الاستخدام المتهكم الذي مارسه السوريون على الفلسطينيين في يوم النكسة في هضبة الجولان يعود كالسهم المرتد الى وجه الرئيس الاسد. فالرئيس السوري لا يوجد فقط في شهر هو الاكثر حرجا لحكمه، حيث أن رؤساء الطائفة العلوية بل وحتى ابناء عائلته الاقربين بدأوا يرون فيه عنصرا يعرض للخطر استمرار سيطرتهم في سوريا، ففي الساحة الفلسطينية أيضا ترتعد الارض من تحت اقدامه. ففي أعقاب أحداث يوم النكسة يتبين شرخ بينه وبين الفلسطينيين في مخيمات اللاجئين في سوريا، والتي كانت حتى الان احدى الفئات السكانية الاكثر ولاءا للرئيس. مخيم اليرموك للاجئين هو احد مخيمات اللاجئين الكبرى في الشرق الاوسط. يوم الاثنين، حين وصلت جثامين نحو عشرين من سكان المكان ممن قتلوا في يوم النكسة، وبدأت تتدفق القصص عن الشكل الذي قتلوا فيه، انتشر الغضب في كل ارجاء المخيم. غضب العائلات الثكلى وسكان المخيم لم يوجه نحو اسرائيل بل نحو من بعث بهؤلاء الشباب الفلسطينيين الى الحدود الاسرائيلية – رجال الجبهة الشعبية لجبريل. المنظمة الفلسطينية القديمة هذه معروفة كذراع مباشر للحكم السوري، او للدقة للمخابرات السورية، والهجوم عليها كالهجوم على ممثلية رسمية لنظام الاسد. هذا بدأ بمشادات لفظية. فقد هاجمت العائلات ممثلي جبهة جبريل الذين حضروا الجنازات واتهموهم بالخداع وبارسال ابنائهم الى ان يقتلوا عبثا، دون أن انجاز (ثمانية من القتلى لاحقوا حتفهم في انفجارات لحقل الغام سوري قرب القنيطرة). الجلبة اللفظية سرعان ما اصبحت مشادة، تضمنت استخداما للسلاح الابيض والسكاكين، وتطورت الى هجوم على مكاتب جبهة جبريل في مخيم اللاجئين، والذي احرق في نهاية المطاف.في هذه النقطة تدخل نشطاء الجبهة الشعبية ممن كانوا مسجونين سابقا في اسرائيل، ويسكنون بجوار المكاتب. ففتحوا النار نحو المتظاهرين، وحسب التقارير في الصحف العربية قتلوا 14 شخصا واصابوا اكثر من 100. م.ت.ف التي يقف على رأسها رئيس السلطة أبو مازن، أصدر بيانا شجب "للجرائم التي ارتكبت في مخيم اليرموك للاجئين". ولم يذكر البيان صراحة بان الشجب موجه لجبهة جبريل، وذلك لان الجبهة هي في واقع الامر جزءا من م.ت.ف . عمليا صيغ بيان الشجب بحذر شديد خوفا من العار - فلسطينيون يقتلون فلسطينيين. في اليوم الذي اندلعت فيه الاضطرابات في مخيم اليرموك للاجئين، الغى النظام السوري التصاريح التي كانت تسمح بدخول الفلسطينيين الى هضبة الجولان. حواجز عسكرية سورية، توجد على نحو دائم على مسافة 10 – 15 كم من الحدود، منعت الفلسطينيين من الوصول الى المنطقة. احد ما في القيادة السورية استوعب على ما يبدو حجم استيائهم والطاقة الكامنة الخطيرة في استخدامهم حيال اسرائيل.