الدوحة / سما / قال المستشار السابق لرئيس الوزراء الإسرائيلي ديفيد ليفي إن التحركات الراهنة على صعيد مساعي السلام في الشرق الأوسط تهدف إلى تحقيق هدفين ليس بينهما التوصل إلى تسوية مقبولة. وقال ليفي الذي عمل مستشارا لآيهود باراك خلال رئاسته الحكومة الإسرائيلية في نهاية التسعينيات وشارك في محادثات كامب ديفيد آنذاك لصحيفة الشرق القطرية أن خطاب الرئيس باراك أوباما الخميس الماضي “كان مهما في نقطة واحدة هي الإقرار بأن خط 1967 هو مرجع التفاوض حول الحدود المستقبلية بين الدولة الفلسطينية وإسرائيل”. غير أنه أضاف “إلا أن الحديث عن تبادل للأراضي لم يكن محددا بقدر كاف. فالعبارة تقبل كل التفسيرات المحتملة إذ يمكن التمسك بأعداد كبيرة من المستوطنات تحت دعوى التبادل. فضلا عن ذلك فإن تبادل الأراضي لا يحمل ضمنا أي تجريم إضافي لإقامة المستوطنات. كان يتعين في تقديري أن تكون العبارة هي: الإبقاء على الكتل الاستيطانية الكبرى فقط واحترام خط 1967 في كل المناطق الأخرى. فهذه العبارة تحمل معنى ضمنيا بأن إقامة مستوطنات جديدة في الضفة الغربية هو أمر يخرق المبادئ الأميركية من حيث كونه خروجا عن مبدأ احترام خط 1967“. وقال ليفي “لدى رئيس الوزراء نتنياهو الآن هدفان. الأول هو شق التوجه الدولي الجماعي الراهن للاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل. أما الهدف الثاني فإنه شق الصف الفلسطيني مرة أخرى أو إيجاد ذريعة لإسرائيل كي لا تتفاوض مع الفلسطينيين بدعوى وجود حماس التي ترفض الاعتراف بإسرائيل ضمن إطار السلطة الوطنية”. وأوضح ليفي الذي يدعم حل الدولتين “نتنياهو غير مستعد للتوصل إلى اتفاقية سلام. ومهمته الأولى الآن هي كيف يتنصل من مسؤولية إحباط جهود السلام ويضع المسؤولية كاملة على عاتق الفلسطينيين. وقد حقق نقلة نوعية في جهوده بحمل الولايات المتحدة على الموافقة على مبدأ يهودية إسرائيل إذ أن ذلك يجعل من احتمال قبول الفلسطينيين بهذه الصفة امرأ أكثر صعوبة ومن ثم يجبرهم على رفض التفاوض على أساس من هذا المبدأ الذي توافق عليه واشنطن أيضا”. وتوقع المستشار السابق الذي يعمل الآن باحثا رئيسا في معهد “نيو أميركا فاونديشن” أن يعرض نتنياهو موقفا بالغ المرونة في الخطاب الذي يلقيه في الكونجرس في 24 من الشهر الجاري. وفسر ذلك بقوله “إلا أنه سيرفق هذا الموقف بطلب أن تعترف السلطة الوطنية أولا بيهودية إسرائيل بدعوى أنه لا يمكن له التفاوض مع من ينكرون حق إسرائيل في الوجود. وإذا قبلت فتح فقد تم فض الاتفاق بينها وبين حماس وإذا رفضت فإن الجانب الفلسطيني لن يتمكن من حشد التأييد الدولي الضروري للاعتراف بالدولة المستقلة في سبتمبر إذ سيبدو أن إسرائيل توافق على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة شرط أن يعترف الجانب الفلسطيني أولا بحقها كدولة يهودية في البقاء”. وتابع “اعتقد أن نتنياهو يحتاج إلى واشنطن لمنع الفلسطينيين من التوجه إلى الأمم المتحدة. وهذا الأمر يمثل احتياجا ماسا للحكومة الإسرائيلية الحالية إلى حد شجع الرئيس على الحديث عن خط 1967. ويبدو لي أن البيت الأبيض يشعر بأن نتنياهو لن يغامر باستفزاز الإدارة في هذه اللحظة خشية تراجعها عن الضغط على الحلفاء الأوروبيين لوقف توجههم للتصويت بالموافقة على المطالب الفلسطينية في الأمم المتحدة في سبتمبر المقبل. إلا أن هذه المعادلة قد تكون مفرطة في التفاؤل”. وشرح ذلك بقوله “نحن الآن في موسم انتخابي هام للإدارة. والرئيس يركز بلا هوادة على الوصول إلى مليار دولار للمرة الأولى في تاريخ الانتخابات الأميركية كميزانية لأحد المرشحين. وسوف يواجه تعقيدات لا حصر لها إذا لم يكن خطابه المقبل في ايباك وديا للغاية تجاه إسرائيل. لقد عادت العلاقات بين الجانبين إلى الشد والجذب مع بعض التبدل. إسرائيل تحتاج إلى واشنطن في سبتمبر وواشنطن تحتاج إلى إسرائيل في الانتخابات”. وسخر ليفي ممن يعلقون آمالا على التحركات الدبلوماسية المحمومة التي تحدث الآن قائلا “ليس الهدف هو إحراز تقدم حقيقي على درب السلام. الهدف هو كسب معركة الرأي العام التي بدأت إسرائيل تخسرها بسرعة في الآونة الأخيرة. سيتبني نتنياهو موقفا يتسق في ظاهره مع ما يريده المجتمع الدولي ولكنه سيضع عقبات يعرف الإسرائيليون مقدما أن من الصعب على الفلسطينيين عبورها. أن رئيس الوزراء سيقبل باستئناف المفاوضات فورا وقد كان هناك تقارير عن استعداده لتقديم تنازلات درامية حتى في مجال الاستيطان ولكنه سيطلب أولا أن يعترف الجانب الفلسطيني بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية أي أنه سيضمن مسبقا رفض الجانب الفلسطيني لدعوة التفاوض أو فض الاتفاق بين حماس وفتح. انه تكتيك قديم ولكنه فعال”. وتابع “قال الرئيس إن الانسحاب الإسرائيلي يجب أن يكون تدريجيا وموازيا لإجراءات أمنية متصاعدة على الجانب الفلسطيني لطمأنة إسرائيل. ويعني ذلك العودة إلى صيغة الحل التدريجي. ويمكن أن يقبل الفلسطينيون بذلك بطبيعة الحال ولكنهم لن يقبلوا بأن تبدأ المفاوضات دون اتفاق على الخط العام للحدود المقبلة طبقا لما التوصل إليه في محادثات الرئيس محمود عباس ورئيس الوزراء السابق آيهود أولمرت. إن القبول بدخول درب معين يجب أن يسبقه وجود تصور عام عن الهدف من ذلك إذ شهدت العقود الماضية تجارب لا حصر لها دون أية نتيجة عملية. يتعين أولا الاتفاق على المبادئ العامة ومن الصعب أن تجد في واشنطن أي شخص يعتقد أن إسرائيل ستقبل بالمبادئ العامة التي تكفي لإقناع الجانب الفلسطيني بجديتها”.