ديفيد هيرست يكشف كواليس صفقة الهدنة التي قبلتها "حماس"

الأربعاء 08 مايو 2024 05:18 م / بتوقيت القدس +2GMT
ديفيد هيرست يكشف كواليس صفقة الهدنة التي قبلتها "حماس"



لندن/سما/

كشفت الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، كواليس موافقة حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" على مقترح الوسطاء لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

وقال هيرست نقلا عن مصادر لديهم اطلاع على تفاصيل المفاوضات التي تجرى في كل من القاهرة والدوحة، بأن وفد حركة حماس كان متواجداً في القاهرة منذ بعض الوقت، وكانت هناك ورقة مبدئية قدمت حماس ملاحظاتها عليها، وذلك ما فعله الإسرائيليون أيضاً. ولكن لم يحصل اتفاق. فقررت حماس سحب وفدها.

وأضافت المصادر أن وفد حماس كان في المطار عندما خرجت مصر بعرض وافقت الحركة على مناقشته.

ولاحقا، انتقل وفد الحركة إلى العاصمة القطرية الدوحة الأحد الماضي، ثم أعلنت حماس أنها سوف تعقد اجتماعاً الاثنين للنظر في العرض المقدم إليها من قبل الوسيطين المصري والقطري.

ولحق مدير المخابرات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) بيل بيرنز بوفد حماس من القاهرة إلى الدوحة، وذلك بعد أن كان قد مكث في القاهرة ليومين. وكان يتوقع منه أن يسافر إلى إسرائيل، ولكنه أخر مغادرته بانتظار رد حماس الذي كان متوقعاً يوم الاثنين.

ثم أُدخل تعديلان بسيطان على نص الوثيقة التي أرسلها المصريون إلى وفد حماس أثناء وجوده في المطار، لكنه اعتبر التعديلات غير أساسية من أجل التوصل إلى اتفاق. ولقد اطلع موقع "ميدل إيست آي" على كلتا النسختين.

دور واشنطن

في تلك الأثناء، انتاب القلق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشأن ما قد يفعله المصريون والقطريون بوجود بيرنز في عاصمتي البلدين.

وقال نتنياهو إن إسرائيل سوف تمضي قدماً في العملية في رفح بغض النظر عما إذا كان هناك اتفاق حول تبادل الرهائن والسجناء أم لا.

ثم جاء قرار الحكومة الإسرائيلية بإغلاق قناة الجزيرة مؤشراً آخر على رفض إسرائيل ليس مجرد العرض الأخير وإنما كذلك دور الدوحة كوسيط. ولكن بقيت الأسئلة قائمة حول دور واشنطن في مقترح الصفقة التي أرسلتها مصر إلى حماس أو حول علمها بها.

"إن النسخة الإنجليزية من العرض، والتي وردتني، تنص بوضوح على أن ضامني الاتفاق هم قطر ومصر والولايات المتحدة والأمم المتحدة"، بحسب هيرست.

ناهيك عن توقيع الولايات المتحدة على الصفقة التي أقرتها حماس يوم الاثنين، وبحسب المصادر فإنه "لم يكن بيرنز يقضي إجازة في القاهرة يتردد على نواديها الليلية أو في الدوحة من أجل السباحة فيها".

وتفادى جون كيربي، الناطق باسم مجلس الأمن القومي، الإجابة عن السؤال، ولكنه قال: "يمكننا أن نخلص إلى القول بأن رد حماس جاء نتيجة أو ثمرة لهذه المباحثات المستمرة التي كان المدير بيرنز جزءاً منها".

ولكن كيربي مضى ليقول إن الولايات المتحدة كانت تقلب النظر في رد حماس، كما لو أن العرض الذي وقعت عليه لم يقدم إليها من قبل الحكومتين الوسيطتين، مصر وقطر – وكما لو أن تواجد بيرنز في القاهرة والدوحة كان بصفته مراقباً لا أكثر.

بروز الانقسامات

عندما جاءت موافقة حماس على النسخة الأخيرة، كان لذلك وقع الصدمة على إسرائيل. كان الجميع يتوقع رفض حماس لها. أما رفض إسرائيل فلم يكن ليفاجئ أحداً.

إلا أن المفاجئ في الأمر كان الدور الذي لعبته الولايات المتحدة في صياغة الصفقة التي رفضتها إسرائيل.

بعد تنقلات بيرنز المكوكية بين القاهرة والدوحة، لم يكن الاتفاق الذي جيء به "رداً مقابلاً" كما قال أحد المصادر لهيرست، "بل كانت تلك ورقة مصرية قطرية، مع الإدراك التام بأن الولايات المتحدة دعمتها من خلال وجود بيرنز شخصيا".

وبحسب ما نقلته وكالة أسوشييتد بريس الأمريكية، قال مسؤول مصري ودبلوماسي غربي إن النسخة التي قبلتها حماس تضمنت فقط "تعديلات بسيطة في الصياغة" مقابل النسخة التي دفعت بها الولايات المتحدة قبل ذلك وسعت للحصول على موافقة إسرائيل عليها، وإن التعديلات أدخلت بالتشاور مع بيرنز، الذي أقر النسخة قبيل إرسالها إلى حركة حماس.

قد يفهم من ذلك وجود انقسامات داخل الإدارة الأمريكية، حيث تؤيد المخابرات الأمريكية صفقة ما لبثت عناصر أخرى في إدارة بايدن أن تراجعت عنها بعد أن رفضتها إسرائيل.

أياً كان الأمر، كما قالت المصادر لـ هيرست، فإن حماس لا تعتبر ذلك مشكلتها.

وتابع: "أخبرني أحد المصادر بأن هذه لم تكن النسخة من وقف إطلاق النار التي كانوا يريدونها. بل لقد قدموا تنازلات حتى يصلوا إلى ذلك، ولا يقلقهم أن تفشل هذه الصفقة".

وصدر عنه تحذير واضح مفاده: "إذا لم يتسن حل هذه المشكلة، فقد تتخذ حماس قراراً بعدم المشاركة في أي مفاوضات إلى أن يتحقق وقف إطلاق النار. فحماس على استعداد للاستمرار في القتال، إلى أن يدرك الإسرائيليون أن عليهم أن يوقفوا إطلاق النار".

إن الشيء الذي لم تتوقف عنده للتعامل معه بشكل معلن لا حكومة الحرب الإسرائيلية ولا واشنطن هو ثقة حماس بأن لديها القدرة على المضي قدماً في هذه الحرب. لو كانت حماس بحق محشورة في الزاوية، ولم يتبق لها سوى بضع كتائب في آخر معقل لها، أي في رفح، فلماذا تتصرف بكل هذه الثقة؟ فها هي مستمرة في ضرب الأهداف الإسرائيلية، حيث قتلت أربعة جنود وأصابت آخرين بجروح خطيرة في منطقة معبر كرم سالم يوم الأحد الماضي.