في خطوة موازية، حيث أن كل طرف يتمسك بمصالحه، نجحت واشنطن والقدس في دفن مبادرة السلام الفرنسية. في مؤتمر صحفي عقدته أمس هيلاري كلينتون مع نظيرها الفرنسي، الن جوبيه، اوضحت وزيرة الخارجية الامريكية بانه "لا معنى لعقد مؤتمر في فرنسا". وحتى قبل هذه الخطوة وجه نتنياهو باريس للامريكيين كي يحصلوا على موافقتهم على المبادرة – فيما كان واضحا لكل الاطراف بانه لا يقبلها. منذ الاسبوع الماضي، حين تلقى من جوبيه تفاصيل المبادرة الفرنسية، عمل نتنياهو مع واشنطن كي يمنع مبادرة السلام، التي مبادئها هي ادارة مفاوضات على اساس خطوط 67 مع تبادل للاراضي، حل الدولتين للشعبين والامتناع عن خطوات احادية الجانب من الطرفين: البناء في المستوطنات أو اعتراف بفلسطين في الامم المتحدة. وكان ينقص نتنياهو عدة أوتاد في المبادرة، مثل القول انه لا يمكن استئناف المفاوضات طالما أن حماس لا تعترف باسرائيل وتهجر الارهاب وغياب القول بشأن الاحتياجات الامنية لاسرائيل في نهر الاردن. "الولايات المتحدة تقود على مدى السنين المسيرة السلمية في المنطقة وليس لهذا بديل"، قال مصدر سياسي في القدس. "وعليه فعلى فرنسا أن تنسق مع الادارة في واشنطن مبادرتها". للولايات المتحدة كانت مصالح خاصة بها في دفن المبادرة. فلم ترغب الادارة في التخلي عن قيادة المساعي لاستئناف المفاوضات وهي تعتقد بان مآل المبادرة الى الفشل بسبب الفوارق الهائلة بين اسرائيل والفلسطينيين. في المؤتمر الصحفي مع جوبيه أوضحت كلينتون بان "لا معنى لعقد مؤتمر في فرنسا يكرس للمسيرة السلمية في الشرق الاوسط اذا لم يكن توافق بين الطرفين للعودة الى المفاوضات، فهذا لن يكون مثمرا". وفي محادثات مغلقة قال الامريكيون لاسرائيل عن المبادرة الفرنسية: "هذا ليس التوقيت. ينبغي الانتظار، والسماح للخطابات بان تترسب وللاطراف بان تستوعب الامور". ومع ذلك، شددت كلينتون على أنه "لا ريب أننا نتفق مع فرنسا حول ضرورة عودة الطرفين الى المفاوضات". وحسب اقوالها: "نحن نواصل اجراء المشاورات مع الطرفين للايضاح لهما بان الوضع الراهن لا يمكن ان يبقى وان عملا احادي الجانب في الامم المتحدة لن يخلق دولة. في نهاية المطاف فان العودة الى المفاوضات منوطة بهما فقط". ومثل كلينتون، اشار نتنياهو في جلسة الحكومة الى التحفظات على المبادرة الفرنسية التي لم تتضمن اشتراطا بالنسبة لاشراك حماس في الحكومة الفلسطينية. "المفاوضات لن تتم مع حكومة فلسطينية نصفها حماس، المنظمة الارهابية التي تسعى الى ابادة اسرائيل. أوضحت لوزير الخارجية الفرنسي بان حماس ملزمة بان تتبنى مبادىء الرباعية"، قال نتنياهو. فجوة اخرى بين الفرنسيين والامريكيين هي أنه خلافا للولايات المتحدة، التي تعارض معارضة قاطعة الاعتراف بدولة فلسطينية في الامم المتحدة، فان فرنسا لا تخفي انها ستفعل ذلك اذا لم تستأنف المفاوضات. وقال الوزير جوبيه ان "قلقنا الاساسي هو ايلول. هذا وضع سيكون صعبا على الجميع". على خفية المبادرة الفرنسية، استدعت الادارة الامريكية اليها ممثلي الطرفين. فقد بعث نتنياهو بمبعوثه المحامي اسحق مولكو ومن الطرف الاخر ارسل رئيس الفريق الفلسطيني المفاوض السابق صائب عريقات والناطق بلسان ابو مازن نبيل ابو ردينة. وادار الممثلون المحادثات، كل على انفراد، مع كبار المسؤولين في الادارة.