خبر : يهدئون الروع../ اطفائي ممتاز../يديعوت

الإثنين 23 مايو 2011 11:17 ص / بتوقيت القدس +2GMT
يهدئون الروع../ اطفائي ممتاز../يديعوت



"من الأفضل معا" هو شعار تم اختياره لمؤتمر اللوبي المؤيد لاسرائيل هذه السنة. "من الأفضل معا" كان التعبير المتكرر في العرض الرائع لصور الفيديو التي دمجت في رمز مشترك أعلام اسرائيل والولايات المتحدة. من الأفضل معا بأمن، في الحرب في مكافحة الارهاب، في السلام. من الأفضل معا عندما تكون السماء صافية، ومن الأفضل معا عندما يكون الطقس عاصف. الشعار أُعد منذ زمن بعيد، كقول مسلم به. ازمة الايام الاخيرة جعلته مشحونا أكثر بكثير، سياسيا أكثر بكثير. وتأتي الرسالة الآن للطرفين: للرئيس اوباما، الذي ألقى خطابا ثالثا في سلسلة خطاباته عن الشرق الاوسط، في المؤتمر أمس، ولرئيس الوزراء نتنياهو الذي بحث عن سلم بأي ثمن للنزول عن الشجرة العالية التي تسلقها في الايام الاخيرة. الى مؤتمر "ايباك"، اللوبي المؤيد لاسرائيل، وصل هذا العام نحو 11 ألف يهودي، رقم قياسي في تاريخ المنظمة بل وربما في عموم المؤتمرات لمنظمات اليهودية في امريكا. و"ايباك" يصبح ليس فقط بارزا بين المنظمات اليهودية بل والأقوى بينها. فجرا، حسب التوقيت الاسرائيلي، سيلقي نتنياهو كلمة في المؤتمر. وسيُستقبل بحماسة هائلة، أكبر بلا قياس من الاستقبال اللطيف الذي استُقبل به اوباما أمس. المشكلة هي انه كلما ازداد عدد اليهود المرتبطين بـ "ايباك"، قلت صلة اليهود في الخارج بالمنظمة، بأهدافها وسياسة حكومة اسرائيل. في الخارج جرت مظاهرة بهيجة جدا ليهود مؤيدين لفلسطين، مع مهرج على الرأس ونحو 200 متظاهر من كل الأعمار خلفه. هم ايضا لا يمثلون حقا باقي يهود امريكا، ولا سيما الشباب بينهم، الذين يبتعدون أكثر فأكثر عن كل اهتمام بالشرق الاوسط، باليهود الذين يعيشون فيه وبالعرب. عشية خطاب اوباما ظهر نوعان من التقديرات. الاول، أن خطاب اوباما سيترافق وهتافات تحقير من شبان متدينين يرتبطون باليمين؛ الثاني، ان اوباما سيحاول أن يلتف بكلام سلس على ما قاله في خطابيه السابقين، في وزارة الخارجية وفي الغرفة البيضوية. التقديران تبددا. باستثناء شاب واحد، أطلق احتجاجا وحيدا على ذكر خطوط 1967 على لسان الرئيس، حظي اوباما بانصات عاطف، تصفيق في كل المقاطع التي طابت لمسامع الجمهور ولصمت في المقاطع التي طابت بقدر أقل. للثقافة الامريكية توجد بضع مزايا تفوق ثقافة السياسة الشعبية لاسرائيل. أما بالنسبة لمضمون الخطاب، فاوباما لم يتجاوز شيئا ولم يُنقص شيئا. فقد بسط مذهبه بكل أجزائه، الأكثر راحة والأقل راحة. وقد برز الامر على نحو خاص بالقياس الى خطابه أمام مؤتمر ذات المنظمة، في ذات القاعة، قبل ثلاث سنوات، حين كان مرشحا للحزب الديمقراطي للرئاسة وخشي ان يكون يوشك على فقدان اصوات اليهود. في ذاك الخطاب أيد بضمان غير محدود كل موقف اسرائيلي. ضمن امور اخرى وعد ان تبقى القدس موحدة تحت سيادة اسرائيل الى الأبد. بعد 48 ساعة من ذلك تراجع. المرشح الذي يتصرف بطريقة اخرى؛ هو رئيس بطريقة اخرى. في خطابه أمس تمسك بكل ما قاله في الايام السابقة (وإن كانت في صياغات أكثر راحة للآذان المؤيدة لاسرائيل، ولا سيما التلميح بشروط الرباعية). فضلا عن ذلك، أوضح بأن حقيقة انه يوشك الآن على اعادة انتخابه لن تدفعه الى طمس جداله مع اسرائيل. وقال ان "الامر الأسهل للرئيس في سنة الانتخابات هو منع كل خلاف. ولكني قلت لنتنياهو: الوضع في الشرق الاوسط لا يسمح بالجمود". وقد وفر للجمهور سلسلة من المبررات لماذا ممنوع التسليم بالوضع الراهن: التغييرات الديمغرافية التي تضع موضع الشك امكانية وجود دولة ديمقراطية ويهودية؛ التكنولوجيا (الشبكات الاجتماعية مثلا) التي تجعل من الصعب على اسرائيل أمنها؛ نشوء جيل جديد في العالم العربي غير مستعد للتسليم باتفاق سلام تم مع زعيم واحد أو مع مجموعة واحدة؛ والتغييرات في الساحة الدولية التي تدفع العديد من الدول في اوروبا وفي امريكا اللاتينية للاعتراف بدولة فلسطينية. حملة عزل اسرائيل تتعاظم. حيال كل هذه الظواهر، يقول اوباما، ملزمون بوضع بديل. والبديل هو مفاوضات جدية، مصداقة. قراره وصف خطوط 1967 – مع تبادل للاراضي – بأنه الصيغة السليمة للاتفاق علله بطريقة مركبة. من جهة، القول لم يكن أصيلا على نحو خاص: رؤساء كثيرون قبله أطلقوا اقوالا مشابهة. من جهة اخرى كان فيه تجديدا ضروريا: لا مفر من القول علنا ما قيل المرة تلو الاخرى في الغرف المغلقة: العالم يتقدم بسرعة شديدة. القرار، كما أجمل اوباما، هو قرار حكومة اسرائيل. الجمهور في القاعة صفق: وقد استنتج من ذلك بأن اوباما لا يفكر بحل مفروض. في المضافة الرئاسية، على مسافة نحو عشرة مبان، لم يصفقوا: هناك لا يحبون اتخاذ القرار كثيرا. فور انتهاء الخطاب نشر مكتب رئيس الوزراء صورا لفريق نتنياهو يجلس ويبحث في الوضع. وبعد ذلك نشر شريط فيديو ايضا. كان أحد ما كفيل بأن يأخذ الانطباع بأن فريق العقول الفاخرة للغاية التي يمكن للشعب الماكث في صهيون أن يُقدمها، يجري مداولات بذات الشكل الذي أجراه فريق عقول الرئيس كنيدي في وقت ازمة الصواريخ في كوبا، في 1962. The best and the brightest. احيانا الصورة يمكنها أن تكذب أكثر من ألف كلمة. نتنياهو أشعل نار التاسع من آب هذه. وقد فعل ذلك عن وعي، بنية مبيتة. قبل أن يصعد الى الطائرة، يوم الخميس ليلا، نشر بيانا عسيرا جدا ضد اوباما. عندما كانت الطائرة تستعد للهبوط في مطار دالاس، قرب واشنطن، صباح يوم الجمعة، جمع الصحفيين الذين رافقوه في رحلته واعدّهم للمواجهة التي ستقع عندما سيتحدث هو والرئيس اوباما الى وسائل الاعلام في الغرفة البيضوية في البيت الابيض. وبالفعل، أوفى بكلمته. ما قاله هناك كان بالتأكيد شاذا في ضوء قواعد اللعب الدارجة في البيت الابيض والعلاقات بعيدة السنين بين الحكومتين. يمكن احترام هذا. فها هو رئيس وزراء يكافح في سبيل ما يؤمن به، في سبيل وجود دولته، في سبيل قدسية المبكى وأمن شعبه، مستقبل مئات الاف الاسرائيليين الذي يسكنون في غيلو ورمات اشكول. توجد لحظات يكون فيها من الواجب الدخول في شقاق مع الاصدقاء، حتى مع رئيس أكبر اصدقائنا.  الجمهوريون قفزوا على الازمة وكأنها غنيمة كبرى. سارة بيلين الصوت الابرز في اليمين الامريكي ظهرت في "فوكس نيوز" ووصفت اوباما كخائن ليس فقط لاسرائيل بل ولامريكا ايضا. وقد استخدمت بيانا أصدره نتنياهو ضد اوباما كسند. آخرون ساروا وراءها كل باسلوبه. نتنياهو فهم بانه خرق قاعدة يحظر على زعيم اسرائيلي أن يخرقها – دخل بين الحزبين الامريكيين في فترة انتخابات. بضائقته، استدعى مقابلة مع وكالة "اي.بي" للانباء. وفي المقابلة اتهم وسائل الاعلام الاسرائيلية باشعال الازمة.  في سلاح الجو في اسرائيل امسك قبل بضع سنوات بضابط كان مسؤولا عن اطفاء النار في احدى الطائرات. وكان للضابط ضعفا واحدا: كان يحب ان يشعل النار ويطفئها بعد ذلك ليحصل على وسام بطولة على انجازاته. يخيل أن نتنياهو هو الاخر جدير، في أعقاب الزيارة، بوسام بطولة. أمس، بعد أن كرر اوباما كل مطالبه، بما في ذلك العودة الى خطوط 67، في خطابه في "ايباك"، نشر فريق عقول نتنياهو البيان التالي: رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اعرب عن التقدير لاقوال الرئيس اوباما امام مؤتمر ايباك. أنا شريك لرغبة الرئيس في دفع السلام الى الامام. أقدر جهوده في الماضي وفي الحاضر لتحقيق هذا الهدف. وأنا مصمم على العمل معه لايجاد السبل لاستئناف المفاوضات للسلام. السلام هو حاجة حيوية لنا جميعا".  بعد يوم – يومين سنفهم جميعنا بان رئيس الوزراء اخضع الرئيس الامريكي. والشيطان سيصبح خرقة بالية. جئت، رأيت، انتصرت – هذه ستكون الرسالة ومن لا يصدق لا يفهم شيئا في التسويق.