نال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أمس فرصة استثنائية لعرض رؤيا سلام عادل ودائم لاسرائيل وللفلسطينيين. الملايين شاهدوا محبوسي الانفاس خطابه أمام مجلسي الكونغرس الامريكي. وقد ترقبوا خطابا تأسيسيا، يحطم الطريق المسدود في الخطاب السياسي على التسوية الدائمة ويؤدي الى انهاء النزاع الدموي بين الشعبين. تمنى الكثيرون أن تجرف الرياح الجديدة التي تهب في الاشهر الاخيرة على الشرق الاوسط رئيس الوزراء أيضا نحو مسار جديد. بل في الايام الاخيرة نثرت في محيط نتنياهو تلميحات بان رئيس الوزراء سيعرض "افكارا وصياغات جديدة". بدلا من ذلك شهدنا ذات الرسائل القديمة، الهذر الدعائي، التخويف ورفض الجار. نتنياهو أضاع الائتمان السخي الذي حصل عليه من المضيفين الامريكيين لدحرجة الاتهامات نحو الفلسطينيين ونصب عدد لا يحصى من العوائق في كل واحدة من المسائل الجوهرية. وبدلا من ان يقبل على نفسه المبدأ في أن تقوم الحدود بين اسرائيل والدولة الفلسطينية على أساس خطوط 67، أعلن نتنياهو بان اسرائيل ليست محتلا أجنبيا في يهودا والسامرة. وقد غلف استعداده لـ "تنازلات بعيدة الاثر" بعدد لا يحصى من الشروط التي ليس بينها وبين الواقع أي شيء أو بعض شيء. فقد طلب من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس التخلي مسبقا عن المصالحة مع حماس. وادعى نتنياهو بان ستة رؤساء وزراء اسرائيليين حاولوا الوصول الى اتفاق دائم مع الفلسطينيين، ولكنهم فشلوا، زعما، بسبب رفض الفلسطينيين الاعتراف باسرائيل كدولة الشعب اليهودي. وقد تجاهل كل التفاهمات التي تحققت في الماضي بين اثنين من اسلافه، ايهود باراك وايهود اولمرت، بشأن التقسيم النزيه للقدس، الحل المتفق عليه لمشكلة اللاجئين وبالاساس – تسوية تبادل للاراضي تبقي الغالبية الساحقة من اراضي الضفة الغربية بيد الفلسطينيين. رئيس الوزراء سيعود الى الديار من الولايات المتحدة دون بشرى. وهو يقود اسرائيل والفلسطينيين نحو جولة اخرى من العنف، عزل اسرائيل، في ظل خلاف عميق مع الادارة الامريكية. حان الوقت لان يقول الجمهور الغفير من محبي السلام في اسرائيل كلمته. اسرائيل تستحق زعيما آخر.