رام الله / وصال أبو عليا / سما / لم يكن يعلم محمد الحسني أن عشرة دقائق يحتضن فيها ابنته هيام ذات العامين وهي تئن من المرض بعد أن غاب عن المنزل والعائلة 14 يوما، كفيلة بأن يدخل السجن ويحكم ثلاثين عاما. وتكمن المفارقة أن يلقى القبض على الحسني في عام 1985، وهنا يصف ابنه وسام ما حدث عند اعتقال والده "كانت الساعة 12 بالليل، وكانت هيام مريضة، أبوي سمع من الناس وإجى على البيت يشوفها، نيمها على إيده-أبوي كان كثير حنون-وفجأة وبعد نصف ساعة، لقينا الجيش ملوا الحارة، وحاصروا البيت وفتشوه، وبعدها اعتقلوا أبوي، وأخذوه على التحقيق، ولمدة 3 شهور وهم يحققوا معه". أما وعن تكرار رقمية الأحداث بدهاليز الزمن قال وسام " أول مرة زارت إمي أبوي بالسجن كانت معها أختي هيام، وكان عمرها 3 سنين، وبعدها تمر الأيام والأعوام ففي عام 2003 وبعد ما كانت امي ممنوعة من الزيارة، زارت أبوي ومعها هالمرة بنت هيام(تيمة) وعمرها 3 سنين، وقتها أبوي بكى وكثير تأثر". أم وسام(زوجة الأسير) تتدخل بالقول: كانت هاي آخر زيارة، وأبو وسام ولأول مرة لما شاف بنت بنته تفاجأ وحكى "تذكرت..تذكرت امها بنفس اللحظة هاي". وأضافت الزوجة "الحياة كثير صعبة..ربيت اولادي بغيابه لحالي..كانت هيام أكبر وحدة كان عمرها سنتين لما اعتقلوه، وسام كان عمره 8 شهور وكنت حامل بالشهر الثاني، والأصعب إني ولدت وما كان جنبي -سميت البنت كلثوم- اتضايقت، وحزنت على الوضع، خاصة إنه الأطفال ما عرفوا أبوهم، كنت أنا اللي مركزة عليهم بالتربية". يعود وسام ويستذكر قائلا: " آخر مرة زرت فيها أبوي ب 1999 وكان عمري 15 سنة، هلأ عمري 26 سنة، بأجل بخطبتي أو فرحي ليشاركنا أبوي الفرحة..لازم أبوي يشاركنا فرحنا". وفي اللحظات التي تتطلب وجود الجميع، وعندما تزوجت هيام، تشير الأم "لما كنا بالصالة، اتصل أبو وسام، كل المعازيم سمعوه، بارك لبنته وحكى (معلش يا بنتي..سامحيني..برغم ظلم السجن والسجان..اللي بعدوني عنك..بتمنى لو كنت جنبك)، وتضيف كل المعازيم بكوا، كان الفرح حزن. فهذا هو حال الآلاف من الفلسطينيين، يولدون مقبلين على الحياة ويعشقون تفاصيلها، لكن جبروت المحتل يحول دون أن يشاركوا أبناءهم الفرحة، فذاك بعيد وخلف القضبان يصارع المرض جراء البعد والتعذيب، وهذا يبكي يوم ضرورة الفرح، لتؤجل الابتسامة إلى حين لم يأت بعد. وربما هناك ما يدعونا للضحك، بل استهزاء من دولة عنصرية يكاد (كعك العيد يجعلها في حالة طوارئ قصوى)، فتقول زوجة الأسير "وبعد أن تنقل زوجي في سجون احتلالية عديدة، من المجدل للرملة والنقب لجلبوع-المتواجد به حاليا- وفي فترة من الفترات، صبغ الأٍسيرمحمد الحسني شعره باللون الأسود، أدخلوه على إثرها العزل لمدة 7 سنوات-وتسخر هنا ضاحكة-اعتبروه وحسب ادعائهم محاولة للهروب من السجن". فهذه التفاصيل التي تدلي بها أم لثلاثة أبناء، أنجبت أحدهم بعد أن اعتقل زوجها خلف القضبان بسبعة شهور، وزوجت أخرى دون أدنى شعور بالفرح، وتؤجل فرحة آخر في انتظار الشعور بالفرح الحقيقي، حين يعود أبو وسام مفرجا عنه، ليرى الشمس والحياة (ومخيم الشاطئ الذي ولد فيه) أبناءه وزوجته التي عانت وضحت كثيرا في انتظار عودته، بعد غياب 26 عاما. فهل سيكون ذلك قريبا؟؟؟؟؟؟؟