خبر : يُخطئ فياض إذا...؟!.. هاني حبيب

الأربعاء 22 يونيو 2011 11:06 ص / بتوقيت القدس +2GMT
يُخطئ فياض إذا...؟!.. هاني حبيب



رغم كل التجارب المريرة التي عاشتها التجربة الفلسطينية، ودعوات التعلم من الخبرات والتجارب السابقة، والمطالبة بالتقييم والتقويم، إلا أننا وبكل أسف، لا نزال نعيش التجربة الأولى، خاصة عندما يتعلق الأمر بتشكيل الحكومات، فباستثناء حكومات الشراكة، ظلت الخلافات تعطل تشكيل الحكومة لأسباب تتعلق بالتشكيل والتوزير، ما من حكومة تشكّلت وتعطل تشكيلها وتأخر أكثر مما يجب، إلا وكانت أسماء الوزراء هي سبب هذا التأخير والتعطيل، وفي الوضع الفلسطيني، المتشابك والمعقّد، لم يكن العامل السياسي سبباً أساسياً للتأخير والتعطيل، بل بالكاد كان يناقش وعادة ما تتم صياغة بيان الحكومة ببساطة شديدة، أي أنه ليس هناك خلاف سياسي بين الفرقاء.بعد توافق حركتي "فتح" و"حماس" على إنهاء الانقسام، والبدء بالمشاورات لتشكيل الحكومة من مستقلين أكفاء، اعتقدنا أن عقدة هذه الحكومة بعد تشكيلها ستكون اللغة السياسية التي ستخاطب بها الداخل والخارج، غير أننا لا نزال عند المربع الأول، أو حتى ما قبله، إذ إننا لا نزال نقف عند رئيس الحكومة وليس أعضاء هذه الحكومة.وقد ظهر من خطاب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" خالد مشعل أمام مؤتمر الوفاق في القاهرة، أن الحركة باتت أكثر ليونة وتتعاطى بمرونة تدل على الشعور بالمسؤولية الوطنية تجاه إصلاح الوضع الداخلي والخروج من الأزمة المستعصية، وكان يمكن الإشارة والتدليل على ذلك من خلال تسهيل مهمة التشكيل الحكومي، في البداية، وعندما تم طرح ترشيح الدكتور فياض، لم تكن هناك أي إشارة واضحة من قبل "حماس" لرفض هذا الترشيح باستثناء تصريح هنا وآخر هناك، ظناً أن "فتح" والنافذين فيها، هم الذين يعترضون على هذا الترشيح، وهذا صحيح تماماً، غير أن القرار الفتحاوي بترشيح فياض بقوة، وإصرار الرئيس أبو مازن على هذا الترشيح، دفع على ما يبدو لأن تبدي حركة "حماس" تحفظاتها على هذا الترشيح، وقد اعتقدنا أن الأمر يتعلق بصفقة، غير أن الإعلان عن تأجيل لقاء عباس/ مشعل، دون تحديد موعد لاحق، يدلّ بوضوح على أن الخلاف حول التشكيل الحكومي، هو سبب هذا التأجيل.والواقع أن حركة "حماس" ومتنفذي حركة "فتح"، نجحوا في الأيام الأخيرة، في تحميل فياض مسؤولية عقد التشيكل الحكومي، وكأنه يعيق عملية المصالحة، مع أن الرجل ومبادرته حول الملف الأمني، كانت الإسهام الأساسي الذي جعل التوافق على المصالحة أمراً ممكناً، ومع أنه أعلن مراراً أنه لن يقف عقبة أمام أي تشكيل حكومي إلا أن ذلك لم يردع المتنفذين على إرسال إشارات متتالية هدفها تحميل فياض مسؤولية التعطيل.هذه الحالة "المرضية" قد تدفع بفياض إلى التخلي عن إمكانية ترشيحه لرئاسة الحكومة، ويكون بذلك قد دفع دفعاً إلى هذا الموقف الذي يشكل خسارة لا تعوّض، ليس لأن ليس له بديل، بقدر لأن فياض بات مطلباً شعبياً، فقد ظهر خلال الفترة الأخيرة، ورغم محنة الرواتب، أن رضا الشارع الفلسطيني عن أداء حكومته، تجاوز رضا المجتمع الدولي عن هذا الأداء، وبات فياض مطلباً فلسطينياً وطنياً، الأمر الذي لم يحدث مع أي رئيس حكومة سابق في فلسطين وفي دول الجوار العربية وغير العربية.يخطئ فياض إذا تخلى عن مسؤوليته الوطنية بالتخلي عن الترشيح، وهو يخون الجمهور الفلسطيني الذي احتضنه واقتنع بأدائه وكفاءته ووطنيته، خاصة أنه يعلم، كما يعلم كل فلسطيني، أن عقدة التشكيل تتعلق بتعقيدات الوضع الفلسطيني، هذا أولاً، وأن حل هذه العقدة، لن يحل عقداً كبيرة قادمة حتى لو تم تشكيل الحكومة، مخلفات الخلاف الأساسية، ستشهد تطاحناً لن يجعل مسيرة أي حكومة بالأمر اليسير أو الهين، هذا ثانياً، يضاف إلى ذلك، أن النافذين المتمردين، سيحققون نصراً شخصياً، وهذا قد لا يضير أحداً، كونه انتصاراً باهتاً وفخرياً، ولكن ذلك قد يدفع هؤلاء، إلى تكرار تجربة الحقد في مواجهات شخصيات وطنية مرموقة من جديد.. فهل يمنح فياض هؤلاء مثل هذا الانتصار الأجوف؟!وربما يتحمل الرئيس أبو مازن مثل هذا المأزق، فإذا عرفنا أنه مصمم على ترشيح فياض لرئاسة هذه الحكومة، وأن ليس هناك بالنسبة له بديل أو خيار آخر، بدليل فشل اللقاء الذي لم يتم مع مشعل، فهل درجة تصميم الرئيس تعفيه من ضرورة إسكات كل الأصوات النشاز المحيطة به والتي تلعب في السر والعلانية لإفشال هذا التصميم؟!وقد تكون درجة الضغوط النفسية الهائلة، سبباً في خروج فياض من هذه المعركة، تاركاً إياها بقضها وقضيضها للمنتصرين المهزومين في حركة "فتح"، وهو من دون شك امتحان قاس لفياض وللجمهور الفلسطيني المنهك من احباطات التوافق غير المتوافق، إلا أن ذلك لن يحل المشكلة، بل سيخلق مشاكل لا تزال خلف شعار التشكيل، وبالتالي فإن هروب فياض من هذه المعركة، سيسجل ضد مسيرته المفعمة بالنجاح والأمل، والغريب أن هذا الرجل الذي واجه كل الصعوبات والتعقيدات، الإسرائيلية والغربية والفلسطينية الداخلية، قد يضطر إلى الاستسلام أمام هجمة رخيصة منسقة. والواقع أننا نتفهم مواقف حركة "حماس" من هذه المسألة، مع أننا نختلف معها لكن لا يمكن لنا أن نتفهم كيف تصل الأمور بالبعض، لتدمير المعبد بمن فيه، والقصد هنا ومن دون شك بعض المتنفذين في حركة "فتح"؟!Hanihabib272@hotmail.com - www.hanihabib.net