان يمكن تصحيح الموقف ببيان توضيحي يصدر عنه وتنتهي المسألة، ولكن يبدو أن المعادلة السياسية الفلسطينية والعلاقات العربية الحالية وموقف القرضاوي منها لم يسمح له بالقيام بهذه الخطوة المهمة لحسابات كثيرة يعلمها هو وغيره من أصحاب الشأن والمتابعين. ومن زاوية أخرى ما كان يجب أن تشن هذه الحملة الإعلامية على الشيخ القرضاوي ووضعه مع المحتلين في خندق واحد، بل كان يفضل أن يتم التعامل بحكمة ورقي إعلامي وسياسي مما كان سوف يؤدي بالشيخ القرضاوي إلى وضع يضطر معه للعود عما صدر عنه من إساءة بحق الرئيس الفلسطيني محمود عباس. ما حصل منزلق ما كان يجب الوصول إليه بأي حال، لكن يبدو أننا العرب ما زلنا تأخذنا الحمية ونتصرف بتسرع ونهوى التصعيد ونعالج الخطأ بخطأ وخاصة عندما يتعلق الأمر بموضوع عربي داخلي. كلنا أسود على بعضنا. للأسف.