الرئيس السوري، بشار الاسد، نشر أمس قوات الجيش في المدن الكبرى في الدولة. وانتشرت قوات غفيرة في مدينة اللاذقية في الشمال، ووحدات أصغر انتشرت في العاصمة دمشق ومدينة درعا في الجنوب، حيث بدأت موجة المظاهرات الكبرى قبل نحو اسبوعين. وسُجل أمس هدوء متوتر في معظم المدن، ضمن امور اخرى بسبب التواجد العسكري. وتبين أمس انه قُتل في اللاذقية في يوم السبت ما لا يقل عن 12 شخصا، وفي صنمين قرب درعا قُتل بين 15 و20 شخصا. وزيرة الخارجية الامريكية، هيلاري كلينتون، قالت أمس ان ليس للولايات المتحدة نية للتدخل بشكل عسكري في ما يجري في سوريا. وشرحت كلينتون بأنه خلافا للوضع في ليبيا، فان الحكم السوري لا يستخدم قوات سلاح الجو ضد المتظاهرين ومدى استخدام القوة لا يزال محدودا. "كل واحد من هذه الاوضاع مميز"، قالت وزيرة الخارجية الامريكية في مقابلة مع شبكة "سي.بي.اس"، "نحن نتدد بالعنف في سوريا. دعونا كل الحكومات في هذه الفترة من اليقظة العربية لتلبية احتياجات شعوبها، وعدم الانجرار الى العنف، والسماح بعقد المظاهرات بالطرق السلمية، والشروع في عملية اصلاحات اقتصادية وسياسية". ما دفع الولايات المتحدة الى التدخل في ليبيا، قالت كلينتون، كان الشجب الدولي الجارف، تأييد الجامعة العربية وقرار مجلس الامن في الامم المتحدة. وفي مقابلة اخرى مع شبكة "أي.بي.سي" حاولت أن تشرح كم هو الوضع مختلف في سوريا، من زاوية نظر الأسرة الدولية. "الوضع في سوريا يختلف بشكل ذي مغزى"، قالت كلينتون، "والعالم لا يتجند. كل وضع كهذا يختلف عن غيره، ولكن في ليبيا، عندما قال الزعيم انه لن يحمي حياة أحد، ولن يُبدي الرحمة، وأمر بالهجوم من الجو على أبناء شعبه – فان هذا تجاوز لخط أحمر لا يمكننا أن نحتمله". الصور التي وصلت بالافلام القصيرة على موقع يو تيوب من اللاذقية تدل على عنف شديد وصدامات بين قوات الامن والمتظاهرين في المظاهرات التي جرت هناك في نهاية الاسبوع. وسُجل أمس هدوء نسبي في الأحداث، ولكن نُقلت أنباء عن عصابات من الشباب، بعضهم مسلح بالسيوف وببنادق الصيد، أقاموا حواجز في الشوارع ونكلوا بالمارة، الذين لا يزالون مصدومين من أحداث الايام الأخيرة. وأفادت وكالة أنباء "إي.بي" انه ليس واضحا لأي جهة ينتمي المسلحون، ولكن يبدو ان بعضهم على الأقل، ولا سيما اولئك المسلحين بالبنادق، هم من الموالين للنظام. وفي دمشق لم تُسجل على الاطلاق مواجهات بين معارضي النظام وبين الشرطة والجيش. موظفون في الحكم السوري قالوا لوسائل الاعلام المختلفة إن في نية النظام رفع قوانين الطواريء التي بدأ العمل بها في 1963، قريبا. معنى الخطوة ليس واضحا تماما لانه ليس معروفا متى سيتم الأمر. كما انه من غير المعروف اذا كانت ستُنزع الصلاحيات غير المحدودة التي لقوات الامن السورية اليوم، ولا سيما اجهزة الأمن الداخلي. وحسب مستشارة الرئيس الخاصة، بثينة شعبان، فان الرئيس الاسد سيرفع قريبا الحظر عن اقامة الاحزاب باستثناء حزب السلطة، البعث. وبالتوازي، أطلقت السلطات السورية سراح 17 شخصا اعتُقلوا قبل نحو اسبوعين في أعقاب مهرجان احتجاجي أقاموه في دمشق. وألمح عضو في البرلمان أمس بأن الرئيس الاسد سيلقي قريبا خطابا يعلن فيه عن التغييرات المرتقبة. يبدو ان احدى الخطوات التي سيتخذها الاسد هي إقالة حكومته ورئيسها، في محاولة لارضاء المتظاهرين الذين دعوا لاصلاح النظام. وواصلت السلطات السورية أمس الادعاء بأن الأحداث القاسية في نهاية الاسبوع في اللاذقية بادرت اليها مجموعات مسلحة سيطرت على اسلحة في معسكرات الشرطة وحاولت ضرب قوات الامن. وأغلق الجيش السوري كل المداخل لمدينة الميناء، منعا للصحفيين أو رجال المعارضة من الوصول الى المكان. وقال محافظ اللاذقية إن الهدوء عاد الى شوارع المدينة ومعه ايضا النظام العام. وبث التلفزيون السوري صورا لعربي قال انه مصري ذو جواز سفر امريكي روى انه طُلب اليه ان يرسل الى الخارج صور مظاهرات ومواجهات كي يثير هياجا في شوارع سوريا. والى ذلك، أفادت وكالة "رويترز" للأنباء بأن مراسلها طُرد من دمشق أول أمس بدعوى انه رفع تقارير كاذبة، بأن اثنين من عامليها ممن كانوا يغطون المظاهرات في سوريا مفقودان منذ يوم السبت. ويدور الحديث عن المنتجة آيات بسمة والمصور عزت بلتجي، كانا يفترض أن يجتازا الحدود بين سوريا ولبنان في منتهى السبت ولكنهما لم يفعلا ذلك. ومنذئذ قُطع الاتصال بهما.