بيروت / وكالات / يأمل المسؤولون عن فريق للعبة الركبي, يضم شبانا من مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان, في أن تساعد إقامة مباريات لهذا الفريق مع فرق لبنانية, في ازالة "الصورة النمطية الخاطئة" لدى اللبنانيين عن ابناء المخيمات الفلسطينية, معلنين أنهم يسعون الى الحصول على تفويض رسمي من السلطة الوطنية الفلسطينية بأن يكون الفريق "منتخب فلسطين" في هذا الرياضة.ويندرج الفريق في اطار مبادرة "الكرامة للجميع" التي اطلقتها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى وتشغيلهم (أونروا) سعيا الى تسليط الضوء على الظروف المعيشية للاجئين الفلسطينيين في لبنان, وهو يلقى دعما من المفوضية الأوروبية.وتحت هذا الشعار , أقيمت مساء الجمعة مباراة ودية على ملعب الجامعة الاميركية في بيروت, بين الفريق الفلسطيني وفريق الجامعة, انتهت الى فوز الثاني بنتيجة 22-10.وقال ممثل المفوضية الاوروبية يورغوس كابراني لوكالة فرانس برس "بفضل هذه المباراة, سيتشجع الفريق على متابعة التمارين بشكل اكبر واستقدام لاعبين شباب جدد".وأضاف "سنواصل دعم هذا الفريق بالتعاون مع اونروا, فهو مثال جيد للمشاريع التي يمكن ان تحمل رسالة ايجابية حيال المجتمع اللبناني, ومن خلاله نظهر ان الفلسطينيين الشباب يمكن ان يعيشوا بكرامة ويقوموا بنشاطات رياضية, كما اللبنانيين". أما منسق مشروع "كرامة للجميع" لدى وكالة "اونروا" محمود عبدالله فقال "نريد ان نظهر ان لدى الفلسطينيين طاقات لم تتح لهم الفرصة لاثباتها. لديهم معنويات عالية وشغف. هم مستعدون ليقدموا افضل ما عندهم لرفع اسم بلدهم".وأضاف "هدفنا تغيير نظرة اللبنانيين المغلوطة تجاه الفلسطينيين, والصورة النمطية لديهم عن هؤلاء, اذ في نظر بعض اللبنانيين أن الفلسطينيين مجرد مسلحين, ولكن في الواقع نريد أن نظهر أن الفلسطينيين رياضيون ومثقفون. ومن جهة اخرى لا يزال الفلسطينيون يخافون من اللبنانيين. يعيشون فكرة الحرب ويعتبرون ان اللبنانيين يكرهونهم".الفكرة أطلقها في العام 2008الشاب الفلسطيني ربيع المصري الذي درس ادارة الرياضة في فرنسا بمنحة من الأمم المتحدة. ولدى عودته الى لبنان, أسس فريق الركبي الفلسطيني, وحرص على أن يكون معظم أعضائه من أبناء المخيمات الفلسطينية في لبنان. وروى المصري "ولدت في بيروت وكذلك والدي ولكننا عشنا خارج المخيمات. برعت في الالعاب القتالية, ولم يكن في إمكاني ان اشارك في بطولة لاني فلسطيني. وفي كرة السلة واجهت المعضلة اياها, وعندما عدت من فرنسا قررت أن أؤسس هذا الفريق".جال المصري مع شقيقه أحمد, مدرب الفريق, على مدارس "اونروا" في مخيمات شاتيلا وبرج البراجنة ومار الياس الفلسطينية في بيروت وضواحيها, معرفا الشباب على اللعبة ومستقطبا بعض الراغبين في مزاولتها.وقال "لدينا اليوم نحو 07 لاعبا موزعين على ثلاثة فرق فلسطينية, هي الفريق الأول وفريق اللاعبين ما دون السادسة عشرة, وفريق اللاعبين ما دون الرابعة عشرة". وأوضح أن فريق الكبار المؤلف من 81 لاعبا, يضم ثلاثة لاعبين يلعبون في الدوري اللبناني. ولا ينسى المدرب أحمد "مشهد المراهقين في مخيم نهر البارد حين نزلوا ليتدربوا وهم ينتعلون +المشايات+ (اخفاف), وكانت مشاياتهم ملفوفة باشرطة لاصقة".وأشار ربيع المصري الى أن "مساهمات المتبرعين تكفلت شراء الاحذية الرياضية والملابس للاعبين" .واعتبر المدرب أن "اللاعبين يقدمون من قلبهم ويلعبون بمعنويات مرتفعة". وقال "نحن نمثل فلسطين وهذا مهم جدا بالنسبة الينا". وتابع "اللاعبون الذين انضموا الينا من المخيمات لديهم طاقات كبيرة". وقال مدرب الرياضة البدنية للفريق هاني عاصي "ليس لدينا ملعب لكننا جديون كثيرا في التمارين. نجمع بعضنا من مخيمات عدة لنتمرن, والقادر على المساعدة لا يوفر, فشباب الفريق لاينقصهم الاندفاع والشغف يمارسون الرياضة مجانا".ولاحظ ربيع المصري أن "سلوك اللاعبين الاتين من المخيمات تغير. تحسن مستواهم في المدرسة وخصوصا انهم تلقوا وعودا من داعمي الفريق بان يحصلوا على منح للدراسة في بريطانيا". وأضاف "تحسنت اجسامهم اذ كانوا هزيلي البنية. برزت عضلاتهم وبدوا في صحة بدنية أفضل. كانوا عنيفين ومن اصحاب المشاكل في المخيم. بفضل هذه اللعبة تعلموا ان يضبطوا اعصابهم".وقال محمد ابو ردينه (18 عاما) من مخيم شاتيلا "صحيح أن اللعبة فيها عنف, لكني أفضلها على كرة القدم. انا عضو اساسي في الفريق ولدي دور فاعل".اما سمير سوري (17 عاما) من مخيم مار الياس, فقال "لا شك في ان العنف في هذه اللعبة اكثر من اي رياضة اخرى لكني احب هذا الجانب في الركبي واللعبة تريح نفسيتي قليلا. اذا كنت متوترا ارتاح عندما العب".كذلك أحب خالد الشخيصة (17عاما) من مخيم برج البراجنة هذه اللعبة, وقال "اضافت الي الكثير, اذ فيها تخطيط وتركيز وتفكير وتقوم على الاستراتيجية لذلك تعلم اللاعب كيف يدير اموره في المستقبل, واعطتني قدرة ان اتحكم بانفعالاتي".وأيده هاني عاصي الذي تربى خارج المخيم في بيروت وتخرج من جامعة سيدة اللويزة ونال منها شهادة في التربية البدنية, اذ اعتبر ان الركبي "تعلم الروح الجماعية وكذلك المنافسة والانضباط, اذ مفروض علينا ان نكون صفا واحدا. واللعبة تجعل اللاعب يعرف ان يتصرف افضل في مجتمعه اذ يتدرب على مواجهة التوتر في الملعب". وقال المدرب احمد المصري إن "اللاعبين لم يكونوا ينتظمون في التمارين". وأضاف "مع الوقت, لاحظنا الفرق في سلوكهم. باتوا ملتزمين, ويستمعون الى التوجيهات. انخفض صوتهم, وصار يمكن ان نناقشهم, وتقرب بعضهم من بعض اكثر وأصبحوا فريقا متجانسا".ويجمع الفريق شبانا فلسطينيين من المخيمات ومن خارجها. وقال ربيع المصري في هذا الصدد "نساعد فلسطينيي المخيمات للخروج من واقعهم, وهم يجعلوننا نعيش قضيتنا ولهجتنا".ولاحظ محمود عبدالله أن اجتماع هؤلاء في فريق واحد "ازال الطبقية بين الفلسطينيين انفسهم, وفتح امام اللاعبين افاقا وفرصا لم يكونوا ليحلموا, بها كالسفر الى لندن للدراسة".واعتبر ربيع المصري ان "هذه اللعبة تساعد اللاجئين الشباب في المخيمات على التواصل مع الشباب اللبنانيين كما تعزز روحهم الرياضية ولياقتهم البدنية وتشكل متنفسا لهم".أما عبدالله فرأى أن "شباب المخيمات اندمجوا في المجتمع اللبناني بفضل الركبي". وكشف ربيع المصري الى أنه يسعى "الى ان يكون هذا الفريق هو المنتخب الوطني الفلسطيني للركبي". وأضاف "هدفي تأسيس اتحاد رياضي للفلسطينييين في لبنان لنمثل بلدنا في رياضة الركبي".