خبر : دعوات لانتفاضة فلسطينية ثالثة في ذكرى نكبة 1948

الأحد 24 أبريل 2011 11:04 ص / بتوقيت القدس +2GMT
دعوات لانتفاضة فلسطينية ثالثة في ذكرى نكبة 1948



رام الله / سما / تنطلق دعوات من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة وعبر شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت لانتفاضة فلسطينية ثالثة في الخامس عشر من الشهر القادم، تزامناً مع الذكرى الثالثة والستين لنكبة عام 1948. ولوحظ في الفترة الأخيرة ارتفاع منسوب دعوات الانتفاضة خلال مسيرات إنهاء الانقسام الفلسطيني في الأراضي المحتلة، في حين تعالت أصداؤها عبر فضاءات الانترنت تحدياً لقيام إدارة "الفيسبوك" بإلغاء صفحة الانتفاضة الفلسطينية الثالثة تحت الضغط الإسرائيلي. ولكن محاولات سلطات الاحتلال فشلت في التشويش على مواقع أخرى تدعم الانتفاضة، ومنها "القدس مون" (قمر القدس) الذي أنشأته مجموعة من الشباب الفلسطينيين في الولايات المتحدة الأميركية ويحمل الكثير من خصائصه "لدعم نضال الشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه المشروعة كاملة". وتزامنت دعوات الانتفاضة مع أخرى مماثلة انطلقت داخل الأراضي المحتلة لإنهاء الانقسام بين حركتي فتح وحماس وتحقيق المصالحة، بينما انطلقت خارج فلسطين المحتلة دعوات "للزحف التاريخي" نحو فلسطين في 15 أيار (مايو) القادم لعودة اللاجئين الفلسطينيين، تحت شعار "أنت صاحب حق وما عليك سوى أن تخرج". ويعود الحراك الشبابي المستمر حتى اليوم إلى 15 آذار (مارس) الماضي، من خلال نصب خيم اعتصام في المدن الرئيسة في الأراضي المحتلة، مثل نابلس وطولكرم ورام الله، وغيرها، مطلقين دعوات آخذة بالتبلور والتصاعد، بدءاً من إنهاء الانقسام فإجراء انتخابات مجلس وطني ومن ثم تغيير المسار السياسي، كمقدمة للانتفاضة. ويجد الحراك "الانتفاضي" في الوضع المتدهور للأراضي المحتلة أرضية خصبة تقارب ممهدات اندلاع انتفاضتي 1987 و2000، بسبب تصاعد عدوان سلطات الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني من القتل والتنكيل والاستيطان والتهويد وهدم المنازل وطرد السكان ومصادرة الأراضي ومواصلة الانتهاكات بحق الأماكن والمقدسات الدينية. وتسيطر حالة الانقسام والانفصال القائم بين الضفة الغربية وقطاع غزة على تلك الدعوات، في ظل تصريح رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبل يومين بأنه "لن يسمح بانتفاضة فلسطينية ثالثة أو بانفلات أمني طالما يتسلم السلطة"، رغم أن ثمة فرقاً كبيراً بين انتفاضة ضد الاحتلال وبين ما يسميه انفلاتاً أمنياً. من جانبه، أكد المستشار السياسي لرئيس حكومة غزة يوسف أبو رزقة لصحيفة الغد الاردنية أن "حماس ستدعم الانتفاضة عند انطلاقها، باعتبار أن الحركة ترعى المقاومة وتدعم حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن نفسه". وقال إن حماس "ستدعم الانتفاضة في غزة أو الضفة وستؤيدها، فهي ضد الاحتلال وليس الحكومة". ولم يستبعد "إقدام الاحتلال على خطوات استباقية لإحباط اندلاعها، خاصة أنه ينشط دبلوماسياً للتغلب على امكانية قيامها ويضغط للعودة إلى المفاوضات قبل 15 أيار (مايو) وأيلول (سبتمبر) القادمين، لاعاقة أية محاولة للانتفاضة، وإفشال مساعي إقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967". ورأى أن "امكانية قيام الانتفاضة قائمة ولكنها تحتاج إلى مصالحة أولاً، وإلى قيام السلطة في رام الله بتخفيف القبضة الأمنية على حراك الشعب الفلسطيني لقيام انتفاضة في الضفة الغربية تأخذ الطابع السلمي، ذلك لأن الانتفاضة في غزة ما تزال قائمة، باستمرار مقاومة المحتل". واعتبر أن "التغيرات في العالم والثورات التي تنادي بتحرير فلسطين ستعطي زخماً للمنتفضين حيث سيجدون لهم زخماً وظهراً، بينما يتعزز خيار الانتفاضة أمام حالة الجمود والفشل القائمين لمسار المفاوضات". وأوضح أن "الدعوات بدأت بمظاهرات حملة مفاتيح العودة في 15 أيار (مايو) القادم، بحيث يتوجه اللاجئون إلى أقرب نقطة حدودية من غزة ولبنان ومصر وغيرها، تزامناً مع احتجاج الفلسطينيين في الشتات أمام سفارات الاحتلال الإسرائيلي في العواصم الأوروبية، وغيرها، للمطالبة بحق العودة". وطوّر شباب "الفيسبوك" الفكرة وجعلوها نشاطاً على يومين، يوم يخصص للانتفاضة ضد المحتل، والثاني "للزحف التاريخي" نحو فلسطين المحتلة، ولكن سلطات الاحتلال احتجت لدى المؤسسة التي تدير محرك "الفيسبوك" بحجة أنها دعوات تحريضية، فأزالت الصفحة، ولكن الشباب عاودوا نشاطهم عبر صفحات ومواقع أخرى. وتصحب دعوات الانتفاضة محاذير من الالتفاف عليها حال حدوثها، على غرار الانتفاضة الفلسطينية في العام 1987 التي جرى إجهاضها باتفاق أوسلو (1993)، وانتفاضة الأقصى 2000 التي التفت حولها سلطات الاحتلال بانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة العام 2005. ولم يستبعد نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني حسن خريشة مصيراً مشابهاً للانتفاضة الثالثة، غير أن "خطط إجهاض الانتفاضة الأولى بأوسلو، الذي لم يقدم شيئاً للشعب الفلسطيني، لم تمنع قيام انتفاضة 2000، رغم الالتفاف الإسرائيلي على الأخيرة". وأكد أن "الانتفاضة الفلسطينية الثالثة مطلب شعبي فلسطيني، وذلك نتاج رياح التغيير التي تهب على المنطقة، وعدم جدية واستعداد الحكومة الإسرائيلية لعملية السلام، وافتقاد اللجنة الرباعية الدولية لدور راعية السلام خلافاً للتوقعات السابقة". بينما "لم تعد الولايات المتحدة وسيطاً نزيهاً في العملية السلمية، ولعل موقفها الأخير باستخدام حق النقض "الفيتو" ضد وقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة يثبت ذلك"، كما تدفع "سياسة الاحتلال العدوانية بالشعب الفلسطيني إلى مواصلة مقاومته والانتفاضة ضده". ورأى أن "الشعب الفلسطيني بحاجة لانتفاضتين، الأولى داخلية لإنهاء الانقسام وصوغ برنامج نضالي وسياسي، والثانية ضد الاحتلال، فيما ستكون الانتفاضة المتوقعة طريقاً لتعبئة الرأي العام العربي لحل القضية الفلسطينية، وتجنيد طاقات الشعب الفلسطيني نحو المصالحة وإنهاء الاحتلال". ولكن أعين الجنرال الأميركي في الضفة الغربية المحتلة بدأت منذ مدة تتربص لأي تحرك قد "يشتبه" بمآله إلى انتفاضة للانقضاض عليه في مهده، بينما ارتفع منسوب التعاون والتنسيق الأمني بين أجهزة السلطة الفلسطينية وسلطات الاحتلال لإحباط محاولات من هذا النوع. ولا يعني ذلك "امتلاك السلطة مفاتيح منعها أو حدوثها، أو رسم معالمها وفرض ما تريد على الشعب في ظل الوضع المأزوم"، وفق خريشة. ودخلت حالة الاستقطاب الحادة في الأراضي المحتلة نتيجة الانقسام في دائرة سجال فكري أخير للبحث في أسباب تأخر هبوب رياح التغيير على أرض الثورات والانتفاضات، مستفيدة من "الربيع العربي" الحالي. ورأى المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري أن "الانتفاضة قادمة عندما تنضج ظروف اندلاعها"، معتبراً أن "الانقسام يلعب دوراً سلبياً ويستنزف طاقات الشعب في صراع داخلي، فضلاً عن رغبة الشعب الفلسطيني في التوصل إلى قناعة بقدرته على الانتصار عند حدوثها". بينما تقف "سلطة لا تريد انتفاضة خشية تحولها إلى فوضى مسلحة تخدم الاحتلال"، بحسب المصري الذي لفت إلى "دعوات تغيير شكلها ووظائفها وليس بالضرورة حلها، بحيث تكون أداة في الانتفاضة وليس إدارة مدنية لخدمة الاحتلال أو لعب دورين مزدوجين". وقال  إن "الشعب الفلسطيني لن يكون بمنأى عن الثورات والانتفاضات ولكن لا بد من الاستعداد لها وتنظيمها من أجل تحقيق الأهداف الوطنية، فهو ليس مقصراً ولكنه من حقه أن يعرف كيف سينتصر ومدى قدرته على تحقيق ذلك، خاصة في ظل الظروف الراهنة المشجعة بوجود عمق عربي كان غائباً في انتفاضتي 1987 و2000".