القضاة المركزيون جورج قارة، مريم سكولوف ويهوديت شيفح قرروا امس علامة طريق في تاريخ دولة اسرائيل. فقد وضعوا على كفة الميزان خطورة الجرائم وسمو مكانة المجرم، فكروا وتمكنوا من نقل المكانة الى كفة الجرائم، ترددوا وترددوا، وقرروا بان موشيه قصاب هو مجرم جنس مواظب وحكموا برأي الاغلبية لسبع سنوات سجن على الرئيس السابق. حتى لو انزل العقاب في الاستئناف الى المحكمة العليا باتجاه موقف الاقلية الذي تمثله القاضية شيفح، أربع سنوات سجن، سيكون هذا مجرد تغيير كمي في الحقيقة الجوهرية: من كان الرجل الذي يوقع على القوانين والقضاة يقسمون اليمين القانونية امامه، سيعقاب بشدة على خرقه هذه القوانين وسيسجن لسنوات. لسقوطه من أعلى القمة الى اسفل الدرك، مسؤول اولا وقبل كل شيء، قصاب نفسه. لسنوات طويلة، في مناصب عامة رفيعة أكثر فأكثر، استغل الفخامة كي يفرض نوازعه على نساء علقوا في مرمى بصره. وعندما تورط، كذب ولفق في محاولة لان يتحول من معتدٍ الى ضحية. الصفقة القضائية السخية والمتهاونة جدا التي عرضت عليه، في قرار موضع خلاف من المستشار القانوني للحكومة ميني مزوز رفضها هو، وبدلا من الصحوة، الندم وطلب المغفرة، واصل قصاب الهجوم على المعتدى عليهن، الشاهدات، المحاميات، وسائل الاعلام والسلطة القضائية. وقد أثبت بذلك للجميع بان لا صلاح له. اضافة الى عقاب قصاب وتعويض المعتدى عليهن، يبث الحكم بالنطق رسالتين هامتين: تشجيع ضحايا جرائم الجنس على الشكوى، مهما كانت سامية مكانة المجرم، وردع الشخصيات العامة من الوهم في أن مكانتهم تمنحهم حصانة. وبعد الادانة بجرائم الجنس للوزيرين السابقين اسحق مردخاي وحاييم رامون، واللذين لم يحكم عليهما بالسجن الفعلي، جاءت محاكمة قصاب وشددت بقوة اكبر على أن الشرطة، النيابة العامة وأخيرا ايضا القضاة لا يعزون للشخصيات رفيعة المستوى ميلا لان يجتذبوا اليهم شكاوى كاذبة من النساء. من الان فصاعدا، ليعلم كل مسؤول كبير بان اللقب والمنصب ليسا، على حد قول قضاة قصاب، رخصة صيد. ليست هذه مواساة كبرى، ولكن عار قصاب هو شرف جهاز التحقيق، الادعاء والقضاء في اسرائيل.