القدس المحتلة سما تواصل وسائل الاعلام الاسرائيليّة مواكبة الاحداث الجارية في ليبيا، ولكن يلاحظ انّها تُركز على شخصية القذافي، فقد اعربت امس صحيفة ’يديعوت احرونوت’ عن استغرابها من التناقض الخطير في سلوكه وتصرفاته قائلة انه بالرغم من تورطه في عملية اسقاط طائرة مسافرين امريكية والمعروفة بكارثة لوكيربي، نجده فجأة يتخلى عن برنامجه النووي طواعية ودون ان يطلب احد منه ذلك.كذلك في الوقت الذي كان يُعلم فيه زعماء افريقيا مبادئ الاسلام، نجده يُعلم رئيس الوزراء الايطالي سيلفيو بيرلسكوني فنون الرذيلة وممارسة الجنس مع القاصرات، مشيرة الى ان تصرفات القذافي المشينة والغريبة في الوقت ذاته هي التي دفعت الشعب للثورة عليه والانقلاب ضده، وان شخصية القذافي المريضة السلطوية هي التي جعلته يرتكب المجازر ضد هذا الشعب ويقتل المئات من ابنائه.واعتبر الاعلام العبري القذافي شخصية غير متزنة ومهووسة بحب السيطرة والسلطة والنساء ايضا، وهو ما انعكس على تعامله الوحشي في قمعه للمتظاهرين، مبرزة ان هذا الهوس القذافي كان يصب في الاساس للمصالح الغربية، وكشفت الصحيفة العبرية عن برقية ارسلها السفير الامريكي في ليبيا لوزارته بواشنطن في 2008 اكد فيها على ضرورة تمسك الولايات المتحدة الامريكية بالقذافي واعتباره شريكا لواشنطن في المنطقة، فرغم تصرفاته الغريبة، وشخصيته المعقدة، الا انه نجح في فرض سيطرته على بلاده لاكثر من 40 عاما، وهذا مبرر وجيه يجعل من الضروري على الولايات المتحدة تدعيم علاقاتها معه ومع الدوائر المقربة منه.كما احصت الصحيفة عن شخصية القذافي المريضة وتحليلها في معاملته الوحشية الحالية مع الثورة الليبية، عدة سمات نفسية مؤثرة، اولها هوسه اللا محدود بالكاميرا والتصوير، وظهوره امامها في احسن صورة، وذلك لاعتقاده ان الصورة ابلغ تعبيرا عن شخصية الرجل، اكثر مما ان يفتح فمه، كما انها الوسيلة لجذب الانتباه اكثر من اي شيء اخر، ونقلت عن مصادر غربية قولها ان الدبلوماسيين الذين التقوا مع القذافي كانوا يخرجون بانطباع موحد، وهو انه شخصية مريضة، متعجرف ووقح بلا حدود، وان تصريحاته تثبت ذلك.بالاضافة الى ذلك، ابرزت الصحيفة جانبا كان خفيا لسنوات في حياة القذافي، وهو علاقاته النسائية المشينة، التي وصفتها الصحيفة بانها لا يجب ان تليق بزعيم عربي، مشيرة الى تعلم بيرلسكوني كيفية ملاطفة الفتيات القاصرات على يد القذافي وضعه في ورطة سياسية غير مسبوقة، خاصة في حال ادانته قريبا امام المحكمة بتهمة اغتصاب قاصرات. مع تفاقم الاحداث في ليبيا عاد الاعلام الاسرائيلي ليطرح مجددا مسألة الاصول اليهودية للقذافي من جهة امه، وفتحت في هذا الاطار صحيفة ’يديعوت احرونوت’ على موقعها الالكتروني حوارا مع القراء بعد درس ديني القاه احد ابرز الحاخامات اليهود في اسرائيل، وهو الحاخام اوري شاركي حول امكانية عودة القذافي لليهودية بعد سقوط نظامه الوشيك في ليبيا، وقد اجمع القراء في تعليقاتهم على ترحيبهم بامكانية عودة القذافي الى ارض الميعاد (فلسطين) على اعتبار انه ادى مهمته (كيهودي) بنجاح في ليبيا طوال 42 عاما، على حد وصف احد القراء. ولعل الحديث عن يهودية القذافي قد ظهرت على الساحة عقب تقرير خطير نشرته صحيفة ’معاريف’ العبرية يتحدث عن اصول القذافي اليهودية من حيث امه، التي كانت تحمل اسم رزالا تمام والتي تزوجت من شاب مسلم وهي لا زالت ابنة الـ 18 ربيعا، انجبت منه خمسة اولاد من بينهم معمر.وعن محاولات القذافي مداهنة اليهود والتصالح معهم، ضاربا بعرض الحائط حقوق الفلسطينيين المشروعة التي زعم انه يدافع عنها كذبا ورياءً، كشف يعقوب حجاج، مؤرخ يهودي من اصول ليبية مقيم في اسرائيل ورئيس معهد دراسات وابحاث يهود ليبيا النقاب عن ارسال القذافي قبل عام، ممثلين ليبيين من العاصمة الاردنية عمان للالتقاء مع مسؤولي المنظمة العالمية ليهود ليبيا في اسرائيل، وانه بالفعل تم ترتيب زيارة للوفد الرسمي الليبي الى تل ابيب، وخلال اللقاءات التي عقدها تم مناقشة مصير ممتلكات اليهود في ليبيا، مشيرا الى ان ذلك كانت محاولة من القذافي للتصالح مع المجتمع الدولي وارضاء الغرب، لاسيما الولايات المتحدة.كما ترددت انباء عن لقاء سري تم بين يهود ليبيين والقذافي مؤخرا في ايطاليا، لمناقشة امكانية عودتهم للبلاد مرة اخرى، او الحصول على تعويضات عن ممتلكاتهم التي تركوها في ليبيا، قبل رحيلهم عنها. ويقول يعقوب حجاج، الذي كان يتمنى ان يكون اول سفير لاسرائيل في ليبيا في عهد القذافي، انه كانت تربطه علاقات جيدة به، وانه ارسل جميع مؤلفاته عن تاريخ يهود ليبيا للقذافي، الذي اهتم بها واطلع عليها شخصيا.وعن سيناريو مستقبل ليبيا ما بعد عصر القذافي اكدت دراسة صادرة عن معهد ديان للابحاث الاستراتيجيّة على انه من خلال استقراء السلوك الامريكي والاوروبي على ضوء الاحداث والتطورات في تونس ومصر يمكن القول ان هناك اقتناعا غربيا بوجود بدائل للقذافي موجودة في المنفى، وبالاخص في الولايات المتحدة واوروبا وانها تحظى بالمصداقية.وتابعت الدراسة ان هذه المعارضة التي تعيش في الخارج يطلق عليها اسم المعارضة العلمانية تقيم في كل من بريطانيا والولايات المتحدة حيث يتواجد ثقلها. وعلى الرغم من انقسامات المعارضة الليبية في الخارج، لكنها اجتمعت على هدف واحد وهو اسقاط نظام القذافي، مشيرة الى ان اهم قوى المعارضة العلمانية في ليبيا، هي جبهة انقاذ ليبيا بزعامة الدكتور ابراهيم صهد. وترى الدراسة ضرورة دعم الولايات المتحدة للمعارضة الليبية بالخارج، لانها علمانية في الاساس لمواجهة تعاظم المعارضة الدينية في داخل ليبيا، والتي تتمثل في الحركات والتيارات الاسلامية التي عانت سنوات طويلة من قمع وبطش نظام القذافي، وذلك بهدف ضمان الطابع العلماني لليبيا، وعدم تحولها الى امارات ودويلات اسلامية.وفي هذا السياق اعرب عدد من الخبراء الاسرائيليين المختصين في الشأن الليبي عن توقعهم بان تشهد ليبيا حربا اهلية في عصر ما بعد القذافي، نتيجة للتناحر المرتقب عقب اسقاطه نهائيا بسبب التركيبة العشائرية للمجتمع الليبي، حيث ستسعى كل عشيرة لفرض سيطرتها وهيمنتها على البلاد بعد القذافي، والسيطرة على مصادر الطاقة والثروات المعدنية في البلاد. فيما توقع البعض تقسيم ليبيا، لتتحول الى دويلات، تتحكم فيها العشائر الكبرى.