الى التمثال المحطم والمحترق لحافظ الاسد تسلق ثلاثة شبان وعلقوا يافطة، كُتب عليها "الشعب يريد اسقاط النظام". هذا الشعار، الذي أسقط حاكمي مصر وتونس، وأوقع حربا أهلية على ليبيا، يصدر الآن بالفم المليء في سوريا ايضا. واذا كان المتظاهرون فضلوا الاسبوع الماضي طرح مطالب غير مباشرة – اصلاحات ومكافحة الفساد – فالرسالة الآن أكثر وضوحا. كما كتب في احدى صفحات الفيس بوك للمعارضة في الدولة، فان "كل سوريا تطالب الآن برأس أبناء عائلة الاسد". والاسبوع القريب القادم، كما ينشأ الانطباع، سيكون حاسما بالنسبة لمصير الرئيس الابن، بشار. الاضطرابات الدموية التي بدأت قبل أكثر من اسبوع في مدينة درعا الجنوبية، انتشرت في نهاية الاسبوع الى كل أرجاء الدولة. وبعد صلاة الجمعة خرج آلاف عديدة من المتظاهرين الى شوارع مدن حمص، حلب وصنمين، أما في دمشق العاصمة فتظاهر مئات الاشخاص، رغم التخوف من وسائل القمع. في مدينة حماة ايضا خرج المتظاهرون الى الشوارع، في اغلاق لدائرة تاريخية تقشعر لها الأبدان من ناحية الحكم: ففي العام 1982 وقع في المدينة تمرد للاخوان المسلمين، قمعه الاسد الأب بوحشية. قلب الاضطرابات بقي في درعا. عشرات الآلاف شاركوا في تشييع جنازات قتلى يوم الجمعة، وسارعوا بعدها الى الخروج للصدام مع قوات الأمن. "حاجز الخوف انكسر"، اعترف أحد المتظاهرين في المدينة، "هذه هي الخطوة الاولى نحو اسقاط النظام، وصلنا الى نقطة اللاعودة". في اثناء المواجهات أُحرق مقر حزب البعث الحاكم، وأمس أُحرق مبنى مشابه في مدينة طفس المجاورة. ولكن الحادثة الأشد وقعت بالذات في مدينة صنمين، بين دمشق ودرعا، حيث قُتل عشرين متظاهرا بنار رجال الامن السوريين. ويوم الجمعة، بعد الصلاة، تقدم المتظاهرون نحو مبنى الاستخبارات العسكرية السورية حين فُتحت فجأة نار متلظية نحوهم. أشرطة الفيديو التي نشرت في نهاية الاسبوع أظهرت المتظاهرين يخلون العديد من الجرحى والقتلى. وأفادت وكالة الانباء السورية بأن مبنى الاستخبارات تعرض لهجوم مسلح، إلا ان المعارضة ادعت بأن المتظاهرين لم يحملوا السلاح. وأمس انتشرت الاضطرابات الى مدينة اللاذقية الساحلية، من معاقل الأقلية العلوية في سوريا. وأفاد معارضو الاسد بأن أكثر من عشرين شخصا قُتلوا في المدينة منذ يوم أمس، ونقلت "الجزيرة" عن شهود عيان ادعوا بأن رجال الأمن السوريين، بملابس مدنية، فتحوا النار بلا تمييز نحو المتظاهرين. كما عُلم أن قناصة تمركزوا على أسطح المباني وأطلقوا النار نحو المتظاهرين. "أنقذونا"، دعا بيأس أحد رجال الدين في المدينة في قناة "الجزيرة"، "توجد هنا مذبحة". وقدّرت منظمة إمنستي أمس بأن 55 شخصا قُتلوا حتى في الاضطرابات، التي تستمر منذ اسبوع. ومع ذلك، تدعي المعارضة السورية بأن الأعداد أعلى بكثير. الرئيس الاسد، من جهته، يواصل دس رأسه في الرمال. أمس انعقد حزب البعث وأعلن عن نيته تنفيذ سلسلة من الاصلاحات بما فيها تغيير في تركيبة الحكومة. ويوم الجمعة أطلقت السلطات سراح 260 سجينا ينتمون للتيار الاسلامي، في محاولة لتهدئة الخواطر قليلا ومصالحة المتظاهرين. بالتوازي، بث التلفزيون السوري صورا من دمشق ومن مدن اخرى، ظهر فيها متظاهرون يهتفون للرئيس بشار. المتظاهرون، وكذا وسائل الاعلام الرسمية في سوريا، اتهموا "محافل صهيونية" في محاولة لاشعال نار حرب أهلية في الدولة. في البيت الابيض سارعوا في نهاية الاسبوع الى شجب سلوك نظام الاسد والقمع العنيف للاضطرابات في سوريا. وبالتوازي، مثلما حصل في حالات مختلفة في الاشهر الاخيرة، دعت الولايات المتحدة الحكم السوري الى اجراء اصلاحات سلطوية.