القدس المحتلة سما سجلّت العلاقات الاردنيّة الاسرائيليّة ترديا اضافيا وصل الى حد القطيعة الكاملة بين الطرفين، حيث ذكرت مصادر سياسيّة رسميّة في تل ابيب، امس الجمعة، انّ السفير الاردني في الدولة العبريّة غادر تل ابيب قبل تسعة اشهر ومنذ ذلك الحين لم يعد اليها، وانّ من يدير الامور هو قائم مقام مؤقت مكانه، وزادت المصادر عينها انّ السفير الدكتور علي العايد غادر اسرائيل في شهر تموز (يوليو) الماضي، وعُيّن وزيراً في الحكومة الجديدة، ولكن الاردن لم يقم بتعيين سفير مكانه. وقالت صحيفة ’يديعوت احرونوت’، نقلا عن المصادر عينها، انّ تل ابيب طالبت الاردن مراراً وتكرارا بتعيين سفير جديد، الا انّ عمّان رفضت المطلب الاسرائيلي، وقالت المصادر ايضاً انّ عدم تعيين السفير الاردني يؤدي الى ترد اضافي في العلاقات المترديّة اصلا بين الدولتين، وانّ السفير الاسرائيلي في عمان داني نافو، اجتمع الى وزير الخارجية الاردني مؤخراً واطلعه على خطورة الوضع، الا انّ ذلك لم يُقنع الاردنيون. وبحسب تقديرات المسؤولين في تل ابيب فانّ الاصرار الاردني على عدم تعيين سفير في تل ابيب مرده الجمود في العملية السلميّة بين الاسرائيليين وبين السلطة الفلسطينية، اضافة للبناء الاسرائيلي المستمر في القدس المحتلة وفي الضفة الغربيّة،والى اعمال الحفريات الاسرائيلية بالقرب من المسجد الاقصى، كما انّ صنّاع القرار في عمّان، اضافت المصادر ذاتها، قلقون جداً من تصريحات النائب اليميني المتطرف، ارييه الداد، الذي صرح في مناسبات عديدة في الفترة الاخيرة بأن الاردن هي الدولة الفلسطينيّة الحقيقية. علاوة على ذلك، زادت المصادر فانّ القطيعة التامة تُميّز العلاقات بين العاهل الاردني، الملك عبد الله الثاني ورئيس الوزراء الاسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، كما انّ التعاون بين الحكومتين وصل الى الدرك الاسفل، وعملياً، بحسب المصادر، لا يوجد تعاون بالمرّة. مضافاً الى ذلك، اوضحت المصادر الاسرائيلية، انّ الوزراء الاردنيين يرفضون الاجتماع الى نظرائهم الاسرائيليين، على الرغم من المحاولات المتكررة من جانب تل ابيب لعقد اجتماعات ثنائية، كما انّ لقاءات على مستوى منخفض انعدمت بالمرة. وعزت الاوساط الاسرائيلية هذا التردي غير المسبوق في العلاقات الى المظاهرات الاخيرة التي شهدتها الاردن، علاوة على تأثر المملكة من المظاهرات التي تعم الوطن العربيّ. ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسيّ رفيع للغاية في تل ابيب قوله انّ اسرائيل ابلغت الاردن بانّ عدم تعيين السفير يدل بشكل قاطع على انعدام الثقة بين الجانبين، ويؤثر سلباً على العلاقات المترديّة اصلا بين الطرفين، على حد قوله، لافتاً الى انّ هذا الوضع يضر بمصالح الطرفين، لانّ هناك العديد من القضايا المشتركة والملحة التي يجب مناقشتها، مع ذلك، شددت المصادر، على انّ التعاون الوحيد الذي ما زال قائما بين الدولتين هو في المجال الامنيّ فقط. ونقلت الصحيفة عن مصدر اردني رسميّ قوله انّ الاردن ليس بصدد تعيين سفير جديد في تل ابيب، وانّ الامر ما زال مشروطاً بتجدد العمليّة السلميّة مع الفلسطينيين. واشار المراسل السياسي للصحيفة، نقلا عن مصادر اسرائيليّة واردنيّة متطابقة، انّ السبب الرئيسي في تردي العلاقات بين الدولتين الى هذا الدرك، يعود الى عدم ثقة الملك عبد الله برئيس الوزراء نتنياهو، لافتاً الى انّ العاهل الاردنيّ لم يتورع في مقابلة مع مجلة (تايم) في ايار (مايو) من العام 2009، ايْ قبل ايام معدودة من اللقاء الذي جمعه بنتنياهو، بالقول لقد كنت في العام 1999 ولمدة ثلاثة اشهر اعمل مع نتنياهو، الذي كان رئيساً للوزراء، انّ هذه الفترة اسوأ فترة خلال سنوات حكمي. ولفتت المصادر الاسرائيلية الى انّ الاردنيين، يقطعون كلياً وزير الخارجيّة الاسرائيليّة، افيغدور ليبرمان. كما قال الملك عبد الله الثاني انّ لا مستقبل لسلام الاردن مع اسرائيل ان لم تقم دولة فلسطينية، ووصفه بالبارد والمرشح لمزيد من البرودة، وارتفعت وتيرة النبرة الانتقادية لاسرائيل في الخطابين الرسمي والاهلي الاردنيين، ومن المتوقع ان استمر الحال على هذا المنوال، ان تشهد هذه العلاقات مزيدا من البرودة والتوتر. وبحسب المصادر الاردنية يعود تردي العلاقات الى عدّة نقاط: اولا: لارتباط اردن تاريخيا بالقدس والمقدسات والاقصى. ثانيا: معاهدة السلام بين الاردن واسرائيل اعطت عمان حق رعاية المقدسات في المدينة المحتلة. ثالثا: ان الاردن يعتقد انه من دون القدس والمقدسات، لا دولة فلسطينية، ومن دون دولة فلسطينية لا سلام في المنطقة ولا استقرار، وان امن الاردن ومصالحه العليا ستبقى مهددة بغياب هذه وتلك. كما اشارت المصادر الاسرائيليّة الى انّ مقابلة العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني مع صحيفة ’هآرتس’ العبريّة اكدت على مدى تردي العلاقة بين الاردن واسرائيل، لما حملته المقابلة من تحذيرات شديدة اللهجة للمجتمع الاسرائيلي من سياسة نتنياهو. واعادت مخاطبة عبد الله الثاني للمجتمع الاسرائيلي دون المرور بحكومة نتنياهو الى الاذهان رسالة الملك الراحل الحسين لنتنياهو قبيل الانتخابات الاسرائيلية في 1997 متهما اياه بانه معاد للسلام، وهو الملك عبد الله بان سياسة حكومتهم تهدد السلام والمنطقة برمتها. ووصف سياسيون اردنيون تحذير الملك عبد الله الثاني لحكومة اسرائيل من ان القدس خط احمر بانه رسالة غضب تعكس نفاد الصبر الاردني تجاه تهويد المدينة المقدسة وتهديد وجود القدس. واعتبروا ان التصريحات تشكل انعطافة حادة في العلاقة مع اسرائيل التي وصفها الملك عبد الله الثاني بانها تزداد برودة في ظل الاستيطان وتراجع فرص تحقيق السلام. كما لفتت الصحيفة العبريّة الى انّه في الاونة الاخيرة استدعت الخارجية الاردنية السفير الاسرائيلي في عمان وحذرت من المساس بالاماكن المقدسة او العبث فيها، فالاردن صاحب الولاية الدينية والتاريخية على القدس وفقا لاتفاقية السلام الموقعة بين البلدين في العام 1994. ويأتي التوتر بين الاردن واسرائيل في سياق تاريخ علاقة سيئة بين الاردن مع الحكومات التي تزعمها نتنياهو. وظل الصدام عنوان العلاقة بين الطرفين اثر تعنت رفض حكومته لخيار الدولتين ومبدأ عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين يتواجد منهم زهاء ثلاثة ملايين شخص في الاردن، فضلا عن تولد قناعة لديه بأن سياسة نتنياهو تهدف الى تحقيق مشروع الوطن البديل، اضافة الى الاعتداء على سيادة الاردن والتي كان ابرزها محاولة اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ابان حكومة نتنياهو الاولى.