تتعاظم الاصوات الداعية الى الوحدة بين فتح وحماس. بعد يوم من اعلان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس (ابو مازن) عن استعداده الذهاب الى قطاع غزة كي يحث اقامة حكومة وحدة بين حماس وفتح، دعا أمس متظاهرون في القطاع ايضا الى انهاء الاقسام. بالتوازي، تمارس اسرائيل ضغطا معاكسا: في القدس بدأت اتصالات مع الادارة الامريكية ودول مركزية في الاتحاد الاوروبي كي تضغط على عباس الا يشكل حكومة وحدة مع حماس قبيل الانتخابات في الضفة الغربية وفي غزة. رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو قال أمس في مقابلة مع شبكة "سي.ان.ان" انه يعارض بشدة مبادرة عباس للوحدة الفلسطينية، وأوضح بان مثل هذه الخطوة لن تسمح بتقدم المسيرة السلمية. "الان هم يتحدثون عن وحدة وطنية مع حماس، تدعو لابادتنا"، قال نتنياهو في مقابلة مع السي.ان.ان. "كيف يمكن ان يكون مع السلام مع اسرائيل وفي نفس الوقت السلام مع حماس التي تريد ابادتنا؟ هل يمكنك ان تتصور اتفاق سلام مع القاعدة؟ بالطبع لا". محافل في مكتب رئيس الوزراء قالت أمس ان نتنياهو ومستشاريه رون ديرمر واسحق مولكو بدأوا يجرون محادثات مع الامريكيين ومع محافل دولي اخرى. وقالوا في مكتب رئيس الوزراء ان "نتنياهو يعتزم طرح الموضوع في محادثات يجريها في الايام القريبة القادمة مع زعماء اجانب". في مكتب نتنياهو رفضوا أن يقولوا في هذه المرحلة اذا كانت اقامة حكومة وحدة فلسطينية ستجر عقوبات اسرائيلية على السلطة او وقف التعاون الامني. وحسب مستشاري نتنياهو فان أساس النشاط في الايام القريبة القادمة سيكون على الصعيد الدبلوماسي. "نحن نطلب من الاسرة الدولية الايضاح للفلسطينيين بان اقامة حكومة وحدة مع حماس ستكون خطوة تدل على عدم الاهتمام بمواصلة المسيرة السلمية". رد على المظاهرات دعوة عباس للوحدة جاءت عمليا ردا على المظاهرات التي نظمها شباب فلسطينيون في الضفة وفي غزة داعين الى المصالحة بين حماس وفتح. رد المنظمة الاسلامية كان متلعثما وهزيلا وتضمن بيانا مكتوبا: "قيادة حماس ستبحث في الوسائل العملية لقبول الموضوع وانهاء الانقسام". اما أمس فيتبين أن حماس حشرت في الزاوية، ولا سيما قناة "الجزيرة" التي تلقت الانتقادات على سياستها احادية الجانب ضد السلطة ومع حماس. فقد تناولت القناة امس باهتمام في بثها المبادرة السياسية لعباس. وبثت القناة تصريحات عباس في المجلس المركزي م.ت.ف، وبعد ذلك المهرجان الهادىء في ميدان المنارة في رام الله، الذي يجري بمشاركة شبان مضربين عن الطعام من اجل المصالحة. وبالمقابل عرضت "الجزيرة" محاولة شرطة حماس التفريق بالقوة للشبان الذين تجمعوا قرب مقر وكالة الغوث التابعة للامم المتحدة في غزة، حيث دعوا الى الوحدة الفلسطينية. تجند "الجزيرة" في صالح حملة الوحدة التي يخوضها عباس تخلق مشكلة غير بسيطة بالنسبة لحماس كونها تتخذ صورة رافضة الوحدة بينما عباس وفتح يعتبران كساعيين لها. وتجدر الاشارة الى أنه في حماس توجد محافل معنية بان ترى وحدة فلسطينية، برئاسة رئيس الوزراء في غزة اسماعيل هنية. في يوم الثلاثاء دعا عباس الى المجيء الى غزة لاجراء حوار على اقامة حكومة وحدة. ولكن المشكلة في المنظمة هي أن هنية ليس صاحب القرار المركزي في حماس. فهو يحظى بمكانة جماهيرية محترمة، ولكن مسؤولي المنظمة في دمشق وفي الذراع العسكري في القطاع هم عمليا من يقررون اذا كانت وجهة حماس نحو المصالحة أم لا. حاليا، أصحاب القرار في حماس، بقيادة رئيس المكتب السياسي للمنظمة، خالد مشعل، غير معنيين بان يروا اقامة حكومة وحدة فلسطينية. في حماس يعتقدون بان موجة الثورات في العالم العربي ولا سيما في مصر ستعزز مكانة المنظمة. وحسب رؤيتهم، فان مكانة المنظمة الام لحماس، "الاخوان المسلمين" ستتعزز في مصر. وعليه فان وضعهم في الحدود الجنوبية لغزة سيتحسن فقط. "الاخوان" يرون في حماس نموذجا لسلطة اسلامية اولى من نوعها ولهذا فهم يضغطون لعدم التنازل عن السيطرة الحصرية في غزة. بل انهم في المنظمة يقدرون بانه بعد ذهاب عباس ستنشأ أزمة قيادية حادة في فتح لن تؤدي الا الى مزيد من القوة لحماس. الرباعية متشائمة خطوة عباس لاقامة حكومة وحدة مع حماس تأتي بعد اسبوع فقط من زيارة مبعوثي الرباعية الى رام الله وغزة والتي لم تؤدي الى أي تقدم نحو استئناف المسيرة السلمية. وحسب موظفين اسرائيليين كبار ودبلوماسيين اوروبيين، فان استنتاج مبعوثي الرباعية في ختام زيارتهم كان ان الفوارق بين الطرفين هائلة ولهذا فهناك احتمال صفر لاستئناف المفاوضات في المدى المنظور. "الاستنتاج كان أن الفوارق بين الطرفين واسعة جدا ولا يبدو أن أيا منهما سيغير موقفه"، قال دبلوماسيون اوروبيون. وعقب ذلك، تقرر التأجيل حتى منتصف نيسان لقاء وزراء خارجية الرباعية واعادة النظر في فكرة نشر بيان للرباعية يحدد حلولا محتملة للمسائل الجوهرية كالحدود، الامن، اللاجئين والقدس. في ضوء الاستنتاجات السلبية لمبعوثي الرباعية يبدو أن المزيد فالمزيد من المحافل في الاسرة الدولية تبلور خطة بديلة للدفع الى الامام باقامة دولة فلسطينية اذا ما استمر الجمود. وزير الخارجية الفرنسي الجديد، الين جوبيه، تحدث يوم الثلاثاء في اثناء نقاش في البرلمان الاوروبي بانه يجب النظر في امكانية اعتراف الاتحاد الاوروبي بدولة فلسطينية. وقال جوبيه: "لا معنى لان نعترف بدولة فلسطينية بأنفسنا، هذا يجب أن يتم معا. نحن لسنا هناك بعد، ولكني أعتقد بان هذه امكانية يجب التفكير فيها".