استُقبل رئيس الوزراء نتنياهو أمس في الكونغرس بحماسة جارفة. في اثناء خطابه صفقوا له 45 مرة ونهضوا 31 مرة وقوفا على شرفه. وأبدى نتنياهو بعد ذلك ملاحظة على سبيل الدعابة في أنه بالنسبة لبعض السناتوريين الشيوخ فان الجلوس والنهوض المتواترين ليس موضوعا بسيطا. خلافا لمؤسسات التشريع الاخرى في العالم، فان الكونغرس الامريكي يُكثر من عقد أحداث كهذه يكون فيها المنتخبون هم جمهور متحمس ومعانق. مرتان في السنة يظهر الرئيس في الكونغرس، ورغم الخلافات المريرة في الرأي بين الحزبين فانه يُستقبل بهتافات عاصفة. ومع ذلك، فالحماسة التي استُقبل فيها نتنياهو كانت شاذة. وكما هو دارج، فان زوجة رئيس الوزراء دُعيت الى الجلوس في الصف الاول لأحد سطري المدرجات والمخصص لمدعوي الزعيم الضيف. خطاب زوجها رافقته بالنهوض، بالتصفيق، بالابتسام، بل وبالغمزات. عندما ظهرت سارة نتنياهو في المخرج بعد عدة دقائق من الخطاب استُقبلت بالنهوض وبالهتاف من اصدقاء الزوجين ممن أطلقوا القبلات في الهواء ايضا. بعض من اعضاء الكونغرس انضموا الى التصفيق. في الجمهور كان ايضا رؤساء منظمات يهودية مثل ايف فوكسمان، مدير عام العصبة ضد التشهير، مالكولم هونلاين، مدير عام مؤتمر الرؤساء وآخرون. ليس الجمهوريون وحدهم صفقوا وشرّفوه بالنهوض عند كل جملة ذات مغزى بل والديمقراطيين ايضا. في اجمال زيارته الى واشنطن، يُقدر رئيس الوزراء بأنه منع اجترافا في الولايات المتحدة وفي العالم كان سيضع اسرائيل أمام طلب الانسحاب الى حدود 1967 ويُسلم بحكومة فلسطينية بدعم حماس. وهو يشرح بأنه طرح في زيارته "اقتراحا سخيا على الارض" كأساس لاتفاق على الاراضي الاقليمية مع الدولة الفلسطينية. وقصد نتنياهو اخلاء المستوطنات في عمق يهودا والسامرة. حيث قال "بعض من المستوطنات لن تكون عندنا". وهو يتطلع الى ان يترك بيد اسرائيل الكتل الاستيطانية، نقاط ذات أهمية استراتيجية، وعلى رأسها القدس في حدودها البلدية الحالية، التي تتضمن جزءا من الضفة. ومسألة تطلعات عرب اسرائيل للحكم الذاتي طرحها نتنياهو في لقاءاته ايضا. فقد قال ان الاتفاق مع السلطة الفلسطينية على نهاية النزاع سيلزم عرب اسرائيل ايضا. فهم لن يكون بوسعهم رفع أي مطالب لتقرير المصير. حتى اليوم الطلب الاسرائيلي لاتفاق يتضمن انهاء المطالب الفلسطينية لم يتناول غير الحركة الفلسطينية خارج اسرائيل، ولا سيما في سياق مطلب حق العودة. يُخيل ان هذه هي المرة الاولى التي يصدر فيها رئيس الوزراء الاسرائيلي مشكلة عرب اسرائيل الى الخارج، الى البحث مع الفلسطينيين ومع الولايات المتحدة. "الحق الوطني على دولة اسرائيل يعود الى الشعب اليهودي وليس الى أي شعب آخر"، قال نتنياهو في لقاءاته. "لن يكون هناك مزيد من المطالب العرقية". في مسألة ايران شدد نتنياهو على أن الخيار العسكري موضوع على الطاولة. وقد استند الى أقوال بهذه الروح قد قالها الرئيس اوباما، وطرح مثالا على ذلك قرار القذافي، قبل بضع سنوات بوقف المشروع النووي الذي بدأه وذلك خوفا من هجوم عسكري عليه من جانب الولايات المتحدة. وقال نتنياهو: "كلما كان الخيار العسكري أكثر مصداقية ازداد الاحتمال في وقف المشروع الايراني بوسائل سلمية". وألمح لاعضاء الكونغرس بانه اذا لم تعمل أمريكا – فاسرائيل كفيلة بان تعمل. النووي الايراني وصفه بتعابير الكارثة وشدد على أن اسرائيل لن تسمح بمثل هذا الوضع أن يتكرر. واليوم سيهبط نتنياهو في اسرائيل. وبعد الزيارة يفهم بان التنسيق بين حكومته وبين الادارة الامريكية يعاني النقص، ويعتزم ارسال مستشاريه الى واشنطن لتوثيق التعاون مع الادارة. كما أنه لا يعتزم القيام حاليا باي خطوة تجاه الفلسطينيين بل يتوقع أن يقطع ابو مازن قبل ذلك علاقاته مع حماس. هذا هو الشرط الذي يطرحه مقابل الشرط الفلسطيني بتجميد البناء في المستوطنات. كما أنه يتوقع من ابو مازن أن يعلن علنا عن اعتراف باسرائيل كدولة يهودية، وان كان هذا ليس شرطا يطرحه لاستئناف المحادثات.