القاهرة وكالات بينما كان المصريون على مدار زمن النظام البائد يعانون من عجرفة الرئيس المخلوع مبارك وسخرية وزرائه وطول ألسنتهم فإذا بهم أمس أمام رئيس وزراء جديد من طراز فريد فقد سالت دموع الدكتور عصام شرف وهو يتحدث للمواطنين داعيا إياهم للتعاون معه للخروج من النفق المظلم الذي وضع فيه مبارك البلاد طيلة ثلاثين عاماً.شاهد المصريون رئيس أول حكومة تستمد شرعيتها من ميدان التحرير باكياً في برنامج العاشرة مساء معقباً على الفوضى التي تشهدها البلاد والتي تقف وراءها ميليشيات النظام البائد وعصابات جهاز أمن الدولة التي يطالب الرأي العام بتفكيكها ودعا شرف لضرورة رد الجميل لمصر ودعم اقتصادها خلال الفترة القادمة مؤكدا أنه جاء وقت حماية الثورة الطاهرة والثالثة أن الشعب المصري ’ايد واحدة’.قال ’إننا إذا فشلنا في حماية مصر فسنكون قد خناها وفرطنا في حقوقها علينا مشدداً على أن ما تشهده مصر الآن هو شيء منظم وممنهج يهدف لإشاعة الفوضى وشدد على أن هناك من يحاول أن يهدم كيان الدولة وهو أمر خطيرلا يمكن السكوت عليه داعياً المصريين لاستنهاض الهمم. وأضاف نحن أؤتمنا على هذا الوطن وأخذت شرعيتنا من الثورة ويجب أن نحمي الوطن والثورة.وأوضح شرف أنه لن يقبل المساس بهيبة الدولة قائلا خلال حواره مع برنامج العاشرة مساء: هيبة الدولة يجب ألا تمس فهي ليست خطا أحمر بل حائط أحمر لا يمكن أن يخترق. وحول المطالب الفئوية التي يرى مراقبون أنها ستأكل الثورة وتقضي عليها قال شرف إنها مشروعة لكن هناك عجلة من قبل المشاركين في تلك المظاهرات الفئوية وعلل ذلك بأن الناس شعرت بعد الثورة بأن مطالبهم قابلة للتحقيق ونحن نتفهم ذلك ولكن لا يمكن المساس بهيبة الدولة ولكن لا نتفهم معنى أن تنتهك حرمات المؤسسات بدعوى مطالب فئوية، واعترف بوجود شرف ثورة مضادة تقوم على أسس ممنهجة ومنظمة غير أنه شدد على أن المساس بهيبة الدولة سيقع المجرمون تحت طائلة القانون لأن مؤسسات الدولة هي عرض الوطن ويجب أن نحميها من خلال القانون .. فالقانون يوفر حالة الدفاع الشرعي عن النفس.وأضاف ’أنا ومعي الحكومة مسؤولون عن 85 مليون مصري وعن تراب الوطن والعالم كله يريد أن يساعد مصر لتحقيق الاستقرار لذا فلن نسمح لأحد بأن يهدم إنجازات الثورة’.وأشار إلى أن ما شهده ميدان التحرير امس الأول يؤكد على ضرورة وجود حالة من الحسم عمادها القانون داعياً الشارع المصري ’لمصالحة جهاز الشرطة حتى تتمكن من النزول سريع للشارع’.وأضاف أن هناك جرائم ترويع وبلطجة والمواطنون لا يشعرون بالأمن ولا يمكن أن تدور عجلة الإنتاج في ذلك المناخ ولذلك كان لا بد من الحسم القانوني الرادع لذا تم تغليظ عقوبة البلطجة والإعتداء على المواطنين والممتلكات لحد الإعدام، وأوضح أن مهمة حكومته هي إعادة الاستقرار وتنشيط عجلة الإنتاج وكلاهما يحتاج لدورالأمن مشيرا إلى أن عمر حكومته قصير باعتبارها حكومة تيسير أعمال ولكنها عازمة أن تؤسس دولة القانون وكل ما يتعارض مع القانون سيواجه بكل حزم وحسم.وتساءل شرف: هل الناس سعيدة بدون وجود الشرطة؟ لا شك لا بسبب حالة الفوضى لذا لا بد من وجود مصالحة مع مؤسسة الشرطة والترحيب بمختلف عناصرها الذين سيبذلون الجهد من أجل حماية المواطنين.وقال ’أنا أحرص على مصافحة رجال الشرطة وأقول لهم ’منورين’ رغم أنهم ’لابسين أسود’ ’وحشتونا’ وأتمنى أن يكون هذا سلوك المواطنين في الفترة القادمة مع الشرطة لاحتضان تلك المؤسسة، وأضاف: شعرنا بغيابهم وبمجرد نزولهم سنشعر بالأمن وسنبدأ في الإنتاج.ورفض شرف الربط بين اقتحام مقارات أمن الدولة في نفس يوم توليه الوزارة قائلا: أنا حزين جدا ولا أريد الربط بين الأمرين ولا بد من تفهم حالة الغضب من الناس نتيجة بعض الممارسات ولكن حينما يصل الأمر لحد إهانة مؤسسات الدولة فلا بد من اللجوء للقانون وتفعيله مشيراً إلى ان ما حدث كان سيحدث مع أي حكومة ثانية لها توجه عام وداعياً لأن تكون مصر دولة قانون.وقال شرف: أتمنى أن أكون جزءا ولو بسيطا في دولة قانون وهناك تحقيقات موسعة عما جرى وسنعرف تفاصيل ما حدث من تسيب أمني وتفكك وعمليات نهب وبلطجة قريباً.وأضاف شرف: أنا فخور بثقة الشعب وأخاف أن أفقدها وإذا فقدتها فسأرحل فورا.ووجه شرف ثلاث رسائل قصيرة للشعب المصري، قائلا: الأولى: ’لجميع المصريين بالخارج وغير المصريين اللي بيحبوا مصر ومن يريدون ان يساعدوا مصر .. جاء الوقت لذلك من خلال عودة البورصة قريبا ودي فرصة للاستثمار على ارضها وكذلك دعم صندوق بناء مصر وأدعو المصريين للمشاركة فيه.والرسالة الثانية: للشعب المصري في الداخل وخاصة شرفاء الوطن وهم كثيرون ممن شاركوا في الثورة الطاهرة داعيا إياهم لحماية مكتسبات تلك الثورة ولم يتمالك رئيس الوزراء نفسه حيث سالت دموعه مرة ثانية حينما قال: بالأمس كنت أشعر بضيق شديد وفجأة اتصل بي مصري من السعودية وقال لي انه ومجموعة من أصدقائه سيقومون بأداء مناسك العمرة من أجل أن يعود الاستقرار لمصر كما أرسل لي صديق مسيحي رسالة تقول: كل يوم بالليل بنولع شمعة أما الرسالة الثالثة فقالها بدموعه باكيا ’المصريين إيد واحدة’.جدير بالذكر أن شرف كان قد عقد أمس اجتماعاً مع رؤساء تحرير الصحف المصرية شدد فيه على أهمية استعادة الأمن الداخلي في مصر كأولوية استراتيجية لكي تتمكن الحكومة التي يقودها من استكمال اهداف ثورة 25 يناير. واضاف شرف إن انفجار ملف الفتنة الطائفية يثير الشكوك، مؤكداً خطورة تصاعد ملف المطالب الفئوية بالصورة التي تعطل عجلة الإنتاج. كما طالب كافة فئات المجتمع بالتعاون مع الحكومة الجديدة والتزام الصبر حتى تقف مصر على قدميها من جديد. وأشار رئيس الوزراء إلى خطورة الأوضاع الاقتصادية الحالية بسبب عدم توافر الأمن خلال الفترة الماضية وتوقف العديد من الاستثمارت داعياً لضرورة ان يتحمل الرأي العام مسؤوليته الكاملة للوقوف بجانب الحكومة وكذلك الحال بالنسبة للصحف ودورها الهام خلال المرحلة الراهنة.
