خبر : المشير طنطاوي رئيساً لمصر؟..زياد ابوشاويش

السبت 25 يونيو 2011 08:26 ص / بتوقيت القدس +2GMT
المشير طنطاوي رئيساً لمصر؟..زياد ابوشاويش



حين تدخل في متاهة البحث والتحليل حول ما يجري في مصر وأين تتجه الأمور ستجد نفسك أمام مجموعة من الأحجيات والفرضيات المختلفة والمتناقضة أحياناً، فعلى سبيل المثال فإن عنواناً كالذي نكتب تحته مقالنا يثير عدداً من ردود الفعل عليه، معظمها عفوي يرفض هذا الاحتمال ولا يرى إمكانية لحدوثه بل يصل الأمر حد تأكيد أن رئيس الجمهورية لن يكون من المجلس العسكري الأعلى من الأساس وأن هذا المجلس لا يجرؤ على تعيين أو ترشيح أحد أعضائه بسبب خوفه من ردة فعل الجماهير.  هذا الرأي يتبناه عامة الناس بأغلبيتهم الكبيرة وقد استطلعت شخصياً آراء البعض في عدة أماكن وعلى مدار ستة أيام من وجودي في القاهرة فوجدت هذه الأغلبية واضحة لا مجال للخطأ في تقديرها، غير أن نفس هذه الأغلبية لا ترى في المجلس العسكري سوى امتداد لنظام حسني مبارك، وهي بهذا تحديدا لا تختلف عن رؤية الأقلية ممن قالوا أن احتمال ترشح طنطاوي أو أحد أعضاء المجلس العسكري أمر وارد، بل وصل الأمر بأحد الأصدقاء وبناء على معلوماته للقول أن طنطاوي سيترشح وينجح و"يقش الورق كله".  الأمر المهم في موضوع حكم العسكر من عدمه يرتبط بأمرين حاسمين للتحليل والاستنتاج، الأول يتعلق بالتحول والإصلاح وتحقيق أهداف الثورة التي تعني إنهاء النظام القديم واستبداله بآخر جديد الأمر الذي لم يحدث حتى اللحظة، وربما يمكن فهم أسباب ذلك ربطاً بغياب البديل القادر على حكم مصر حتى اللحظة، والحزب الوحيد الذي يمكنه لعب دور المجلس هو حركة الإخوان المسلمين وما يمثلون لكن هؤلاء يلتزمون بما اتفقوا عليه مع الأمريكيين والمجلس العسكري نفسه وهو اتفاق يلزمهم بنسبة معينة في مجالس الحكم كلها بدءا من مجالس المدن والمحافظات وانتهاء بمجلس الشعب والحكومة، ناهيك عن رئيس الدولة الذي لا مجال لهم فيه وأيضاً بناءً على الاتفاق المشار إليه.  الثاني إمكانية عودة مصر للعب دورها المركزي في الوطن العربي والإقليم وهو أيضاً مطلب الأمة والشعب المصري ولم يتم تحقيقه ولا يرجح حدوثه طالما بقي العسكريون على رأس السلطة رغم بعض التحسن في أداء السياسة الخارجية لمصر بعد رحيل أبو الغيط الذي مثل أسوأ وزير خارجية في تاريخ مصر.  يقول لي  صديق بموقع المسؤولية في حديث هاتفي طويل أن مصر لا زالت تغلي وأن النار ما زالت تحت الرماد وأن الأمن مفتقد بدرجة كبيرة وأن الداخلية لا تعمل بنصف طاقتها بل أقل من ذلك بكثير.  الأمر المؤكد من خلال مشاهداتي اليومية وجود نسبة كبيرة من الصحة في حديث صديقنا المسؤول، فلا شرطة في الشوارع وحتى رجال المرور محدودي العدد ولا يملكون القدرة على ضبط الشارع، ولولا أن مصر تعودت على نمط من السلوك والعادات في شوارعها المزدحمة لحدثت ألف مشكلة كل يوم في شوارع وسط القاهرة المكتظة بالناس بطريقة غير طبيعية.  هنا لابد أن نقر أن التشاؤم يمكن أن يمسك بتلابيب المرء يعززه ازدياد حدة الخطاب السلفي وظلاميته وانتشار أفكاره بين الشباب على نطاق لم نعهده بمصر في أي وقت مضى.  جوهر ما نريد قوله في تناولنا لعناوين الوضع المصري يرتبط بالتنبيه لوجود خطر حقيقي على مآل الثورة ونهايتها التي نحلم بأن تكون مظفرة، هذا الخطر لا يرتبط فقط بإغواء السلطة الذي يمكن أن يحرف مسار المجلس العسكري ويشجعه على البقاء خاصة إن استمرت الأوضاع الراهنة على ما هي عليه، بل إن الخطر الحقيقي هو ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية من نشاطات متنوعة في جمهورية مصر العربية لا تبدأ بالتجسس ولا تنتهي بالرشاوى التي تقدمها لمنظمات المجتمع المدني وبعض وسائل الإعلام وما بينهما من ضغوطات وإغراءات للمجلس العسكري مباشرة أو عبر حلفائها الخليجيين.  إن الجهة الوحيدة التي تعرف ما تريد من مصر ولها مخطط تحقق فيه برنامجها السياسي والاجتماعي لوقف التغيير والإصلاح بمصرهي أمريكا واستطراداً العدو الصهيوني.  يقول العارفون ببواطن الأمور أن الدولة مرشحة لأخذ أشكال مختلفة وأن سيرورة الثورة باتت غامضة وطريقها بلا ملامح محددة، وقد دخل على خط التدجين والكبح جملة قوى متباينة الشكل موحدة المضمون منها بل أكثرها خطراً قفز بعض المهاجرين العائدين لركوب الموجة ويحملون في غالبيتهم الجنسية الأمريكية، بل الثقافة الأمريكية.  يمكن للشعب أن يغفر للمجلس العسكري قصة الاستفتاء على مواد الدستور الثمانية بدل تغييره كلياً كما كان الثوار يطلبون وكما شكلت لجنة لهذا الغرض في حينه، ويغفر كذلك قصة الإعلان الدستوري بمواده أل 62، كما يمكن للمصريين أن يغفروا للإخوان المسلمين اتفاقهم السري مع الأمريكيين، ويغفر قصة إنجاحهم للتعديلات بدل الاستبدال وتأييدهم بمظاهرات علنية لما يقوم به المجلس العسكري، لكن الشعب المصري لن يغفر لهذين الطرفين تحديداً إضاعتهم لكل منجزات الثورة بالبقاء في نفس المربع وترسيخ النظام القديم بوجوه جديدة.  الشعب العربي في مصر بمسلميه ومسيحييه لم يقدم الشهداء ولم يجلس في الشوارع على امتداد ثمانية عشر يوماً تحت خطر الموت من أجل رحيل مبارك وزبانيته على أهمية ذلك، بل فعل كل شيء وضحى وقدم النموذج الأفضل للثورة على امتداد حقب طويلة من الزمن من أجل مصر وحرية مصر ومن أجل عودة مصر لموقعها الريادي في المنطقة والعالم، كما من أجل حرية أبنائه ومستقبلهم، والأهم كرامتهم.  الوضع صعب ومعقد وخطير كما أسلفنا لكن الذين صنعوا ثورة كانون ثاني (يناير) قادرين على المضي قدماً حتى تحقيق النصر المؤزر ووضع حد قطعي مع نظام التبعية والفساد السابق دون إراقة قطرة دم واحدة.