القدس المحتلة سما قالت دراسة جديدة أعدّها طاقم من الخبراء في معهد الأمن القومي بتل أبيب برئاسة يورام شفايتسر إنّ الدولة العبرية تواجه منذ سنوات ابتزاز منظمات إرهابية تحتجز رهائن إسرائيليين، جنودا ومدنيين، حيث طلب خاطفوهم مقابل تحريرهم أن تفرج إسرائيل عن مئات من أسراهم. وعندما واجهت إسرائيل أوضاعا كهذه في الماضي، وكان لديها خيار عسكري عملي لتحريرهم بالقوة فإنها فعلت ذلك، ولكن عندما لم يكن لديها خيار كهذا دفعت دائما ثمنا غاليا لقاء تحريرهم. وزادت: لقد تبلورت هذه السياسة على مدى عشرات السنين منذ أواخر سنوات الستينيات، وقد دفع هذا الواقع التنظيمات الإرهابية إلى توجيه عملها وفقا لقدراتها نحو قناة لا يوجد لإسرائيل مجال للعمل فيها، وعمليا شجعهم على اختيار أساليب عمل اضرب واهرب، ونقل الرهائن إلى خارج مدى إمكانية تحريرهم بالقوة على يد قوات الأمن الإسرائيلية. وشددت الدراسة على العمليات التي قام بها حزب الله اللبناني وحركة حماس في فلسطين، حيث قالت إنّه منذ بداية سنوات التسعينيات نفذ رجال حماس عدة محاولات لخطف جنود، ومعظم هؤلاء الجنود قتلوا خلال الخطف، وتم إخفاء جثثهم، وحاولت حماس أن تبتز إسرائيل، وفي السنوات الأخيرة اضطرت إسرائيل إلى أن تواجه مجددا المشكلات المرتبطة بمطالب ابتزازية لتحرير معتقلين أمنيين في أعقاب خطف جنود من قبل هاتين المنظمتين، في ظل ظروف غياب خيار عسكري لتحريرهم. وأوضحت أنّ عمليتي الخطف الأخيرتين، جنديان من قبل حزب الله وشاليط من قبل حماس، وضعتا إسرائيل أمام ضرورة لإجراء مفاوضات غير مباشرة بواسطة وسيط، مع منظمات ترفض حق وجودها كدولة ذات سيادة، ونفذت عمليات إرهابية ضدها على مدى سنوات، لافتةً إلى أنّ حقيقة أن إسرائيل لا تنفذ أي اتصال مباشر معهم ألزمتها في البحث عن وسيط أمين مقبول من قبل الطرفين من أجل الوصول إلى صفقات تبادل بالسرعة الممكنة وبأثمان يمكن دفعها دون إلزامها بالاعتراف رسميا بهذه المنظمات. وبرأي الدراسة فإنّ المشكلات الرئيسية التي واجهتها إسرائيل خلال المفاوضات مع حزب الله تركزت في مسألة الإفراج عن قاتل مدان تم الحكم عليه بعدد كبير من المؤبدات، وفي مسألة الإفراج عن أسرى أحياء مقابل جثث، والمشكلة الأولى بشأن سمير قنطار، الذي رفضت إسرائيل الإفراج عنه في الماضي، كانت في جوهرها قيمية رمزية وعاطفية، وذلك لأنه بالنسبة لإسرائيليين كثيرين يمثل رمزا للوحشية القاتلة الكامنة في الإرهاب الفلسطيني، كما قالت الدراسة. وتابعت الدراسة قائلةً إنّه في كل الأحوال فإنه بالإمكان افتراض أنه عندما يتم تنفيذ صفقة التبادل في النهاية، فإن الأمن القومي الشامل لإسرائيللن يتضرر فجأة رغم الثمن الفادح، وبشكل خاص في جانب القيم الرمزية وفي الجانب العاطفي المرتبطين بتحرير أسرى فلسطينيين في ظل الابتزاز، ولكن في مقابل هذا الثمن ستزداد قوة القيمة التقليدية لإسرائيل الكامنة في عدم التخلي عن مقاتلين وقعوا في أسر العدو، وقيمة الضمانة المتبادلة اللتين لا تقل قيمتهما وأهميتهما لإسرائيل عن قيمة الثمن الذي سيتم دفعه. ومثل هذه الصفقات هي دائما قسم من مجمل مخاطر محسوبة تضطر إسرائيل إلى التعامل معها في مواجهتها المستمرة مع الإرهاب، والصفقة المطروحة على جدول الأعمال، أي صفقة شاليط، مثل سابقاتها من غير المتوقع أن تخرق التوازن المهم في نسب القوى بين الطرفين، ومع ذلك وبسبب المشكلات ثقيلة الوزن التي تنشأ خلال المفاوضات بكل مركباتها الأمنية والسياسية والقيمية والعامة هناك ضرورة لتحديد مبادئ لاتخاذ قرارات حول مثل هذا الموضوع، وهناك لجنة رسمية برئاسة القاضي شمجار تم تفويضها في هذه المسألة لبلورة موقف مبدئي بشأنها. وساقت الدراسة قائلةً: يوجد لمعركتي المفاوضات اللتين أدارتهما إسرائيل مقابل حزب الله وحماس، الأخيرة ما زالت في طور التبلور، معان مختلفة بشأن الاحتمال المعقول في أن تواجه إسرائيل مستقبلا أيضا عمليات خطف أخرى ينفذها خصومها. فمقابل حزب الله تم إغلاق الحساب، حيث إنه تم تحرير الأسرى اللبنانيين حتى آخرهم في الصفقة التي تم توقيعها في صيف 2008 وفي المقابل فإنه حتى إذا تم تنفيذ الصفقة بين إسرائيل وحماس، فإنه سيبقى في السجون الإسرائيلية 6000 أسير فلسطيني، وحزب الله المستمر بمساعدة التنظيمات الفلسطينية في تنفيذ الإرهاب، قد يصاب بالإغراء وينفذ عمليات خطف من أجل تجسيد هذا الدعم، والإغراء للعودة إلى ساحة الخطف قد يتغلب أيضا في حالة اندلاع مواجهة عسكرية أخرى بين حزب الله وإسرائيل. ولا شك، قالت الدراسة، بأن صورة أسرى فلسطينيين محررين مع تنفيذ صفقة شاليط ستعطي حماس إيجابيات كثيرة وترفع قيمتها دعائيا وإعلاميا، وهذه النتيجة قد تثير رغبة منظمات فلسطينية لخطف جنود أو مواطنين إسرائيليين آخرين من أجل تكرار الإنجاز والوصول إلى تحرير ما بقي من الأسرى في السجون الإسرائيلية، ومع ذلك فإنه يجب أن نتذكر بأن حماس والمنظمات الفلسطينية الأخرى، مثل الجهاد الإسلامي، وأيضا مجموعات متمردة من داخل فتح، أو أوساط من الجهاد العالمي المستمرين بمحاولة خطف إسرائيليين لا يتوقع أن يتوقفوا عن ذلك. فموضوع تحرير الأسرى هو موضوع ثابت على جدول أعمالهم، إضافة إلى استنزاف الجمهور الإسرائيلي وإذلال الحكومة الإسرائيلية. ولفتت إلى أنّ التكتيكات والدعاية التي ترافق صفقة تبادل الأسرى، من المتوقع أن تشكل محركا معنويا لدافع التنظيمات الفلسطينية الدائم لخطف إسرائيليين، وتنشيط التنافس القائم بينها. وزعمت أنّه يوجد للتنظيمات المعارضة لحماس هدف واضح وهو أن تثبت لحماس بأن طريقها العسكري أفضل من طريق حماس، وبالأخص عندما تكبح في هذه المرحلة على الأقل عملها العسكري من غزة ضد إسرائيل وتحاول تحرير الأسرى الفلسطينيين بواسطة المفاوضات. وتساءلت الدراسة: هل أن الثمن الذي تمت جبايته من إسرائيل على يد حزب الله لقاء إعادة جثث جنودها ايهود غولدفاسر وايهود ريجف سيشجع حدوث عمليات خطف جنود مستقبلا، بل وحتى قتلهم انطلاقا من إدراك أن إسرائيل ستدفع أيضا مقابل جثثهم؟ وعلى العكس، هل أن الثمن المرتفع الكامن بتحرير أسرى فلسطينيين ومن بينهم من كانوا مشاركين في قتل إسرائيليين مقابل تحرير جندي أسير حي سيثير موجة جديدة ومتزايدة لعمليات خطف؟ من غير الممكن توفير جواب مطلق على هذه الأسئلة، ومع ذلك من الواضح أن غياب حل لمسألة آلاف الأسرى الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل سيستمر في كونه جمرة مشتعلة بين باقي مركبات الصراع التي تنتظر الحل، ومن المحتمل أنه يجب حل هذه المسألة كجزء من مفاوضات شاملة بين إسرائيل وبين شركائها الفلسطينيين ربما كبند إنساني، ولكن يجب ربط ذلك بإدارة هذه المفاوضات حول هذا الموضوع بالقناة السياسية وليس على الصعيد العسكري. وخلصت إلى القول: لتكن مهما تكن نتائج وتوصيات لجنة شمجار التي تناقش مبادئ سياسة إسرائيل في حالات مساومة مستقبلية، فإنه من الواضح بأن الاختبار الحقيقي سيكون في قدرة حكومات إسرائيل على تطبيقها بشكل فعلي، والصمود أمام الضغط المتوقع من جانب العائلات، ووسائط الإعلام، والجمهور بشكل عام للوصول إلى تحرير الأسرى الإسرائيليين حتى بثمن تحرير الكثير من الأسرى، مثلما حدث مرات كثيرة في الماضي.