توافق الفلسطينيون على صيغة اتفاق داخلي، يكفل إنهاء حالة الانشقاق الجيو - سياسي، ويضع حداً قاطعاً لأقاويل إسرائيل حول استحالة الاتفاق معهم في ظل حالة الانشقاق.الاتفاق المعلن يمثل مسارات خمسة أساسية، تبدأ بتشكيل حكومة وفاق وطني، تمثل الحالة الفلسطينية وتشكل انعكاساً، دون أن تكون فصائلية، بل توافقية، وتلعب دوراً مؤسساتياً وإدارياً دون أن تكون سياسية.هناك تفهم من الفصائل، حول صيغة هذه الحكومة ودورها، والجميع متفق على ضرورة تشكيل حكومة، لا تسبب حصاراً على الفلسطينيين ومجتمعهم.هناك موافقة من حركة "فتح"، على صيغة هذه الحكومة، وهناك موافقة وتصريحات شديدة الوضوح من قادة في حركة "حماس"، حول ضرورة تشكيل حكومة لا تكون سبباً في الحصار.الشأن السياسي، ليس شأناً حكومياً، وملفات السياسة والمفاوضات والتوجه للأمم المتحدة، هي ملفات سياسية، تنجز بالتوافق والتشاور، وتكون بيد الرئيس، كممثل سياسي للجميع، دون استثناء. سبق لإسرائيل، أن رأت في صيغة التوافق الفلسطيني خطراً يهدّدها، وبالتالي سارعت إلى حجب الأموال الفلسطينية (الضرائب) عن الفلسطينيين، أعادتها على مضض، كما ورأت الولايات المتحدة الأميركية، في المصالحة ما يعيق عملية السلام! وكأن عملية السلام تسير سيراً حسناً، وغير متوقفة بسبب الاستيطان المحموم، الآن، ونحن على أعتاب تشكيل الحكومة التوافقية، والاتفاق على تشكيلها وتسمية رئيسها، عادت الأصوات الإسرائيلية إلى الارتفاع، والتهديد، باتخاذ قرار حكومي إسرائيلي، بحجب الأموال الفلسطينية عن الفلسطينيين، بعد تشكيل الحكومة الفلسطينية التوافقية.. والحجة في ذلك أن إسرائيل، كما بعض الأصوات الفلسطينية، الخارجة عن الإجماع الوطني، تريد حكومة سياسية، حكومة تعلن برنامجاً سياسياً، لا يتعارض مع نقاط سياسية عدة، أبرزها الاعتراف بإسرائيل، وهناك أصوات فلسطينية خارجة عن الإجماع الوطني، تطالب بحكومة كهذه، ومآل ذلك إما الفشل في تشكيلها، وتشكيلها مقابل مقاطعة وحصار.. وفي الحالتين تصب جهود كهذه في قنوات تخريب المصالحة الوطنية، والحيلولة دون قيامها، وترجمتها عملياً في مواجهة استحقاقات سياسية، صعبة وقاسية قادمة لا محالة!ما هو قادم، باختصار شديد، عملية تحدٍّ سياسي، قوامها نقل الملف السياسي الفلسطيني إلى دائرة العمل الدولي السياسي، بدءاً من الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهذا ما يحتاج إلى أداة سياسية فلسطينية موحدة وقادرة على ذلك. وعبر عملية جريئة وشجاعة كهذه، لا بد من تضحيات، بل تضحيات جسام، قد يكون أحد أبعادها حصاراً مالياً إسرائيلياً ومضايقات لا حدود لها، وقد يكون أكثر من ذلك، ويأتي على شكل إجراءات، تمس الاتفاقات الموقعة ميدانياً، علماً أن إسرائيل، من الناحية السياسية تجاوزتها، وقامت بفرض وقائع ميدانية على شكل جدار واستيطان. المعركة القادمة، هي معركة سياسية ضروس، وعلينا أن ننظر إليها، على أنها أحد مفاصل العمل الوطني، وهو مفصل مهم للغاية، إذن ما بعده، سيحدد آفاقاً جديدة!.