عبارة اوباما مغزاها (مع أم ضد موقف نتنياهو) بالنسبة للاسرائيليين، المعنى هو العيش في ظل خوفهم من أن يتفجر ابناؤهم في باص أو تطلق الصواريخ نحو بيوتهم مثل الالم أيضا الذي في معرفة أنهم يعلمون اطفالا آخرين في المنطقة على كرههم. بالنسبة للفلسطينيين، المعنى هو معاناة الاهانة من الاحتلال وحقيقة أنهم لا يعيشون في دولة خاص بهم. ألم متساوٍ – اوباما يعرض المعاناة الفلسطينية الى جانب المعاناة الاسرائيلية، بشكل متوازٍ، مثلما سبق أن فعل في خطاباته في الماضي. النشاط الاستيطان الاسرائيلي يتواصل. الفلسطينيون تركوا المحادثات. مسؤولية مشتركة – بهذا القول يوزع عمليا اوباما الذنب في فشل المحادثات بين اسرائيل والفلسطينيين بشكل متساوٍ – ولكنه امتنع أيضا عن المطالبة بتجميد البناء الاسرائيلي. هناك من يدعي بان مع كل التغييرات وانعدام اليقين في المنطقة لا يمكن التحرك الى الامام. أنا لا اتفق. في الوقت الذي تلقي الشعوب في الشرق الاوسط وشمال افريقيا عن كاهلها عبء الماضي، فان القوة الدافعة للسلام الدائم الذي ينهي النزاع ويحل كل المطالب تصبح أكثر الحاحا من أي وقت مضى. العمل، وعدم الانتظار – هذه صفعة رنانة لنتنياهو الذي أعلن في ضوء الاضطرابات في العالم العربي بانه لا يمكن عقد اتفاق مع دول قد تكف عن الوجود. اضافة الى ذلك، في ضوء الاحداث الاقليمية يتخلى عمليا اوباما عن الصيغة التي طرحها على اسرائيل في "خطاب القاهرة" قبل سنتين: اتفاق مع الفلسطينيين مع اعتراف من الدول العربية والتطبيع. أعمال رمزية هدفها عزل اسرائيل في الامم المتحدة في ايلول لن تؤدي الى اقامة دولة مستقلة. لا للاعلان من طرف واحد – الانجاز الاكبر لاسرائيل في الخطاب هو القول الواضح بان الفلسطينيين لن ينجحوا في عزل اسرائيل في العالم ولن ينجحوا في تحقيق اقامة دولة فلسطينية من طرف واحد في ايلول في الجمعية العمومية. رغم أن اوباما عارض هذه الخطوة منذ البداية، في اسرائيل خشوا مع ذلك من أمكانية أن يؤيدها. حلم الدولة اليهودية والديمقراطية لا يمكنه أن يتحقق الى جانب احتلال دائم يربت ويهاجم – نتنياهو يمكنه أن يكون راضيا من تشديد اوباما على ولاء بلاده لاسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. ولكن خلافا لتوقعات نتنياهو لم يضف بانه من أجل ان تدافع عن نفسها من حق اسرائيل أن ترابط قواتها في غور الاردن. يحتمل أن تكون محاولة عناق اسرائيل هي مجرد الجزرة مقابل عصا المطالب والقيود التي تأتي لاحقا. حدود اسرائيل وفلسطين يجب أن تقوم على اساس خطوط 67 مع تبادل للاراضي متفق عليها من الطرفين، بحيث توجد حدود آمنة ومعترف بها للدولتين. عودة الى حدود 67 – نتنياهو كاد يستجدي اوباما الا يتحدث عن حدود 67 حتى لو واصل الحديث عن تبادل للاراضي متفق عليه – ولكن الرئيس الامريكي اراد تقييده. الان نتنياهو في مشكلة: اذا لم يتطرق في خطابه يوم الاحد لحدود 67 سيغضب اوباما، واذا تطرق فسيعرض سلامة ائتلافه للخطر. ضربة اخرى لنتنياهو هي عدم تطرق اوباما للكتل الاستيطانية، ولكن بالمقابل ايضا التوقع الفلسطيني للدعوى الى انسحاب تام الى حدود 67 لم يتحقق هو الاخر. الانسحاب الكامل والمخطط على مراحل لقوات الجيش الاسرائيلي يجب أن يكون مناسبا مع اخذ المسؤولية الامنية الفلسطينية في دولة سيادية ومجردة من الجيش. مدة هذه الفترة الانتقالية يجب أن تكون متفقا عليها، ونجاعة الترتيبات الامنية يجب أن تكون مؤكدة. حدود دائمة، وليس مؤقتة – اوباما يعلن عن أن نتائج المفاوضات يجب أن تكون دولة فلسطينية في حدود دائمة وليس في حدود مؤقتة، الامر الذي وان كان يتعارض مع موقف نتنياهو، الا انه يتناقض والصيغة التي يعرضها اوباما لانسحاب اسرائيلي متدرج. تناقض اضافي في الخطاب هو طلب تجريد الدولة الفلسطينية من السلاح، على ان تكون بالمقابل على ما يكفي من القوة كي تدافع عن نفسها وتمنع الارهاب والتهريب. موضوعان معقدان وحساسان لا يزالان على حالهما: مستقبل القدس ومصير اللاجئين الفلسطينيين. ولكن التقدم الان على اساس مسألتي الارض الاقليمية والامن يوفر أساسا لحل الموضوعين بشكل عادل ونزيه ويحترم حقوق وتطلعات الاسرائيليين والفلسطينيين. لا يستبعد العودة – وان كان اوباما يتبنى الموقف الاسرائيلي في عدم طرح حق العودة كشرط مسبق في المفاوضات، الا انه مع ذلك لا يقبل الطلب الاسرائيلي الصريح بان يتخلى الفلسطينيون عنه. هذا قول اشكالي جدا بالنسبة لاسرائيل – لانه لا يوجد هنا رفض لحق العودة. الاعتراف بان على المحادثات أن تبدأ بمسائل الارض والامن لا يعني انه سيكون سهلا العودة الى طاولة المفاوضات. المسائل الجوهرية لاحقا – اوباما يقرر خريطة طريق جديدة: الامن والحدود الان. وهو يقول انه يجب الوصول بسرعة الى اتفاق على حدود الدولة الفلسطينية والاعتراف باسرائيل، وفقط بعد ذلك الحديث عن المواضيع الجوهرية: القدس واللاجئين. وذلك خلافا لموقف نتنياهو غير المستعد لان يتحدث عن الحدود أولا ويعتقد ان كل المواضيع الجوهرية يجب أن تكون على طاولة البحث بين الطرفين. في الاسابيع والاشهر التالية على الزعماء الفلسطينيين أن يقدموا جوابا مصداقا لهذه المسألة. اشكالية المصالحة – اوباما يقول انه يفهم الاشكالية التي في اتفاق المصالحة بين حماس وفتح، ويتبنى موقف اسرائيل التي لا تريد الدخول في المفاوضات مع جهة لا تعترف بحقها في الوجود. وهكذا ينقل الرئيس الامريكي الكرة الى ابو مازن – ويتوقع منه أن يقنع حماس للاعتراف باسرائيل والتخلي عن الارهاب.