خبر : لماذا ينصح البعض بعدم الاستعجال فى تنفيذ بنود المصالحة..عماد عبد الحميد الفالوجي

الخميس 23 يونيو 2011 03:32 م / بتوقيت القدس +2GMT
لماذا ينصح البعض بعدم الاستعجال فى تنفيذ بنود المصالحة..عماد عبد الحميد الفالوجي



كثيرة هي التحليلات التى تناقش الأبعاد والخفايا الحقيقية وراء هذا التباطؤ وعدم الاستعجال المتعمد فى تنفيذ ما تم الاتفاق عليه فى بنود المصالحة الفلسطينية سواء ما يتعلق بتشكيل الحكومة أو البدء فى مناقشة الملفات الأخرى الخاصة بالمنظمة والأمن والصلح المجتمعي وغيرها من القضايا الهامة التى يتوق لترجمتها على أرض الواقع المواطن الفلسطيني حتى نخرج من دائرة الانقسام الى دائرة الانسجام والتوافق الوطني وحتى يقتنع المواطن بأن ما تقوم به القيادة الفلسطينية هو فعلا خطوات إنهاء الانقسام وتداعياته وليس تنظيم وتلطيف الانقسام والتعايش معه , كما أصبح شائعا اليوم بين الكثير من المراقبين والمحللين , فليس من المنطقي أو المعقول أن يستمر الخلاف – أو الإدعاء بذلك – على شخص رئيس الحكومة بالرغم أن كل الخيارات المطروحة قادرة على قيادة هذه المرحلة الانتقالية المحدودة ولا يوجد شخص يمكنه فرض ذاته على المتحاورين وعلى رأسهم الأخ سلام فياض الذي أعلن موقفه بوضوح أنه لن يكون عقبة وسيحترم أي قرار تتوافق عليه الفصائل الفلسطينية , ولكن أصبح واضحا أن هناك من ينصح بعدم الاستعجال فى تنفيذ بنود المصالحة على الأرض لأسباب أصبح البعض يجاهر بها ولو همسا والبعض الآخر يحاول إقناعنا بتلك الأسباب التى ترتقي لمستوى  " تحقيق المصلحة الفلسطينية العليا " كما يعتقد أصحاب هذا الرأي , وأهم ما يطرحونه هو / -     إن أمامنا خلال الفترة الزمنية الضيقة القادمة تحرك سياسي أو معركة سياسية كبرى مع الجانب الإسرائيلي وحلفاؤه فى المنطقة حول استحقاق سبتمبر وترسيخ قيام الدولة الفلسطينية حسب وعد الرئيس الأمريكي باراك أوباما والأجواء الدولية الملائمة والداعمة والمشجعة لهذا التحرك , وفى أسوأ الأحوال هناك تحرك إسرائيلي واستعداد لتقديم عروض قابلة للتفاوض والنقاش يمكن البناء عليها لتحقيق مكاسب على الأرض قد يكون لها صدى على المرحلة القادمة , وحتى تستطيع القيادة استغلال هذه الظروف بشكل كامل وبأريحية مطلقة يجب عدم وجود أي إشكالية داخلية أو تحميل القيادة أي عبء إضافي لأن المرحلة تتطلب التركيز  الكامل لاستغلال هذا المتغير الدولي , وتنفيذ بنود  المصالحة فى هذا الوقت الصعب المزدحم بالأحداث والتحركات والقرارات سيؤثر سلبا على قدرة المفاوض الفلسطيني فى التحرك بتلك الحرية الكاملة التى يتمتع بها بدون المصالحة , لأن بنود المصالحة تنص على المشاركة السياسية فى كافة التحركات السياسية للقيادة الفلسطينية ولن تجد القيادة من بعض الفصائل التفهم والدعم المطلوب لكل تلك التحركات بسبب مواقفها المتنوعة من تلك التحركات إما من الموقف المبدئي من العملية السياسية أو من طريق أسلوب التفاوض أو الموقف من المفاوضين أنفسهم , وهذا سبب وجيه لدى هؤلاء لعدم الاستعجال فى تنفيذ بنود المصالحة ويضعونها بمستوى تحقيق المصلحة العليا للشعب الفلسطيني ويصبح التحرر من عبء المعارضة انجاز ينبغي العمل من أجله والتعايش مع الانقسام مع إجراء عملية تهذيب وفق تلك المصالح مهمة وطنية عليا . -     وهناك سبب آخر هو عدم الجاهزية لدى طرفي الانقسام لدفع فاتورة المصالحة بسبب وجود مشاكل داخلية بين مؤيد ومعارض فى كيفية التعاطي مع المتغير الداخلي بعد أن جنى البعض ثمار سنوات الانقسام , وبرزت لغة المصالح الخاصة لمرحلة ما بعد الانقسام وتوزيع المناصب وكيفية الحفاظ على الغنائم وبالتالي هناك مصلحة مشتركة لعدم الاستعجال حتى لا تنفضح الكثير من القضايا الخافية وتحتاج الى المزيد من الوقت للاستعداد لمواجهتها . -     وسبب مرتبط بالمتغيرات على الساحة العربية – السورية خاصة وكذلك تطور الوضع الداخلي المصري– لازالت غامضة وغير واضحة وتحتاج الى بعض الوقت للحكم عليها وقد يترتب على نتائجها الموقف من التعاطي مع مجريات وتفاصيل المصالحة ما بين التشدد فى بعض البنود أو التساهل حسب ما تقتضيه المصلحة من مجريات الأحداث وهناك البعض لازال لديه بعض الحسابات غير كاملة , وهذا سبب لعدم الاستعجال . -     وكذلك كلما طال أمد تنفيذ بنود المصالحة تطول فترة حكم كل طرف فى مكانه , هناك الوزراء المتضررون من المصالحة لفقدانهم مناصبهم وامتيازاتهم فهم يعملون كل جهدهم على إطالة عمر جولات الحوار وكذلك بعض المسئولين الذين برزت أسماؤهم كمحاورين ويخشون انتهاء مهمتهم بانتهاء جولات المصالحة والحوار , وبالتالي لا مانع من إطالة أمد الحوار .-     يعتقد البعض بأن تنفيذ بنود المصالحة لن يؤثر كثيرا على طبيعة الوضع القائم فى قطاع غزة خصوصا حسب بنود الاتفاق وبالتالي يقول هؤلاء طالما أن الحصار تم إفشاله ومعبر رفح تم إعادة تشغيله وبالتالي الوضع العام فى قطاع غزة يسير نحو التحسن فلن يكون هناك داع للاستعجال فى تنفيذ بنود المصالحة طالما أن الوضع الاقتصادي العام الضاغط قد تم معالجته فى قطاع غزة وهذا الوضع يحقق مصلحة مشتركة لطرفي الانقسام من خلال رفع عبء المسئولية حول الوضع الإنساني العام فى قطاع غزة بأقل خطوات ممكنة . بالرغم من كل ما سبق من أحاديث فإن هؤلاء لا يخفون قناعتهم المطلقة بضرورة تحقيق المصالحة كونها هدف وطني كبير ولكن ليس من الحكمة والمصلحة الاستعجال بها حتى نحقق أكبر مكاسب ممكنة وبدون تعريض السلطة لمزيد من الصعوبات والتعقيدات وعلى رأسها الحصار المالي والسياسي , فلا أحد لديه الجاهزية والقابلية للتعرض لمثل هكذا حصار من أجل تحقيق المصالحة كونها شأنا داخليا يمكن تحقيقه فى أي وقت ترتأيه القيادة الفلسطينية أما العلاقة مع المجتمع الدولي فيجب استغلاله فى وقته لأنه إذا تجاوزناه ليس من السهل تعويضه . كل ما سبق من أطروحات يتناقلها البعض السياسي بشكل أو بآخر ولكن من خلالها يمكننا استقراء بعض أسباب التباطؤ والتلكؤ فى تنفيذ بنود المصالحة .  م. عماد عبد الحميد الفالوجيرئيس مركز آدم لحوار الحضارات