خبر : بطالة تقترب من 50% من قوى العمل..غزيون يجبرهم فقرهم على شراء ملابس اسرائيلية مستعملة

الأربعاء 02 مارس 2011 02:27 م / بتوقيت القدس +2GMT
بطالة تقترب من 50% من قوى العمل..غزيون يجبرهم فقرهم على شراء ملابس اسرائيلية مستعملة



غزة / في سوق اليرموك الشعبي وسط مدينة غزة يلتف مئات الرجال حول منصة يعتليها "دلال" يعرض قطعا من الملابس الاسرائيلية المستعملة (البالة) ليتنافسوا على شرائها في مزاد علني يحاكي احوالهم الاقتصادية البائسة.ويبدأ هذا الدلال بعرض افضل ما لديه من جاكيتات جلدية يقوم بارتدائها احيانا ليغري الحاضرين المتزاحمين لشرائها فتعلو اصواتهم للمزايدة بالاسعار على بعضهم حتى تنتهي الى احدهم بقليل من الشواقل. وباتت هذه البضائع الاسرائيلية طوق نجاة للكثير من سكان قطاع غزة الفقير حيث تصل معدلات البطالة الى 54.5 بالمئة بحسب احصائية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للامم المتحدة (اونروا).ويقول جمال ملكة (55 عاما) وقد حمل بيده بضع قطع من ملابس الاطفال ابتاعها من المزاد باربعة شواقل (دولار اميركي واحد) "لا استطيع ان اشتري ملابس جديدة لي ولاولادي فآتي الى هنا كل اسبوع لاشتري الضروري لهم".وبينما يتفقد الرجل, الذي كان يعمل في اسرائيل قبيل الحصار الذي تفرضه الدولة العبرية على القطاع, هذه الملابس التي لم يتسن له معاينتها قبل شرائها لشدة الزحام وارتفاع منصة البيع, يبدي خيبة امله من ان بعضها مهترىء, ويقول "الشراء هنا حظ, فقد تكون القطع جديدة نوعا ما وقد تكون مهترئة, لكنها في النهاية افضل من لا شيء.ويخضع قطاع غزة منذ 2006 لحصار اسرائيلي محكم, لا يستثني سوى بعض المواد الاساسية رغم تخفيفه خلال الاشهر الماضية عن بعض المواد الاستهلاكية.وجاءت الاجراءات الاسرائيلية لتخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة تحت ضغوط دولية شديدة بعد مقتل تسعة ناشطين اتراك في هجوم شنته البحرية الاسرائيلية في 31 ايار/مايو على اسطول للمساعدات الانسانية كان يريد كسر الحصار عن غزة.وانتشرت هذه الملابس الاسرائيلية البالية في الاسواق الشعبية في قطاع غزة منذ الاجراءات الاسرائيلية لتخفيف الحصار.وفي سوق فراس الاكثر شعبية في مدينة غزة تتعدد محلات بيع البالة الاسرائيلية بين اروقته التي قصدتها الشابة فداء (18 عاما) لتشتري منها احتياجاتها قبيل حفل زفافها الشهر المقبل. وتقول "موعد عرسي اقترب لكن مهري قليل لان خطيبي لا يعمل, لذلك قررت ان اشتري كل ما يلزمني من هنا لان الاسعار رخيصة".وتتابع الشابة وهي تشير الى اكياس كبيرة تحملها "كل هذا بأقل من مئة شيقل (25 دولارا), المئة شيقل لا تكفي لشراء قطعة جديدة من البضائع الاسرائيلية".لكنها تقول على استحياء "لن اخبر اهل زوجي بانني اشتريت تجهيزات الفرح من البالة, فهذا مهين وسيقلل من احترامهم لي".وتتفاوت اسعار قطع الملابس في هذا السوق بين خمسة الى 15 شاقل, بحسب جودتها وماركتها.ويقول محمد السندواي وهو صاحب عدد من محلات البالة في هذا السوق ان "اقبال الناس كبير جدا على ملابس البالة لانها رخيصة وتناسب الفقراء والعاطلين عن العمل الذين تتزايد اعدادهم كل يوم".ويتابع الرجل وهو يعلق المزيد من الالبسة المستعملة "انا ابيع البالة منذ ما قبل الحصار, لكن كان الزبائن تاتوننا لانهم يبحثون عن الماركة اما الان بعد الحصار وارتفاع البطالة فيأتينا الفقراء بشكل اكبر, لذلك فان الاقبال اصبح ضخم".ويجلب السندواي 30 طنا من الملابس الاسرائيلية اسبوعيا ليعرضها في محلاته التي تحتوي على ملابس نسائية ورجالية واخرى للاطفال.ويشير الى ان مئة طن من هذه الملابس تدخل اسبوعيا الى القطاع, الشريط الساحلي الصغير الذي يزيد عدد سكانه عن مليون ونصف المليون نسمة.وتقول ام جمال الاربعينية بينما هي تجرب بعض الملابس على احدى بناتها "عندي خمس بنات واربعة صبيان, من اين ساتمكن من ان اشتري لهم ملابس جديدة, زوجي كان يعمل في اسرائيل والان يعمل ناطورا في احد الابراج وبالكاد يكفينا راتبه لنأكل".لكن هذه الملابس البالية لا ترضي ابنتها تمام (12 عام) التي تقول "كل الناس تشتري ملابس جديدة, اشعر بالخجل اذا عرفت احدى صديقاتي انني البس ملابس مستعملة".وتتابع الفتاة بنظرات حادة "اعلم ان ابي ليس لديه نقود ليشتري لي ملابس جديدة لكن هذا لا يغير من واقع اني البس ملابس مستخدمة حتى في العيد والمناسبات".وسرعان ما تقاطعها والدتها بخيبة امل وتقول لها "قولي الحمد لله, ان شاء الله سأشتري لك ملابس جديدة حين تتحسن اوضاعنا".ويعيش غالبية سكان قطاع غزة تحت خط الفقر بحسب احصائيات الاونروا, ولا سيما بعد الحصار الاسرائيلي الذي فرضته اسرائيل منذ سيطرة حماس على القطاع منتصف يونيو/حزيران 2007.