محق وزير الدفاع في أنه لا يتأثر بحقيقة أن "بضع عشرات" من الفلسطينيين تسللوا الى اسرائيل من سوريا و "خرقوا سيادة دولة اسرائيل". كما ان اهود باراك محق في قوله ان الجيش الاسرائيلي لا يمكنه ان يدفع بآلاف الجنود ليرابطوا على طول الحدود لمنع "خرق السيادة". خسارة ان هذا النهج غاب حين هاجمت اسرائيل الاسطول التركي، انه غاب حين كافحت اسرائيل بالكلاب ضد الفلسطينيين الراغبين في "خرق سيادتها" والدخول للعمل في اسرائيل، وهو معاكس تماما للشكل الذي يعمل فيه الجيش الاسرائيلي في الحراسة الدقيقة للاغلاق على غزة. يتبين ان "خرق السيادة" ليس تهديدا وجوديا أو حتى استراتيجي، حسب باراك. في أقصى الاحوال يدور الحديث عن اخفاق استخباري، أُصلح في جزء منه بفضل التفكر الحكيم للقائد الميداني. بالفعل، هذا فهم جدير بدولة لا تجتهد لترسيم حدودها وتعتمد على سياسة فارغة، تفترض ان اسرائيل يمكنها ان تواصل الوجود في حدود مرنة، غير معترف بها، تقطع اراض تعود الى شعوب اخرى. السيادة السياسية تصبح بهذا الشكل ايضا مرنة وغير مطلقة. ولا غرو اذا في انه في تناول أحداث يوم النكبة تم استخدام تعابير مثل "ارهاب"، "تهديد"، "انتشار الجيش الاسرائيلي"، "عدد القتلى والجرحى"، "انتفاضة ثالثة" و"التهديد المرتقب لنا في ايلول". هذا هو القاموس الدارج، والذي تمتشقه الحكومة كلما كانت مطالبة في ان تتقدم بحلول حقيقية لمشاكل أساسية. الحكومة بسهولة شديدة جدا تفرض على الجيش الاسرائيلي بأن "يكون جاهزا لكل سيناريو" وأن يقوم نيابة عنها باتخاذ القرارات السياسية. أحداث يوم النكبة ليست "تذكيرا" ولا "تهديدا"، وبالتأكيد ليست محاولة لتصفية دولة اسرائيل. فهي تعكس المطلب الأساس التاريخي للفلسطينيين بدولة مستقلة، سيادتها معترف بها وفي اطارها تأتي الى حلها ايضا مشكلة اللاجئين. الأحداث تُعبر بشكل مختلف عن المطالب التي تقدمت بها القيادة الفلسطينية على مدى السنين، واسرائيل تملصت منها. ليس الجيش الاسرائيلي هو الذي يفترض ان يُقدم حلا "للأحداث"، بل الحكومة، التي لا تزال يصعب عليها أن تفهم، بأن المرحلة القادمة ليست انتفاضة – بل ضغط دولي وصراع حيال القوى العظمى.