خبر : رئيس الحكومة المقبل.. "كمن يتزوج من امرأة حامل"!.. هاني حبيب

الأربعاء 25 مايو 2011 12:38 م / بتوقيت القدس +2GMT
رئيس الحكومة المقبل.. "كمن يتزوج من امرأة حامل"!.. هاني حبيب



في إحدى مداعبات أحد كبار المفكرين الفلسطينيين، استلهم مقولة الرئيس عرفات، إننا شعب "الجبّارين" اقترح هذا المفكر، استبدال مصطلح المناداة: "رفيق"، لدى فصائل اليسار، و"أخ" لدى حركة "فتح" بمصطلح "جبّار" بناءً على هذا التوصيف الذي كرّره الرئيس عرفات في معظم كلماته وخطاباته، وربما توحيد المصطلح يؤدي إلى وحدة أعمق بين مختلف فصائل الثورة الفلسطينية!تذكرت هذه المداعبة، وأنا أطالع القوائم المتعددة، لما زعم أنها تشكيلة الحكومة الفلسطينية الجديدة، قوائم تزاحمت على نشرها وسائل الإعلام المختلفة، خاصة على شبكة "الإنترنت"، تتغير وتتعدل ويتم تجديدها بين دقيقة وأخرى، وأغرقت الصفحات والعناوين والصور، إضافة إلى أخبار من هنا وهناك حين تتحايل بعض الشخصيات لتسويق اسمها في هذا الزحام، ويبدو أن هذه القوائم هي نتاج عبقرية مثل هذه الشخصيات المتلهفة على موقع وزاري فتفرض نفسها "كمرشح" من دون أن يرشحه أحد، أو يفرض نفسه للتداول بحيث يصبح، "مرشحاً سابقاً" إذا لم تطله القائمة الرسمية النهائية، غير أن هذه القوائم هي فن تسويقي مبتكر، حسب أحد الأصدقاء، الذي قال إن بعض هؤلاء المستوزرين، ابتكر قائمة أو أكثر، بعدما انفضح أمر "النشر الفردي" باعتباره شخصياً يتعلق بالأماني ولتذكير ذوي القرار بهذه الشخصية التي ـ على الأغلب ـ تتسمّر بجانب الهاتف وبيدها "الجوال" بانتظار مكالمة الترشيح، بعد افتضاح هذا الأمر، ربما من قبل المرشحين على هذه الطريقة والمنافسين، الأمر الذي أدى إلى ابتداع مثل هذه القوائم، بحيث يحشر المرشح اسمه في قائمة متخيلة، تضم أسماء متداولة، وبحيث يظهر هذا المرشح المزعوم في نطاق هذه القائمة، ولا ينكشف أمره كمسوق لأن القائمة تحوي عدداً كبيراً من المرشحين.وإذا ظل الأمر على هذا الحال، فمن المتوقع أن تستمر القوائم، بحيث تتضمن أسماء كافة أفراد الشعب الفلسطيني، فكل فرد وزير مرشح، وعلى هذا السياق، يمكن استبدال مصطلح "جبار" بمصطلح "وزير" لتبادل النداء داخل المجتمع الفلسطيني في مناطق السلطة الوطنية، وبعد تشكيل الحكومة، يمكن أن يصبح النداء للوزير الفعلي "بمعالي الوزير"، بينما أفراد عامة الشعب، الاكتفاء بمصطلح النداء "الوزير"، وربما يبدأ الرئيس أبو مازن خطابه القادم للشعب الفلسطيني، بالقول: أيها الوزراء، بدلاً من أيها المواطنون!ولعلّ ما أدى إلى هذا "البازار" هو طبيعة تشكيل الحكومة المنتظرة، والفترة الزمنية المتواصلة والفاصلة بين التوقيع على اتفاق المصالحة، وإقرار التشكيل الحكومي، الذي لا تجد له أي مبرر سوى انعدام الثقة، والعجز عن تجاوز الخلافات والملفات العميقة، إضافة إلى أن هذه المصالحة، تعني توافقات صعبة، أدت إلى زيادة عدد الوزارات من 19 إلى 24، والحبل على الجرّار، بهدف إرضاء المزيد من التطلعات الشخصية والحزبية.ولمزيد من الإثارة المجبولة بالسخرية، قال أحد الزملاء معقّباً على "الحراك الوزاري" إن هذه الحكومة هي العجب العجاب، حيث "على رئيس الحكومة أن يتزوج من امرأة حامل"، وعندما أعربت عن دهشتي من هذا الأمر، حاول بصعوبة أن يشرح لي ذلك قائلاً: إن رئيس الحكومة، هو رئيس حكومة مكلف، مكلف بماذا؟ مكلف بتشكيل حكومته، من خلال عدة استشارات وعودة إلى اللجان البرلمانية والفصائل ومنظمات المجتمع المدني، كي يشكل حكومة منسجمة، يكون مسؤولاً عنها، لأنها من اختياره بعد استخراج الأطراف المعنية، وهو، رئيس الحكومة، مسؤول أمام الرئيس وأمام البرلمان، المجلس التشريعي، عن أعمال حكومته، ما يستوجب وبالضرورة أن ينتقي الوزراء تحت مسؤوليته متخذاً كافة الاعتبارات في حساباته، غير أن أمر حكومتنا القادمة، مختلف تماماً. فرئيس الحكومة المكلّف، هو غير مكلّف تشكيل حكومته، فالفرقاء سيسلمونه حكومة "تيك اوي" جاهزة، وما عليه سوى الاقرار بها، لقد وفروا عليه عناء البحث والاتصال وسلموها له جاهزة تماماً، ولا تقبل الاعتراض عليها، مع أنه سيتحمل المسؤولية كاملة عن أشخاصها وأعمالها، وهو في هذه الحال، كمن يتزوج بامرأة حامل.. ترى من يقبل أن يكون رئيساً لحكومة، ثم طبخ وسلخ وزرائها في غيابه ودون استشارته، وهو سيكون في القائمة التي تضم كافة أعضاء حكومته في وقت واحد، من دون أن تتاح له فرصة اختيار من سيعملون تحت إدارته، وبحيث سيظل كل وزير من وزرائه، له مرجع من رشحه وليس مرجعية رئيس الحكومة الذي بدوره سيعود إلى مرجعية الطرف الذي رشحه!ويسأل زميلي هذا: هل فهمت؟ فأجيب بهمهمة تفيد أنني لم أفهم تماماً، فأضاف شارحاً: انظر إلى رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي، وبعد أربعة أشهر من تكليفه، لم يتمكن من إنجاز أول مهمة له كرئيس حكومة، هي تشكيل فريقه الحكومي، ربما "جماعتنا" أخذوا بهذه العظة وهذا الدرس، رغم أنها لا توصف بالاتعاظ من التجربة، كي توفر على رئيس الحكومة الفلسطينية القادم، عناء التشكيل، وأكثر من ذلك، فهي أي جماعتنا، ستسوغ له لدى فشل أية خطة حكومية، بأن فريقه ليس من اختياره أو مسؤوليته طالماً أنه لم يختَره، وبالتالي فهو معفى من المسؤولية سلفاً، وهو في هذا السياق أول رئيس حكومة من نوعه، رئيس حكومة غير مسؤول عن أعمال حكومته، لكن "الجماعة" لا تريد لنا أن يحدث كما هو الأمر في لبنان، وعليه فإنها ستتفرغ لهذا الشأن، حتى لا نقع في مطب البحث والتطويل والاستدراك، الجماعة تمنح رئيس الحكومة وزارة "مقشّرة" وخالصة! وربما يضيف زميلي هذا، أن الجماعة ليس بمقدورها فعلاً التوصل إلى توافق حول رئيس الحكومة وفريقها، وتخشى في حال تكليف رئيس حكومة مكلف فعلاً أن يفرض رؤيته على فريقه، وهنا تقع الطامة الكبرى، إذ تصبح الجماعة بلا عمل وبلا اختراقات داخل الحكومة، وتجربة حكومة فياض لن تتكرر، الفريق الوزاري المنسجم هو ألد أعداء ذوي التطلعات الفئوية الخاصة.. لهذه الأسباب يراد لرئيس الحكومة أن يتزوج من امرأة حامل، هل فهمت الآن.. وسارعت بالإيماء بأنني لم أفهم حتى الآن ما يقصد، فظهرت على زميلي علامات الغيظ قائلاً: ما دمت على هذه الحال.. فأنت مرشحي لمثل هذه الحكومة! www.hanihabib.net – hanihabib273@hotmail.com