غزة / سناء كمال / سما / أطلق القصف المكثف الذي قامت به كتائب القسام أمس لمواقع عسكرية إسرائيلية العنان للمحللين الفلسطينيين والإسرائيليين وحتى العرب لمعرفة الدوافع التكتيكية والإستراتيجية لهذا التصعيد المفاجئ بين الحركة الإسلامية وإسرائيل وذلك في ظل التبني الواضح للجناح العسكري للحركة لعملية القصف المذكورة والذي أعلن أنها جاءت كرد على استشهاد اثنين من مقاتلي الحركة قتلهما جيش الاحتلال الاسبوع الماضي. ومما زاد من تعقيدات المشهد وأبعاده المتراكبة هو أن القصف والتصعيد جاء بالتزامن مع قرار الرئيس محمود عباس لزيارة غزة من أجل إنهاء الانقسام وفي ظل حراك شعبي يطالب بإنهاء الانقسام وإعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية. يرجح الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب أن يتم إعادة النظر في مبادرة الرئيس عباس بالقدوم إلى قطاع غزة وذلك لما سيتم مواجهته من معوقين أساسيين أحدهما يتعلق بإسرائيل التي تهدد أنه في حال تمت المصالحة فإنها ستكون على حساب الجانب الفلسطيني بزيادة التصعيد العسكري على القطاع وإشعال الحدود بينه وبين الأراضي الفلسطينية المحتلة، مما يشير إلى أن دخوله لن يكون إلا على صفيح ساخن. وأوضح حبيب أن العائق الثاني يتمثل بتوقيت رد حركة حماس على عدوان إسرائيل الذي له علاقة بمبادرة الرئيس، ومحاولة لفت الانتباه عن الحراك الشعبي المطالب بإنهاء الانقسام والمستمر حتى الآن، مشيرا إلى أن هناك أطراف فلسطينية صاحبة مصلحة باستمرار الوضع الراهن ولا ترغب بحضوره على الرغم من موافقتها في بادئ الأمر. وأكد حبيب أن تصريحات بعض القيادات في حركة حماس ووضع اشتراطات لهذه الزيارة يعيد الملف الفلسطيني حول المصالحة إلى المربع الأول، وهو ما سيعزز الانقسام بدلا من إنهائه، خاصة وأنه دام لأكثر من أربعة أعوام بسببه. وقال حبيب:" إن هناك اشتراطات من شأنها عرقلة أجندة الرئيس عباس التي ترتكز على تشكيل حكومة وحدة وطنية وتمهيد لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني، من خلال إعادة الحوار بين الجانبين حول كافة الخلافات"، مشيرا إلى أن التعارض في الرؤية حول المبادرة قد يساعد في عملية تعسر تنفيذها. من جانبه رهن الناطق الإعلامي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام الذراع المسلح لحركة حماس أبو عبيدة الجراح نجاح زيارة الرئيس إلى غزة بإطلاق سراح مئات المعتقلين السياسيين في سجون السلطة بالضفة الغربية، مشيرا إلى دعوته ستكون فقاعات وحبر على ورق. وحول رد الحركة على التصعيد الإسرائيلي نبه أبو عبيدة إلى أن "القسام ردت على كل المزاودين عليه واتهموه بالتخلي عن المقاومة بعدما قصف الاحتلال الصهيوني ومغتصباته المتاخمة لغزة بخمسين قذيفة هاون". وأكد أن قصف القسام "هي رسالة أولية للاحتلال وأن الكتائب لن تقف مكتوفة الأيدي أمام جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، خاصةً عمليات القصف المتوالية التي تصاعدت في الفترة الأخيرة والتي بلغت ذروتها في اغتيال اثنين من مجاهدي القسام وهما عدنان اشتيوي وغسان أبو عمر في قصف موقع أبو جراد جنوب مدينة غزة". فيما شكك نافذ غنيم عضو المكتب السياسي بأهداف "حماس" من إطلاق الصواريخ من القطاع، - في ظل منعها لأي فصيل فلسطيني من الاحتكاك مع الإسرائيليين على الحدود الشرقية والشمالية تبعا لمصلحة المواطنين، موضحا أن العودة " لاسطوانة المقاومة لبست في إطار إستراتيجية وطنية متكاملة". وقال غنيم:" أخشى أن يكون هذا التغير العملي في موقف حركة حماس مرتبطا بحالة التصعيد الشعبي الداخلي المطالبة بإنهاء حالة الانقسام، وكأنها تريد أن تقول نحن نقاوم الاحتلال وهناك قوى وأطراف تعبث بالشأن الداخلي، طبعا هذا لمنطق مردود على أصحابه، لأن إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية هو الشرط الأساسي للشرط للنضال الحقيقي والصحيح ضد الاحتلال وعدى ذلك فهو عبث". ودعا غنيم "حماس" إلى التجاوب الحقيقي مع لان الدخول في التفاصيل الآن سيعرقل التقدم على هذا الطريق، فعندما الحديث عن قضايا تم الاتفاق عليها حول إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية وكذلك المجلس الوطني لمنظمة التحرير كخطوة جذرية من أجل إصلاحها، وأيضا تشكيل حكومة ائتلاف وطني متفق عليها، فإن ذلك يعالج جوهر المشكلة، أم القضايا المختلف عليها وهي محصورة في قضية الأمن، فهذا ما يمكن علاجه من قبل المجلس التشريعي المنتخب، باعتباره الهيئة التي تمتلك صلاحيات الحسم في مثل هذه القضايا المختلف عليها في إطار السلطة. الكاتب والمحلل الفلسطيني عريب الرينتاوي يعتبر ان حماس تواجه وضعاً حرجاً في قطاع غزة...المؤكد أن دائرة المعترضين على حكمها في اتساع مستمر...هي تدرك ذلك، وتدرك أيضاً أن أية انتخابات مقبلة، لن تأتي لها بما سبق أن حصلت عليه في انتخابات 2007...مظاهرات يوم الخامس عشر من آذار، أزعجت حماس كثيراً وأخرجت أجهزتها الأمنية عن طورها في ساحة الكتيبة. ويضيف "حماس وضعت "تسخين جبهة القطاع" في سياق "رد الفعل المشروع" على الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على القطاع... لكن هذه الاعتداءات وأقسى منها، حدثت من قبل، ولم تستدع تصعيداً للموقف على هذا النحو.... ما الذي طرأ واستجد، حتى استوجب الإقدام على هذه "المجازفة"... وهل هي "مجازفة محسوبة" أو "غير محسوبة" ؟. وتابع " ندرج تصعيد حماس العسكري للمواجهة مع إسرائيل في سياق "النزاع الفلسطيني الداخلي"، وليس من ضمن "مندرجات الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"... والتجربة الفلسطينية المعاصرة، حافلة بتكتيكات "تصدير المواجهة" و"الهروب إلى الأمام" واستدراج إسرائيل إلى ساحة الصراع لتفادي المواجهة الداخلية أو الضغوط العربية" . المحللون الإسرائيليون يبدو أيضا انهم قد تفاجئوا بالتصعيد حيث نقلت صحيفة"جيروزاليم بوست " الإسرائيلية اليومية عن مصادر أمنية قولها ان الهجمات التي شنتها حركة " حماس" خلال اليومين الأخيرين على أهداف إسرائيلية قريبة من قطاع غزة تستهدف حرف الأنظار عن قضاياها الداخلية . واشارت الصحيفة في موقعها الالكتروني الى " ان الحركة تستهدف ومن خلال هجمات الهاون التي شنتها على جر إسرائيل الى تنفيذ هجوم عسكري على قطاع غزة وهذا هو المطلوب من حماس لحشد الرأي العام الفلسطيني وراءها. وبينت ان هذه الهجمات بقذائف المورتر على إسرائيل في مطلع الاسبوع كانت لتحويل الانتباه عن مشاكل "حماس " المتنامية داخل قطاع غزة وفق الصحيفة . وقالت الصحيفة ان قيادة حماس تعيش تحت ضغوط شديدة نتيجة للمظاهرات الحاشدة التي جرت في قطاع غزة خلال الأيام الاخيرة للمطالبة بإنهاء النزاع بين حركتي حماس فتح خاصة بعد فشلها في منع الاحتجاجات .