خبر : السيد أردوغان ..لست وصيا علينا ! ...بقلم: زياد ابوشاويش

الثلاثاء 09 أغسطس 2011 09:37 ص / بتوقيت القدس +2GMT
السيد أردوغان ..لست وصيا علينا ! ...بقلم: زياد ابوشاويش



رئيس وزراء تركيا العتيد رجب طيب أردوغان أطل علينا بوجه مكفهر رسم عليه علامات الجد والكبر ليقول أن صبره قد نفذ وأن بلاده لن تستمر في صمتها إزاء ما يجري في سورية وأنه سيرسل وزير خارجيته الثلاثاء ليبلغ القيادة السورية رسالة حازمة من حكومته تجاه ما أسماه قمع السلطات السورية لشعبها وأنها أي تركيا لن تقف مكتوفة الأيدي إزاء الأذى الذي يلحق بالشعب السوري الذي وصفه أردوغان بالقريب والصديق...الخ.   حسناً فعلت الرئاسة السورية حين كلفت السيدة بثينة شعبان الناطقة باسم الرئاسة السورية لترد على هذه التصريحات بالقول أن سورية ستسمع المبعوث التركي كلاماً أشد حزماً إن تجرأ أوغلو على الحديث بما لا يخص تركيا في الشأن الداخلي السوري.   الحقيقة أننا تابعنا عن كثب تطورات الموقف التركي إزاء عديد من القضايا العربية، وكنا نشجع ونشكر تركيا ورئيس وزرائها على مواقفهم الداعمة للقضية الفلسطينية والحقوق العربية على هشاشتها وقلة تأثيرها الحقيقي على مجريات الصراع مع الكيان الصهيوني الذي ما زالت تربطه علاقات وطيدة مع تركيا على غير صعيد وخاصة العسكرية والأمنية والاقتصادية.   احترمنا موقف أردوغان حين غادر مؤتمر دافوس احتجاجاً على حديث رئيس الكيان الصهيوني شيمون بيريز ورأينا فيه رداً أفضل من موقف جامعتنا العربية الذي مثله بشكل مخزي في حينه السيد عمر موسى أمين عام الجامعة آنذاك. هتفنا للرجل ورحبنا به أينما حل وارتحل قبل أن يبدأ في الانحناء أمام الضغوط الأمريكية الإسرائيلية لإعادة علاقات بلاده مع العدو الإسرائيلي إلى سويتها السابقة، وهكذا بدأنا نلحظ ذلك بعد تسوية الخلافات الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على سفن الدعم التركية لتخفيف الحصار عن غزة وقتل عدة مواطنين أتراك متضامنين دون أن تعتذر حكومة تل أبيب أو تقدم تعويضات. لم ندن السلوك التركي والتمسنا لهم ولرئيس وزرائهم العذر، لكننا لم نتوقع أن تصل الجرأة بالسيد أردوغان ليتصور نفسه وصياً علينا وعلى قضايانا فيصرخ ويهدد القيادة السورية والحكومة بأن صبره على وشك النفاذ، لأن هذه لغة تهديدية لا يجوز استعمالها بين دول غير صديقة أو جارة فما بالك بالجارة الأقرب والدولة التي ترتبط معها تركيا بعشرات الاتفاقيات السياسية والاقتصادية والثقافية وما يختزنه التاريخ من أواصر القربى بين الكثير من أبناء الشعب السوري ومواطنين أتراك في عدة مناطق تركية من بينها لواء الاسكندرون الذي تحتله تركيا منذ سبعين عاماً ونيف.   كان يمكن فهم أن يقول السيد أردوغان أنه يشعر بالقلق إزاء الخسائر البشرية وغيرها مما يقع في البلد الجار سورية كما يفعل عادة الزعماء المتزنين تجاه أزمات كبيرة وتهم بلادهم، أو أن يقدم مقترحات للتهدئة ويدعو إليها كما يفعل الحلفاء وهو الذي قال أن بلاده حليف استراتيجي لسورية ذات يوم، لكن أن تنتفخ أوداجه بكلمات أتاتوركية تذكر بأيام الاستعمار التركي البغيض فهذه فجاجة غير مقبولة تحت أي مبررات أو شعارات.   يجب أن يعلم السيد أردوغان وغيره من قادة الدول أن ما يجري في سورية هو شأن داخلي يتدخلون فيه بقدر ما تسمح به الأعراف والقانون الدولي والعلاقات الدبلوماسية، وليسوا أحرص على أمن سورية وحياة شعبها من الذين يعيشون بها وليتركوا سورية تطبب جروحها وتعالج أزمتها بالطريقة التي يراها الشعب السوري والقيادة السورية مناسبة وتلبي حاجة الشعب، ومن يملك وسيلة لدفع الحل السلمي وتجنيب السوريين القتل والاشتباك فليتفضل باقتراحات منطقية ومتوازنة.   هناك ملاحظات على أداء الحكومة السورية فيما يخص معالجة المشكلة الراهنة وهذه يتناولها المعارضون والمؤيدون بشجاعة وبشفافية بحثاً عن أفضل الحلول ولابد من وضع حد لكل هذا الدمار والفوضى والقتل، لكن هذه الملاحظات على أداء الدولة والحكومة لا تلغي وجود مجموعات مقاتلة ترفع السلاح في وجه الحكومة وتقاتلها وتقتل من جيشها وشرطتها بطريقة وحشية انتقامية يقع ضحيتها أناس أبرياء يلتزمون أوامر قادتهم.   كان على السيد أردوغان توخي الحذر وهو يتناول الشأن السوري، ويكفي أنه سجل على نفسه وبلده إيواءها للمعارضين السوريين ومؤتمراتهم التي اتسمت كلها بالعداء للقيادة السورية وللحل السلمي للصراع وكذلك متاجرته باللاجئين السوريين الذين اضطروا لدخول تركيا هرباً من العنف الذي طال مناطقهم خلال الفترة السابقة.   تركيا بلد جار وصديق لسورية وتجمع البلدين أواصر كبيرة وتاريخية ومن الأفضل للدولتين وللشعبين التزام الاتفاقات الموقعة واحترام سيادة كل بلد على أرضه وشؤونه الداخلية، ولا داعي أن يذكرنا السيد أردوغان عبر تصريحات فوقية وغير متوازنة بالماضي الأليم للاستعمار التركي العثماني لبلادنا، ومن المستحسن أن لا يرسل وزير خارجيته إن كان سيبلغ سورية بهذه التصريحات الاستفزازية.   Zead51@hotmail.com