خبر : رحل القائد أبوعنتر..إبراهيم أبو النجا

الجمعة 24 يونيو 2011 05:11 م / بتوقيت القدس +2GMT
رحل القائد أبوعنتر..إبراهيم أبو النجا



كم كان المشهد ثقيلا على النفس ، محدثاً مساحة كبيرة من الحزن ، تحجرت الدموع في المآقي ، وذرفت غالية على فقيد غال.عندما يبكي الصغار والنساء والأطفال فهذا ليس مستغرباً ولكن عندما يبكي الكبار فلابد من وقفة تساؤل  :لماذا ؟ وعلى من ؟ في الساعة السادسة من مساء أمس كانت محافظة خان يونس بشكل خاص والكثيرون من محافظات جنوب الوطن يشيعون رجلاً رحل.إنه اللواء أحمد السعدوني "أبو عنتر" رحمه الله .هناك من يكتفي أن يؤتى على ذكره بجملة أو عبارة أو مقالة فتؤدي هدفها في حق إنسان ما .وهناك من يحتاج إلى الكثيرين من حملة الأقلام وفرسان الكلمة ، والباحثين علهم يسلطون الأضواء على تاريخهم لأنه حافل بالعطاء.ودعنا الرجل الرجل بالأمس ليفارق حياة النفاق التي لطالما مقتها لأنها غريبة عليه.ولكن من هو هذا الرجل :في تأبينه، وكان لزاماً علي أن أقوم بذلك لأنه رفيق الدرب ، لأنه الجليس المؤنس ، لأنه عفيف اللسان .لأنه الصادق ، لأنه غير المدعي . لأنه قليل الكلام ولكنه كثير الخصال .ولكن هيهات للكلمة أن تخرج فالعاطفة كانت الغالبة ، والشريط طويل وحافل بالمواقف النضالية والبطولية ، وليس في تاريخ هذا الرجل محطة غير عظيمة أو تخلو من مواقف شكلت جزءاً من الصفحات البيضاء في تاريخ حركته "حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح " الذي التحق بها في سن مبكر أي هو من الرعيل الذي حمل جملة من الهموم ، واضطلع بالعديد من المهام .ولكن كان لزاماً أن أرثي هذا القائد الكبير بكلمات أبكتني وأبكت الحاضرين المشيعين .أبو عنتر : إن شئتم : فقولوا عنه إنه مدرسة الأشبال والفتوة ، فقد خرج أفواجاً تترى ويشهد له بذلك.وإن شئتم فقولوا عنه : إنه رجل الثورة المقاتل الذي امتشق السلاح دفاعاً عن الحق الفلسطيني ، وليثأر لإخوته وأبناء عمومته من الشهداء في مذبحة خان يونس عام 1956 .إن شئتم فقولوا عنه : إنه من اضطلع بمهمة قومية وأخلاقية في معركة التعريب في الجزائر الشقيقة التي أريد لشعبها أن ينسلخ عن أمته العربية الإسلامية ، وشهد له الأشقاء الجزائريون بذلك ، وأثنوا عليه وقلدوه الكثير من الأوسمة عرفاناً له بهذا الدور العظيم .وإن شئتم فقولوا عنه : إنه النقابي الكبير الذي دافع عن حقوق المعلمين الفلسطينيين في الشقيقة الجزائر ، وحقق لهم حقوقاً كاملة .إن شئتم فقولوا عنه : إنه الفدائي والجندي والقائد . فلم ينقطع عن القوات الفلسطينية في أقاصي الجزائر ، بعد حرب 1982 وخروج القوات ونشرها في الدول العربية ، لقد رأى فيه القائد الراحل اللواء زياد الأطرش رحمه الله خير مساعد له ، فأثرى الفكر وجدد المنطلقات الحركية وشدد على المسلكيات الثورية ، حتى عاد لأرض الوطن ليتسلم التدريب والتثقيف والدورات الصيفية ، وفي ثكنات القوات وقائداً في جهاز التفويض السياسي.لم يلهه عن تحريك وتفعيل كل نشاط يتعلق بقضية اللاجئين .كيف لا وهو من جادت قريحته بالكثير عن القضية شعراً ونثراً ، وأغان ثورية ، بهرت سامعيه سواءً في دورات المجلس الوطني الفلسطيني المتعاقبة أو في المناسبات كافة.لقد استطاع أن يحقق تضامناً كبيراً مع قضية اللاجئين تمثل ذلك في استضافة وفود أجنبية عايشوا أهلنا في بيوتهم في المخيمات ، مما كان له كبير الأثر في حشد الأصدقاء الأوروبيين وتوظيف مواقفهم لصالح حق العودة . أو في عملية التوأمة بين المخيمات والمدن الأوروبية .لم أذكر أن راحلنا تمتع بعطلة أو بوقت راحة ... فقد كانت حياته مليئة بالعطاء .إنه الغيور على الوطن والشعب والقضية .تحمل الظلم الذي وقع عليه ، وحرم من كثير من حقوقه ، ولم يتبرم ، ولم يشك ولكن لسان حاله يقول : إن المرحلة ليست مرحلتنا .كان حريصاً أن يشارك في المؤتمر العام السادس وهو عضو فيه . لا لشيء شخصي، ولا ليسلط الأضواء على شخصيته فهو أكبر من ان يعرف ،ولكن ليسمع المؤتمرين لغة الفتح ، ولعل المدعين ، وناكري أدوار المناضلين ، ومن امتهنوا سياسة الإقصاء لأحقادهم ، ولخلو سجلهم من أي وقفة شجاعة أو موقف يعتز به أو حتى يسجل له .لم يسمح له بالمغادرة كغيره من اخوانه المناضلين أعضاء المؤتمر من أبناء قطاع غزة.فض المؤتمر وليته لم ينعقد ، لأن الجميع كان يراهن على الحد الأدنى المتمثل في التأكيد على تاريخ الحركة ورجالها ليكون مرجعية للأجيال الحالية والقادمة في ظل الإصرار على اسدال الستار على هذا التاريخ الحافل والعظيم .كانت لنتائج المؤتمر آثار سلبية على صحة راحلنا الكبير .في أيامه الأخيرة شده الحنين إلى محطة الجزائر عله يجد ما يخفف به عما لحق به من أذى نفسي.في مطار القاهرة وقبل وصوله إلى الجزائر صارع الموت ولكن إرادة الله كانت الغالبة.أبا عنتر : مهما كتبنا ومهما قلنا فلن نفيك بحقك فطوبى لك أيها القائد الذي يصدق فيك قوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ، ومنهم من ينتظر ، وما بدلوا تبديلاً " . صدق الله العظيمأبا عنتر ، أيها القائد : سلام عليك يوم ولدت وسلام عليك يوم استشهدت ورحلت ، وسلام عليك يوم تبعث حيَاً.وعهداً لك أن نبقى أوفياء لتاريخك ولعطائك ، ولما نذرت نفسك من أجله .