خبر : ما هو الوضع القانوني لفلسطين في الأمم المتحدة؟..د. حنا عيسى

الأحد 22 مايو 2011 01:47 م / بتوقيت القدس +2GMT
ما هو الوضع القانوني لفلسطين في الأمم المتحدة؟..د. حنا عيسى



درج الاعتقاد العام برسوخ مذهل على أن القانون الدولي العام يشترط لقيام الدولة اجتماع ثلاثة عناصر على الأقل: الشعب و الإقليم و السيادة أو الاستقلال ولا يبقى الخلاف قائما إلا حول هذه العناصر بالإضافة إلى الجدل بشان الصفة الإنشائية أو المقرة للواقع للاعتراف الدولي. لكن الفحص الدقيق لمسالة ( الدولة) يكشف لنا أن الاعتقاد العام يركز بالأساس على اتفاق الفقهاء و المدارس على العناصر المكونة للدولة بينما لا نجد أثرا يحسم هذه المسـألة بصفة قطعية في إطار القانون الوضعي. ففي حين يذهب الفقيه شارل روسو بشيء من الحذر و الشك إلى انه يبدو إن القانون الدولي الايجابي كرس التعريف التقليدي للدولة تبعا لمكوناتها الثلاثة, ويؤكد العالم تونكين أن الكلمة "دولة"لم يقع البتة تعريفها في أية وثيقة دولية:ولا حاجة إلى تعريفها.أما شبطاي روزان فانه يستشهد بجورج سال قائلا انه "بالرغم من أن القانون الدولي يتعلق بالدول فانه لم يوفق البتة في تعريف مفهوم "الدولة". من ثم فان النظر في الدولة الفلسطينية لا يمكن البتة أن يقتصر على البحث عن اجتماع مكونات الدولة في التعريف التقليدي بل يجب أن ينطلق من الممارسة العملية للدول المنفردة أو في نطاق المنظمات الدولية.ولا نعقتد بان الدول التي اعترفت بفلسطين كدولة هي دول لا تحترم القانون أو تجهله أو تتجاهله بل نجد أن توالي الاعترافات وتعددها وتراكمها ينم عن قناعة بان الدول ليست مجرد اجتماع ثلاث مكونات أقرتها النظريات المتوترة. ولا أدل على ذلك إلا ما وصل إليه هانس كلسن (جامعة بلا كلاي)عندما يقول انه"لمعرفة الدولة دون صبغة إيديولوجية وبالتالي استعباد كل ما هو ميتافيز يقي ورمزي و صوفي ليس هناك إلا طريقة واحدة تتناول هذا الكيان وان تدركها ... كنظام للسلوك البشري". مهما يكن من أمر فان منظمة الأمم المتحدة لم تقيد نفسها لا بشان فلسطين ولا بشان غيرها من الكيانات التي سبقتها في نفس الوضع مثل الهند في البداية و غينيا بساو في السبعينات بالتعريف الفقهي للدولة بل عملت على إقرار ما تأكد في إدراكها وقناعتها لممارستها المتواصلة كلما اعترضتها هذه الحالات. وبحصول القرار 43/177(أ-43/54ل) على أغلبية تعتبر الجمعية العامة على الأقل فيما يخصها, فلسطين دولة. و بإقرارها استعمال (فلسطين) بدلا من تسمية (منظمة التحرير الفلسطينية)دون المساس بمركز المراقب لمنظمة التحرير الفلسطينية ووظائفها في المنظمة تجعل الجمعية العامة من فلسطين دولة مراقبة لا تتمتع بحقوق العضوية في المنظمة. فهي دولة غير عضوية تشارك الدولة غير العضو في أعمال المنظمة غير انه, زيادة على ما يقره المركز القانوني للدولة المراقبة غير العضو في المنظمة تواصل فلسطين, بمقتضى حلولها محل منظمة التحرير الفلسطينية, في تمتعها بما اكتسبته منظمة التحرير الفلسطينية من حقوق المشاركة و التمثيل في المنظمة. وباعتبارها فلسطين دولة في نظر الأمم المتحدة بناء على القرار 43/177(الفقرة الأولى من أحكام القرار)وباعتبارها تحل محل منظمة التحرير الفلسطينية في منظمة الأمم المتحدة دون المساس بمركز المراقب لمنظمة التحرير الفلسطينية ووظائفها ( الفقرة الثالثة من أحكام القرار) تقر الجمعية العامة للأمم المتحدة صفة المراقب لدولة فلسطين المعلنة في 15/نوفمبر /1988): وبالتالي فان فلسطين تتمتع أولا بمركز الدولة غير العضو في المنظمة على مستوى المشاركة و التمثيل و تحتفظ ثانيا بالامتيازات التي حصلت عليها منظمة التحرير الفلسطينية طوال فترة تواجدها بالأمم المتحدة. وبما أن فلسطين تجمع صفتين: صفة الدولة –على الأقل بالنسبة للأمم المتحدة وفي تعاملها معها- وصفة منظمة تحرير وطنية نظرا إلى أنها تناضل لتحرير وطنها- وبتمتيع فلسطين بمحتوى حقوق الصفتين تيسر منظمة الأمم المتحدة تحقيق المبادئ و الأهداف التي انشات من اجلها وخاصة منها حق الشعوب في تقرير المصير وإرساء السلم والأمن على الساحة الدولية.