غزة / سما / أكد رئيس وزراء حكومة غزة إسماعيل هنية استعداد حكومته لدفع الثمن المطلوب من أجل انجاز المصالحة. وأكد هنية في خطابه الذي ألقاه في قاعة مركز رشاد الشوا الثقافي بمدينة غزة, أنه لن يكون رئيس للوزراء في الحكومة المنوي تشكيلها حالياً " حكومة الوحدة الوطنية", قائلاً :" نحن جاهزون كحومة فلسطينية لدفع الثمن المطلوب من أجل إنجاح المصالحة الفلسطينية ". وقدم هنية ثلاث أسباب رئيسية وقفت وراء تأخير المصالحة الوطنية, أولها التدخل الخارجي المتمثل بالتدخل الأمريكي وبعض الدول, إضافة إلى النظام المصري السابق الذي كان الوسيط في إتمام المصالحة, متهماً إياه بأنه لم يكون محايد, وكذلك غياب الإرادة الفلسطينية أحياناً لتحقيق المصالحة لسبب أو لأخر. وأشار هنية إلى أن حركته كانت تسعى خلال سنوات الحوار السابقة لتأمين عدة أساسيات لتحقيق المصالحة, عبر الإتفاق على برنامج سياسي وطني يتوافق عليه الجميع, معتبراً أن التباين السياسي هو أحد الخلافات في الساحة الفلسطينية, وقال هنية :" البرنامج السياسي يجب أن نتفق عليه لإيجاد صيغة موحدة لإقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة ". أما الأساس الثاني فهو تكوين مرجعية مركزية متفق عليها لا تكون بديل عن منظمة التحرير, وإنما أن نقوم بإعادة تفعيل وهيكلة منظمة التحرير لتكون الجامع الفلسطيني وتشارك فيها كافة الفصائل الفلسطينية لتوحيد السياسات والخطوات التي تلي المواقف. وفي الأساس الثالث قال هنية :" نتطلع إلى شراكة سياسية وأمنية حقيقية ", مؤكداً أن تأخير المصالحة كانت بسبب عدم إيجاد تلك النقاط, فعندما توفرت الأجواء أحدثنا إختراق في المصالحة. كما أكد هنية أن توقيع المصالحة لم يكن مفاجئاً لأن المصالحة تطور طبيعي لمسار الحوار الفلسطيني, ومنذ سنوات وهناك حوارات متواصلة, ولكن البيئة السياسية المحيطة هي التي أفشلت الإتفاقيات السابقة, مشيراً إلى أن المصالحة جاءت إنتصار لإرادة الوحدة الوطنية وإستجابة لنداءات الأمة العربية والإسلامية. وأضاف :" التوقيع والتسريع في إتمام المصالحة جاء إستشعاراً لتحديات والمخاطر التي تتهدد القضية الفلسطينية والقدس وأهلها والمسجد الأقصى ". وقال هنية إن تغيير البيئة العربية المحيطة والثورات أوجدت سياسة مختلفة أسهمت في إحداث إختراق للمصالحة, مؤكداً أن للثورة المصرية دور كبير في إتمام المصالحة, مضيفاً :" نحن نشهد مواقف جديدة من مصر وننظر إليها بكثير من الإرتياح والتفاؤل ". وتطرق هنية إلى لجان تطبيق بنود المصالحة, والمتمثلة بتشكيل خمسة لجان وهي " الحكومة, المنظمة, الأمن, الإنتخابات, المصالحة ". وتناول في ذلك المرحلة الأولى وهي تشكيل الحكومة والتوافق على الوزراء ورئيس الوزراء, وشكل الحكومة لأنها ستقوم بعدة مهام منها الإشراف على الإنتخابات بعد عام, والإشراف على إعادة إعمار قطاع غزة, ورفع الحصار الإسرائيلي. إضافة إلى ذلك التوافق على أسماء المستقلين الذين سينضمون إلى القيادة المؤقتة التي ستدير الأوضاع لحين تشكيل الحكومة والتي يقودها الأمناء العامون للفصائل وأعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير. والعمل على إطلاق سراح كافة المتعقلين السياسيين بلا إستثناء, قائلاً :" هذه قضية مهمة ونحن في غزة, لا يوجد عندنا معتقل سياسي ولكن كما نص الإتفاق إذا ما وجدت قوائم بأسماء معتقلين ستقدم لمرجعيات الحوار للنظر فيها ". ووقف الحملات الإعلامية وإطلاق الخطاب الإعلامي الذي يخدم المرحلة الراهنة في تحقيق المصالحة, والبدء بالتوافق الإعلامي. أما المرحلة الثانية فهي الإتفاق على تشكيل اللجنة الأمنية العليا كما نصت عليه الورقة المصرية والتفاهمات حيث نصت على ضرورة تشكيل لجنة أمنية عليا تقوم برسم السياسيات الأمنية في المرحلة المقبلة. والمرحلة الثالثة تشكيل لجنة الإنتخابات العليا للإشراف على الإنتخابات بالتوافق وإصدار مرسوم من الرئيس عباس, وأضاف هنية في شرحه إلى الإتفاق على تشكيل محكمة الإنتخابات وفق الإتفاق يرجع إليها الإخوة في حال الخلاف للبث في الأمر. وتابع :" الحديث يدور عن البرنامج السياسي المشترك, حتى لا نترك المسائل كما هيا وبالتالي تضيع البوصلة السياسية, ويجب العمل على برنامج أمني مشترك وسياسيات أمنية مشتركة ", لافتاً قد يكون لنا ملاحظات وكذلك للإخوة في الضفة, خاصة وأنه تم الإتفاق على إبقاء البناء الأمني في غزة والضفة لحين الإتفاق, موضحاً أن حركته تتطلع إلى أن الأمن يجب أن لا يعمل في سياق التعاون الأمني مع الإحتلال الإسرائيلي. وفي المرحلة الرابعة تفعيل المجلس التشريعي والقيام بمهامه كما نص عليه القانون الأساسي, قائلاً :" التشريع سيبدأ عمله مجدداً في الضفة وغزة للعمل بمهامه والمطلوب تفعيل التشريعي ليقوم بمهامه ", مضيفاً :" يجب علينا أن نضع جدول زمني لتطبيق كافة الملفات خلال شهر لإنجازها بالشكل المطلوب ". ولفت هنية إلى أن الفصائل توافقت ضمن إتفاق المصالحة على إجراء الإنتخابات التشريعية والرئاسية وإنتخابات المجلس الوطني بعد عام, قائلاً :" نريد تعاون في إيجاد مجلس وطني يؤمن مطالب الفلسطينيين في الداخل والخارج ". وقال إن المطلوب لصون إتفاق المصالحة التطبيق الأمين والمتوازي بين الضفة وغزة, وعدم الخضوع للإبتزاز السياسي والمالي, بالإضافة إلى الصبر على بعضنا لتطبيق الإتفاق. وناشد هنية أهالي شهداء الإنقسام إلى تغليب روح التسامح والعفو والمصالحة لنشر ثقافة الوئام الوطني, والقفز على الجراح. كما طالب إلى التوافق على نقطة إدارة المقاومة على الأرض, داعياً لإعطاء مجال للحكومة الجديدة في حماية ذلك التوافق من أجل تجنب أهالي قطاع غزة أي عدوان إسرائيلي جديد وأن تبقى المقاومة سيدة الموقف والقرار في وجه الإحتلال الإسرائيلي. وحث هنية مصر والدول العربية الأخرى إلى رعاية إتفاق المصالحة والعمل على متابعته وإنجاز كافة الملفات المتفق عليها, وطالب الدول العربية أن لا تقبل أن يمسك الشعب الفلسطيني من يده في مسألة المال, داعياً إياهم إلى توفير الحماية للإتفاق وتوفير البديل لأي ممارسات إسرائيلية تضيق الخناق على الفلسطينيين. وكذلك طالب هنية المجتمع الدولي أن يحترم إرادة الشعب الفلسطيني والتوافق والمصالحة, وأن لا يكرروا خطأ الماضي بمقاطعة الحكومة الجديدة ووجه هنية تحيته إلى مصر قيادة وشعب, لوقفتهم إلى جانب الشعب الفلسطيني في تحقيق المصالحة, ورفع الحصار الإسرائيلي والتخفيف من معاناة الفلسطينيين, قائلاً :" إن هناك وفد قطري سيتواجد في القاهرة الأسبوع القادم من أجل التوقيع على مشاريع من ضمنها مشاريع لإعادة إعمار قطاع غزة ". وفي واقع حكومته وتجربتها على مدار السنوات الماضية, أكد هنية أن الهدف الأساسي للحكومة القادمة هو تحرير الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس وعودة اللاجئين. وطالب الحكومة القادمة الحفاظ على المكتسبات ومعالجة سلبيات الواقع, وعلى المصداقية والشفافية في الشراكة السياسية والأمنية والإدارية, وعلى المجلس التشريعي الفلسطيني كوحدة تشريع مستقلة. ولفت إلى أن ملامح التغيير في المنطقة بدأت تحدث حيث كان من ثمارها انهيار الحصار وتحقيق الوفاق الوطني, وانتصار خيار الشعب الفلسطيني. وأشار إلى أن الحكومة في غزة لم تغير مواقفها بعد دخول الحكومة طوال الفترة الماضية, "قائلاً "وجودنا في الحكم لم يدفعنا لتغيير مواقفنا وثوابتنا, ودخولنا في الحكومة كان للحفاظ على الثوابت وأوضح أن الحكومة صمدت طوال الفترة الماضية, ضد المحاولات الأمريكية والغربية لإجهاض المشروع السياسي المبني على الديمقراطية والتي جاء على أساس الإرادة الشعبية والتي ظهرت عن طريق صناديق الاقتراع, قائلاً :" واجهنا شعباً وحكومةً المخطط الإسرائيلي عسكرياً وسياسياً واقتصادياً ".