خبر : مسؤولون وخبراء: انعدام امتلاك السلطة لاحتياطات مالية وضعف الدعم العربي حالا دون تمكنها من دفع فاتورة الرواتب

السبت 14 مايو 2011 10:55 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مسؤولون وخبراء: انعدام امتلاك السلطة لاحتياطات مالية وضعف الدعم العربي حالا دون تمكنها من دفع فاتورة الرواتب



رام الله / سما / أثارت أزمة عجز السلطة عن دفع رواتب موظفيها إثر حجز الحكومة الإسرائيلية عائدات الضرائب التي تجبيها نيابة عن السلطة وتقدر عن الشهر الماضي بنحو 90 مليون دولار، جدلاً واسعاً في أوساط الموظفين والمطلعين على حقيقة الوضع المالي للسلطة. وفي الوقت الذي استهجن معظم موظفي القطاع العام وأطرهم النقابية عدم قدرة السلطة على دفع رواتب الموظفين عن الشهر الماضي، أقر مختصون ومسؤولون بأن السلطة لا تمتلك أي احتياطات مالية تمكنها من سداد فاتورة الرواتب ما لم يلتزم الجانب الإسرائيلي بتحويل العائدات الضريبية إلى خزينتها. وفي أحاديث منفصلة حول هذه الأزمة وسبل الخروج منها، استهل الخبير الاقتصادي الدكتور سمير عبد الله مدير عام معهد الدراسات والأبحاث الاقتصادية "ماس" حديثه بالإشارة إلى الانعكاسات السلبية الناجمة عن تدهور الوضع الاقتصادي وأثر ذلك على إيرادات السلطة التي تأثرت سلبا جراء هذا الوضع الذي عايشته الأراضي الفلسطينية منذ أكثر من ثلاث سنوات. وأكد عبد الله لصحيفة الايام المحلية أنه ليس لدى موازنة السلطة رصيد مالي احتياطي يمكنها من معالجة الأزمة التي نشأت عقب امتناع الجانب الإسرائيلي عن تحويل مستحقاتها المالية. وبين أن السلطة عجزت عن دفع فاتورة رواتب الموظفين عن الشهر الماضي نتيجة لأسباب عدة أبرزها أن ما يتم تحصيله عبر المقاصة من خلال الجانب الإسرائيلي يشكل نحو ثلثي إيرادات السلطة، وبالتالي ما تقوم السلطة بجبايته من ضريبة الدخل والأملاك والرسوم الضريبية المجباة من الوقود والسجائر والخدمات الأخرى لا يفي بتغطية كلفة الرواتب الشهرية التي تشكل نحو 50% من إجمالي النفقات، لذا فإن حجز إسرائيل لهذه الإيرادات حال دون تمكنها من دفعها. وقال عبد الله "السلطة تتصرف في بند النفقات شهراً بشهر وليس لديها احتياطي مالي يغطي فاتورة الرواتب التي تشكل حالياً أزمة للسلطة أمام ما تبذله من جهود حثيثة من أجل توفيرها، إذ من الممكن أن تؤجل السلطة ما هو مترتب عليها من دفعات مالية للمقاولين وموردي مشتريات السلطة أما التزاماتها تجاه الموظفين فمن الصعب تأجيله". ونوه إلى أن السلطة عمدت خلال السنوات الماضية إلى دفع رواتب الموظفين عقب جلسة المقاصة مع الجانب الإسرائيلي الذي تعقد نهاية كل شهر، لذا فإن رواتب الموظفين كانت تدفع خلال الأسبوع الأول من كل شهر. وبين أن قيمة فاتورة الرواتب تقدر حاليا مع انخفاض قيمة صرف الدولار مقابل الشيكل بنحو 140 مليون دولار، لافتا إلى أن السلطة تضطر شهريا للاقتراض من البنوك نحو 30 مليون دولار ليبلغ إجمالي الديون المترتبة عليها للبنوك نحو 800 مليون دولار. ووصف عبد الله احتجاز حكومة الاحتلال للمستحقات المالية للسلطة بالقرصنة، مشيراً إلى أن الجانب الإسرائيلي يقتطع من قيمة هذه المستحقات ثمن فاتورة الكهرباء والمياه ورسوم علاج المرضى الذين يتم تحويلهم إلى المستشفيات الإسرائيلية. وبين أن قرار الاتحاد الأوروبي بدعم السلطة بقيمة 85 مليون يورو يتطلب وقتا كي يتم تحويله إلى خزينة السلطة، مشددا على أن هناك ما يبرر الانتقادات التي وجهت إلى السلطة من قبل أطراف محلية زعمت أن لدى السلطة الأموال الكافية لتغطية رواتب الشهر الماضي، مستندين بذلك إلى ما أثير حول المساعدة المالية الأوروبية "85 مليون يورو". واعتبر عبد الله أن المخرج لهذه الأزمة يكمن في ضرورة إلزام المجتمع الدولي لإسرائيل بدفع هذه المستحقات للسلطة كاستحقاق قانوني يستوجب محاسبة المجتمع الدولي لإسرائيل على إخلالها به وهو منبثق عن اتفاقية دولية. وتوقع عبد الله معالجة أزمة تأخر صرف رواتب موظفي السلطة خلال الأيام القريبة القادمة غير مستبعد في ذات الوقت أن تستغرق الجهود الرامية لإلزام إسرائيل بدفع المستحقات المالية للسلطة بصورة منتظمة فترة زمنية طويلة. من جهته، اعتبر وكيل وزارة المالية لدى حكومة غزة الدكتور إسماعيل محفوظ أن قيام الحكومة الإسرائيلية بحجز المستحقات المالية للسلطة جاء في سياق العراقيل التي يعمد الاحتلال إلى وضعها أمام أي مصالحة فلسطينية، فاتفاق المصالحة أزعج حكومة الاحتلال التي أرادت وضع العقبات في طريقه عبر امتناعها عن تحويل هذه المستحقات. ويتفق محفوظ مع عبد الله في عدم قدرة السلطة على صرف رواتب الموظفين في موعدها نظراً لأنها لم تصل بعد إلى مستوى الدولة التي تتمتع بسيادة تامة على مواردها وبالتالي لا تمتلك السلطة احتياطات مالية تمكنها من الالتزام بدفع فاتورة الرواتب، فهي لا تزال تعتمد على هذه التحويلات والمساعدات الخارجية في تغطية كلفة الإنفاق الحكومي. واعتبر أن معالجة المعاناة التي يتعرض لها الشعب إثر الأزمات المالية أو الاقتصادية التي تلم به نتيجة لممارسات الاحتلال لا تعد مسؤولية السلطة وحدها بل هي مسؤولية الدول العربية والإسلامية المفترض أن تبادر على الفور بتقديم الدعم المالي اللازم لمعالجة هذه الأزمات. وقال "حجز الاحتلال لأموال السلطة جاء لتنفيذ أهداف سياسية ترمي إلى الإبقاء على الانقسام ومعاقبة السلطة على موقفها تجاه اتفاق المصالحة". وبين أن السلطة سواء حكومة الضفة أو الحكومة المقالة عانت منذ سنوات من أزمة الرواتب وإن كانت "المقالة" تغلبت على هذه المشكلة، إلا أن تحكم الاحتلال بأهم إيرادات السلطة حال دون تمكينها من الإيفاء بالتزاماتها تجاه الموظفين الحكوميين. وأشار إلى أن فاتورة الرواتب التي تدفعها السلطة تقدر بنحو 150 مليون دولار للموظفين الحكوميين بشقيهم المدني والعسكري والذين يتقاضون رواتبهم من حكومة الدكتور سلام فياض، في حين تدفع المقالة نحو 20 مليون دولار شهريا لنحو 40 ألف موظف. وشدد محفوظ في هذا السياق على أن الحكومة الجديدة ستكون مطالبة شهرياً بدفع نحو 170 مليون دولار لتغطية فاتورة رواتب موظفيها إضافة إلى نحو 30 مليون دولار كنفقات تشغيلية. وتوقع أن تواصل حكومة الاحتلال ضغوطها المالية على السلطة، مشدداً على ضرورة التوجه للعمق العربي من أجل تفعيل التزاماته تجاه دعم احتياجات الشعب الفلسطيني. وكان رئيس نقابة العاملين في الوظيفة العمومية بسام زكارنة شن هجوماً لاذعاً ضد وزارة المالية واتهمها بهدر المال العام من خلال صرف رواتب بعقود للبعض بقيمة أربعة آلاف دولار وشراء 23 مركبة لوزارة المالية في هذه الظروف، وصرف مبالغ تزيد على 250 مليون شيكل بحسبه خلال الأسبوع الماضي دون مبرر عاجل منها نحو 120 مليون للوزارات كمصاريف نثرية وصرف رواتب موظفي العقود وقضايا أخرى. وقال "أحد البنوك صرف من حساب وزارة المالية 40 مليون في يوم واحد خلال الأسبوع قبل الماضي"، مستهجناً غياب خطة لدى الحكومة لمواجهة هذه الأزمة رغم كل الإعلان عن الجاهزية لإعلان الدولة. وفيما لفت زكارنة إلى أن الاتحاد الأوروبي استعد لتحويل 85 مليون يورو لخزينة السلطة أعرب موظفون عن استهجانهم لتأخر صرف رواتبهم عن الشهر الماضي، منوهين إلى أن كشوف رواتب الموظفين يتم إعدادها منتصف كل شهر، في إشارة منهم إلى أنه تم الانتهاء من تجهيز فاتورة رواتبهم قبل قرار وزارة المالية الإسرائيلية القاضي بحجز مستحقات السلطة.