في الاستطلاع الذي أجرته وكالة سما الإخبارية قبل حوالي أسبوع تبين أن غالبية زوار هذه الصفحة تؤيد اتفاق الفصائل على تولي سلام فياض رئاسة الحكومة، هذا وسط الجدل المحتدم في حوار القاهرة والعقدة المستعصية على تسمية رئيس الوزراء .مرة سلام فياض وأخرى استبعاد فياض نهائياً ومرة رئيس وزراء من غزة، وغيرها وصل عدد المرشحين إلى تسعة بعد أن كان خمسة، وأخيراً بعد فشل وفدي الحوار في الاتفاق سيصل بعد غد الرئيس الفلسطيني ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس لحسم التسمية التي فشلت الوفود في الاتفاق عليها وإن كانت الحكومة ورئاستها هي الملف الأسهل في عملية المصالحة كلها فكيف سيكون الأمر على باقي الملفات الشائكة مع المستوى الذي يقدمه وفدا الحوار العاجزان عن حسم هذا الأمر البسيط.المهم أن بعد غد سيشهد على ما يبدو الإعلان عن الاتفاق على رئاسة الحكومة الموحدة التي استهلكت حوالي شهر ونصف الشهر من الحوارات ويبدو أن الشهر ونصفاً الماضية كانت فترة تمهيد جعلت من فياض المرشح الأوفر حظاً والذي قد يعلن اسمه بعد غد كفائز في التصفيات السياسية وهناك عدة مؤشرات لذلك غير تلك التي تعلن تمسك الرئيس عباس بالدكتور فياض كمرشح وحيد للحكومة.المؤشرات الأهم صدرت عن حركة حماس والتي تبشر بذوبان جليد ممانعتها لتولي رئيس الحكومة في الضفة الغربية حكومة الوحدة الوطنية وهي من يمتلك فيتو كبيراً على التسمية، ففي البداية أعلنت الحركة أنها تناقش بانفتاح كل الأسماء المطروحة وليس لديها اعتراض على اسم محدد، ثم كان المقال الذي نشره الدكتور أحمد يوسف وكيل وزارة الخارجية والذي اعتبر فيه أن سلام فياض هو الأكثر كفاءة لترؤس الحكومة وأعاد التأكيد على ذلك في حديث لإذاعة صوت فلسطين معتبراً أن رئيس حكومة الضفة الغربية هو القادر على قطع الطريق على الإسرائيليين لتعطيل عمل الحكومة المقبلة، والدكتور يوسف أبرز الشخصيات الليبرالية في حركة حماس ولكن إلى حد ما يعتبر قائد الاستطلاع السياسي لدى الحركة.ثم جاء تصريح نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق بأن الحركة تريد حكومة لا تتم محاصرتها من العالم ومقبولة من الغرب ويدرك السيد أبو مرزوق أن حكومة برئاسة فياض قد تنطبق عليها تلك الشروط.لا يعتقد أن هناك، حسب المؤشرات الصادرة عن الحركة، معارضة كبيرة على تسمية فياض ولكن حركة حماس لا تستطيع الإعلان عن ذلك أو طرح فياض كمرشح، فالحركة وإن أرادت ذلك فهي تحتاج إلى من يساعدها أمام الرأي العام على تمرير موافقتها، تحتاج إلى أن تبدو أمام ضغوط كبيرة لقبول فياض للنزول عن شجرة الممانعة التي حملت لواءها طوال السنوات الأربع الماضية.أحد مسؤولي "حماس" في القاهرة ربما قالها صراحة في اتصال هاتفي لأحد الأصدقاء إن المشكلة ليست لدى حركته لكن مسؤولي "فتح" لا يتوقفون عن انتقاد فياض في اللقاءات الخاصة في القاهرة وتبدو أنها ليست معنية به وأن الأخيرة تتحدث في اللقاءات عكس ما تعلنه على الملأ، هذا يعني أن حركة فتح لا تفعل ما هو مطلوب لمساعدة "حماس" على القبول بفياض رئيساً للحكومة.لكن الرئيس عباس يدرك أن حساسية الشهور القادمة بثقلها السياسي الذي لا يحتمل رئيس وزراء تستطيع إسرائيل من خلاله أن تقود دعاية سياسية مضادة للفلسطينيين ويدرك أن رئيس الوزراء الذي عمل معه لأربع سنوات ساعد ذلك في بناء جدار من الثقة مع العالم لم تستطع إسرائيل أن تنفذ من خلاله، وبدت الرواية الفلسطينية أكثر مصداقية من الرواية الإسرائيلية لأول مرة بعد أن احتلت دعاية إسرائيل لعقود قلب وعقل العالم. وقد بدأت إسرائيل بالتجهيز لحملتها الدعائية ضد المشروع الفلسطيني في أيلول، فالرئيس يقف أمام أشهر حساسة بالمعنى السياسي وقد يتأثر مشروعه حد الانكسار فيما لو تم اختيار رئيس وزراء للحكومة لا يحظى بذلك التأييد الدولي الذي يحظى به فياض، فالأمر بالنسبة له لا يحتمل المراهنة بالإضافة إلى تجربة الأخير في بناء المؤسسة التي هي بحاجة إلى أشهر أخرى لاستكمالها حسب خطته.حكومة برئاسة سلام فياض قد تهيئ لعملية الانتخابات بمهنية وحيادية أعلى باعتبار الرجل خارج التنافس بين الفصيلين الكبيرين الذي قد تنزلق أية حكومة على رأسها أحد كوادرهما إلى الانحياز واستغلال المؤسسات لصالح أي من الطرفين ما قد يفجر خلافاً قد يؤثر على إجرائها الذي لا نعتقد أن هناك مصلحة للأطراف باجرائها.إذن هناك توافق غير معلن بين الرئيس وحركة حماس على اختيار رئيس حكومته ليترأس الحكومة وإن اعترض بعض أعضاء حركة فتح الذين اختلفوا معه خلال الفترة السابقة لكن قوة فياض بدت كبيرة من خلال دعم الرئيس عباس غير المحدود له، هذه القوة ستمكن أبو مازن من فرض مرشحه على المعترضين من حركته.ربما أن لقاء الثلاثاء سيعطي لحركة حماس ما كانت تحتاجه لتعطي موافقتها على ترؤس سلام فياض للحكومة لتبدو أمام جمهورها أنها لم تقبله لولا لقاء القمة وإصرار الرئيس عباس وقد اضطرت لتقديم تنازل بعد وصول عقدة رئاسة الحكومة إلى عنق الزجاجة فتقدمت بمسؤولية وطنية عالية ودفعت ثمناً كبيراً من أجل الوحدة وهذا ربما يمكنها من تحسين شروط التفاوض لصالحها في ملفات أخرى أكثر تعقيداً من ملف الحكومة وأكثر أهمية.من مصلحة حركتي فتح وحماس التوافق على الرجل لرئاسة الحكومة للمرحلة القادمة والتي تنذر بتصادم سياسي فلسطيني إسرائيلي قد يدفع إسرائيل لمزيد من عقاب الفلسطينيين وأوله ما صرح به قبل أيام يوفال شتاينيتس وزير المالية الإسرائيلي بوقف التحويلات المالية للسلطة، فإن توقفت الرواتب وتأثر الاقتصاد مع مصادفة رئيس حكومة قريب من إحدى الحركتين سيؤثر عليهما في الانتخابات القادمة فيصبح حينها فياض المسيح المنتظر في الانتخابات وقد يستدعيه الناس خلالها فيصدق حينها الاستطلاع العفوي لوكالة سما.... فهل سيتم التآمر على فياض ليترأس الحكومة... يبدو أن الأمور تذهب بهذا الاتجاه..... يومين وسنعرف...!!! Atallah.akram@hotmail.com