إن المراقب لأحداث 15 مايو في الذكرى الثالثة والستين للنكبة يلاحظ أن فعاليات هذه الذكرى شكلت علامات فارقة وغير مسبوقة في تاريخ الصراع العربي الصهيوني الامر الذي يطرح تساؤلا كبيرا حول امكانية ان تكون تلك الاحداث مقدمة لانتفاضة ثالثة؟. إن اندلاع الانتفاضة الأولى عام 1987 جاء بعد الاتفاق على عقد مؤتمر الجزائر التوحيدي، وجاءت الانتفاضة الثانية عام 2000 بعد وصول الرئيس عرفات في كامب ديفيد إلى قناعة بأن مشوار التسوية مع الاحتلال وبرعاية أمريكية وصل إلى طريق مسدود، هذه الهبة الجماهيرية أطلت علينا بعد توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية وبداية مشوار استعادة الوحدة الوطنية. وهذا يؤكد أن الوحدة الوطنية وإشراك جميع القوى السياسية والمجتمعية شرط هام من شروط استمرار معركتنا من أجل الحرية والاستقلال والعودة. إن المراقب لأحداث ذكرى النكبة الأخيرة يلاحظ أن هذا التحرك الجماهيري الواسع تميز بالتالي: 1. هذا الحراك اندلع في جميع مناطق تواجد الشعب الفلسطيني في الضفة، وغزة، والأردن، ولبنان، وسوريا. وهي المرة الأولى التي يشارك فيها الشعب الفلسطيني في الوطن والشتات بهذا الحشد العارم في نفس الوقت.و لوحظ أن هذا التحرك الفلسطيني في الوطن والشتات جاء ليتصادم مع الاحتلال على الحدود في داخل فلسطين والدول العربية المحيطة بها...طبعاً نحن ندرك أن ربيع الانتفاضات العربية هيأ الأجواء المناسبة للشعب الفلسطيني كي يشارك في مناطق الشتات بهذا الشكل وفي ذات الوقت. 2. من الملاحظ أن الشعوب العربية في سوريا ولبنان والأردن ومصر شاركت بشكل مباشر بهذا التحرك الشعبي، ولم تكن مشاركتها هذه المرة متأخرة عن انتفاضة الشعب الفلسطيني. وقد بدا واضحاً أن دماء أبناء أمتنا العربية امتزجت بالدم الفلسطيني على حدود فلسطين التاريخية وهذا يؤكد وحدة النضال العربي الفلسطيني المشترك، من أجل حق العودة والنضال ضد عدونا الصهيوني المشترك، هذا العدو الذي هو بالتأكيد رأس الحربة لكل قوى الاستبداد والاستعمار والظلم التي تعاني منها الشعوب العربية. 3. أن هذا الحراك الشعبي جاء ليخترق الحدود ويصطدم مع جيش الاحتلال في جميع المواقع في ذات الوقت، لدرجة أنك كنت لا تستطيع أن تميز بين الصورة التي تأتي من مجدل شمس أو مارون الراس والصورة التي تأتي من معبر قلنديا ومعبر بيت حانون، ذلك كله يؤشر إلى وحدة النضال الفلسطيني العربي ضد هذا العدو الصهيوني الغاشم. 4. من الملاحظ أيضاً أن هذه التظاهرات الحاشدة لم تتعرض للقمع بالحجم الكبير من أي نظام عربي أو من الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، مما يؤشر إلى تأثير الحراك الشعبي العربي أو الفلسطيني على السلطات في الوطن العربي. بعد استعراض سمات هذا التحرك الشعبي الواسع، هل لنا أن نعتقد أن ذلك يمكن أن يكون بداية لانتفاضة فلسطينية ثالثة ؟ أم هو يوم من أحداث تمر وتستثمر سياسياً من هذا الطرف أو ذاك؟. نقول، أننا كفلسطينيين وعرب يجب أن نعمل على أن يكون هذا التحرك الشعبي بداية لانتفاضة فلسطينية ثالثة بسمات مميزة ولكي يتحقق ذلك علينا أن نحقق الشروط التالية: 1. استمرار عملية انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية، وإعطائها كل الزخم ووضع الآليات الصحيحة لتحقيقها بأسرع وقت ممكن والانتباه إلى احتمال الانقلاب على الديمقراطية الفلسطينية من قبل حركتي فتح وحماس، وذلك بحماية اتفاق المصالحة وتعزيز الوحدة الوطنية والديمقراطية الفلسطينية برقابة شعبية فاعلة. 2. التواصل مع كل أبناء شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات وبشكل خاص في دول الطوق حتى يستمر هذا الطابع الشعبي للانتفاضة مما يؤكد وحدة الشعب الفلسطيني وتصميمه على تحقيق حق العودة. 3. الشروع فوراً بتشكيل القيادة الفلسطينية الموحدة في الوطن والشتات، التي تشمل كل القوى السياسية والمجتمعية الفلسطينية، بعيداً عن التشكيلات الرسمية الفلسطينية مثل الحكومة التي قد يكون جوهرها المحاصصة والتزاحم على المناصب، فالقيادة الفلسطينية الموحدة يجب أن يكون تشكيلها ومهمتها ثورية نضالية تعمل على تنظيم وتفعيل الحركة الشعبية الفلسطينية في مواجهة الاحتلال. 4. إيقاف كل أشكال القمع ضد أبناء شعبنا الفلسطيني سواء كان ذلك في الضفة الغربية أو قطاع غزة، حتى يستعيدوا ثقتهم بقواهم السياسية والنضال من أجل الوطن ولا شئ غير الوطن أو هدف فئوي آخر. 5. تأمين حماية سياسية لأهداف الانتفاضة الحالية، حتى لا تستغل من أي طرف فلسطيني ضمن تكتيك خاطئ بأهداف محدودة يمكن أن يحققها هذا الطرف أو ذاك، بعيداً عن الهدف الوطني العام. وذلك بالاتفاق على برنامج سياسي يستند إلى وثيقة الوفاق الوطني. 6. التواصل مع القوى السياسية والشعوب العربية لتأكيد أن النضال المشترك ضد العدو الصهيوني رأس الامبريالية في المنطقة هو جزء من نضالنا المشترك من أجل الانعتاق من الاحتلال، والهيمنة الأمريكية والقمع والفقر والجهل. من اجل كل ذلك يجب ان تكون أحداث ذكرى النكبة الأخيرة بداية انتفاضة جديدة حقيقة بسمات جديدة وبأهداف وطنية واضحة نحميها ونصونها ونعمل من أجل استمرارها حتى تحقيق أهدافها. نعم لتكن الدماء التي سالت في ذكرى النكبة دماء مقدسة لا تضيع هباءً، ولتكن ثمناً يدفع من أجل حق العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس. عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين