خبر : الاعلامي المصري عمرو ناصف: أقبل أن اكون شحاذا ولكن قريبا من السيد حسن نصرالله!

الخميس 09 ديسمبر 2010 01:02 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الاعلامي المصري عمرو ناصف: أقبل أن اكون شحاذا ولكن قريبا من السيد حسن نصرالله!



بيروت / بين عمرو ناصف ولبنان صلة وثيقة تشبه صلة الرحم. فيه اختبر صدق طويته الناصرية القومية. وفي بيروت ساهم بتحقيق شعار المنار بأنها شاشة العرب والمسلمين. جاء لسنة وامتدت الإقامة لتسع سنوات. يعيش الآن قناعة وحالة حب وتقديس لشخص السيد حسن نصرالله مما يتركه غير قادر على وجود مسافة جغرافية تفصله عنه.عمر ناصف الذي ألغى من أجندة برنامج ’ماذا بعد’ جماعة 14 آذار يرى في السياسة اللبنانية ما هو مثير، لكن ليس فيها ما يبدل معادلات ويبقى الأساس صراعا بين مشروعين.معه كان هذا الحوار:* جئت إلى بيروت متعاقداً لسنة مع تلفزيون المنار وأنت الآن في سنتك التاسعة. لماذا هذا الاستقرار؟ وما هي دوافعه؟* علاقتي العضوية بلبنان لم تبدأ مع تلفزيون المنار، بل تعود لسنة 1982. حينها كنت طالباً في كلية الهندسة قسم عمارة وكنت أتبنى وأعتنق فكراً سياسياً قومياً ناصرياً واضحاً، وكنت أستخلص لنفسي من هذا الإنتماء العقائدي مجموعة من القيم والمبادئ. في لحظة قراءة حسابات في عمر الشباب الأول قررت اختبار مدى التزامي العملي والجاد بهذه المبادئ والمعتقدات، ومن خلال اختبار فيه بعض القسوة. عندها إما أنحاز لمبادئي أو أركز على دراستي بحيث أكون مهندساً شاطراً وناجحاً.* وكيف بدأ هذا الاختبار؟* جئت إلى لبنان متطوعاً في منظمة التحرير الفلسطينية قبيل عدوان 4 حزيران في سنة 1982. كنت أمام صعوبة كبيرة في الانتماء لأي فصيل فلسطيني رغم تأثري في تلك اللحظة بفتح. لكن بدأت علاقتي من خلال الجبهة الشعبية القيادة العامة. وفيها كانت لي أول دورة عسكرية ومن ثم انتقلت إلى فتح. وشاركت كمقاتل على ’قد حالي’ في التصدي لعدوان سنة 1982 حيث كنت مقاتلاً في قلعة الشقيف. وقد خرجت من التجربة مطمئناً لنفسي بأني لست كاذباً. و’زي ما يقولوا بعت نفسي للقضية’. ومع مرور الزمن بدأت تتشكل لديَ قناعات جديدة حتى تجاه حركة فتح. * وهل وصلت لقناعات معينة؟* قناعات تقول بأن النموذج الوحيد الذي يمكن أن أقتدي به في حركة فتح هو أبو جهاد. وأبو جهاد ليس أبو عمار بحيث سيبقى في النهاية حالة، لا يمكن لها أن تتصدى للفساد الموجود في حركة فتح، وإن هي حاولت حتى في المنام فلن يطلع عليها النهار. وهكذا عدت من جديد إلى حركة أكثر راديكالية في منظمة التحرير وهي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة وانتقلت إلى سورية حيث شاركت في تأسيس إذاعة القدس من دمشق العاملة حتى اللحظة وكنت أول مدير لها، وكنت في عمر الـ22 سنة.* إلى جانب حملك للبندقية شققت طريقك في الإعلام؟* هذا ما حصل وهي تجربة استمرت حتى عودتي إلى مصر لظروف خاصة وكان ذلك في سنة 1985 حيث كنت قد تزوجت. وفي مصر امتهنت الصحافة التي أصبحت مهنتي التي لا أعرف سواها. وفي مصر رجعت لناصريتي المصرية وليس القومية، حيث اكتشفت أن حجم المشاكل التي يجب أن نتصدى لها في مصر تساوي نصف حجم مشاكل الأمة كلها. وبدأ منذ ذلك الحين عملي السياسي والمهني حيث تعرضت للسجن والأذى وما شابه.* وما هي الصحافة التي عملت فيها في مصر؟* عندما عدت عملت مديراً لمكتب مجلة كانت شديدة الاحترام والوقار وهي حاليا عكس هذا تماماً هي مجلة الشراع حين كانت مجلة ناصرية صادقة. ومن ثم تركتها لسببين حين وضعت صورة الملك السعودي على غلافها ووصفته بزعيم الأمة العربية. والسبب الثاني أنها وضعت صورة ميشال عون ووصفته بقائد الضباط الأحرار.* على الدوام كنت تلتزم قناعاتك وليس لقمة عيشك؟* هذا صحيح. ومن بعدها صرت مديراً لمكتب جريدة السفير. وهكذا صرت مع تجربة جديدة في جريدة يومية ثقيلة والعمل فيها مهلك. ومن بعدها صرت مراسلاً لجريدة النهار. وفي المرحلة هذه كنت على موقف شديد الحدة والقسوة من كل ما ينتمي إلى مربع الإسلام السياسي. وكنت أرى أن خدعة كبيرة تمارس علينا في الخطاب الإسلامي من خلال اللحى. وكنت على موقف حاد جداً حتى من حزب الله. وكنت أردد أنه قد يتحول إلى نسخة شيعية من السلفية السنية. وعندما ظهر السيد عباس الموسوي بدأت أرى خطاباً إسلامياً غير مسبوق. خطاباً ثورياً حقيقياً لا يستخدم الإسلام لكسب أرض سياسية، لكنه يحاول أن يطبق قناعاته الإسلامية على أرض الواقع. عندها بدأت تتشكل عندي حالة مختلفة. وبدأت أنظر إلى تجربة حزب الله بإيجابية. بعد اغتيال إسرائيل للسيد عباس شعرت بكسرة. وهي كانت المرة الثانية التي أشعر فيها بهذه الكسرة بعد موت عبد الناصر. إنما من ألطاف الأقدار أن جاء السيد حسن نصرالله الذي أكد على نفس خط السيد عباس، والذي سيثبت في نهايته أنه طريق صحيخ. * أنت المنتمي لتيار قومي فكيف القناعة التامة بتيار ديني إسلامي؟* بدأت تتكون لدي قناعة بإمكانية حصول تقاطع حقيقي ما بين منتم إلى تيار قومي عروبي ناصري، وبين تيار إسلامي سياسي، طالما نحن متفقون على الحد الأدنى من الأهداف والمبادئ. وهنا وصلت لقناعة أن الحد الأدنى من الأهداف والمبادئ تحتاج على الأقل لخمسين سنة لحسمها. إذ لست مضطراً لمعارك مع فصيل محترم ينتمي إلى الإسلام السياسي لمجرد توقعي لمعركة قد تحصل بعد 50 سنة.* وهل كانت قناة المنار في بحث عن وجه عربي قومي على شاشتها أم أنت كنت في بحث عن شاشة تقول فيها أفكارك؟* في سنة 2001 لم يكن ليخطر لي العمل في الإعلام المرئي. ترافق ذلك مع تفكير جاد في إنشاء محطات تلفزيونية خاصة في مصر، البعض كان يعتقد بقدرتي على تأسيس قناة خاصة. وبالصدفة التقيت ببعض رجال الإعلام المصريين الذين كانوا يفكرون بإنشاء بعض المحطات التلفزيونية. وطلبوا مساعدتي في إنضاج الفكرة لإطلاق أو محطة خاصة في مصر إسمها المحور. وقد تعاقدت مع هذه القناة لاحقاً لتقديم برنامج حمل عنوان ’في الممنوع’. وفي هذه اللحظة فوجئت باتصال من لبنان يقولون بأنهم تلفزيون المنار وأنهم بصدد ترجمة شعار حزبي بأن المنار قناة العرب والمسلمين. وعندما تمّ ترشيح بعض الأسماء تكرر اسمي أكثر من مرة. وقيل لي بشكل حبي أن من رشحني هما الأستاذان محمد حسنين هيكل وحمدي قنديل. جئت إلى لبنان بهدف الاستطلاع والاعتذار. فأنا عندي مبدأ تعلمته من المفكر العربي العظيم الذي اسمه عصمت سيف الدولة. ويقول المبدأ بأن حبنا لشخص يحتم أن لا نعمل سوية وأن لا تكون لنا شراكة في أي شيء. حتى لا نضطر للاكتشاف أنه ليس ملاكاً كما كنا نعتقد الأمر الذي يحتم علينا موقفاً. قناعاتي بحزب الله في الحقيقة تكاد تصل لدرجة الملائكية. بعد لقاءات عدة مهدت فعلياً للاعتذار. وفي اجتماع نهائي بدأ الساعة السابعة مساءً كنت قد حضرت مقدمة الاعتذار على أن يبقى القرار. في هذه الأثناء كان موجز الجزيرة، تعللت بسماع الموجز على أن نتابع بعده. فيه جاء إعلان لأول مرة بأن الولايات المتحدة تُصنف حزب الله منظمة إرهابية. وبعد نهاية الموجز فوجئ من كان معي في الاجتماع بموافقتي دون قيد أو شرط على العمل.* إذن فضل وجودك في المنار يعود للحكومة الأمريكية؟* وبدون قرار الحكومة الأمريكية لما كنت سأقبل بالعمل. في الجانب المادي كان عقد المنار نصف عقدي في مصر. وفي معادلة وجودي في قناة المنار كان هناك خلل حاد جداً يتمثل بحبي وقناعتي وتقديسي للسيد حسن نصرالله. كنت على رغبة في أني سأعمل في مؤسسة فيها اقتراب من هذا الرجل الأمر الذي أمن لي راحة نفسية.* وهل يصح لمن يتخذ مواقف وقرارات أن يضع إنساناً مهما بلغت مكانته في موقع مقدس؟ مع شديد الاحترام والتقدير لقائد المقاومة؟* عندما يضع الإنسان منظومة قيمه ويخرج بعبارات مثل شرف، كرامة، صدق، نزاهة، استقامة، فداء وثورية. وإن وضعت في ذهني نموذجاً بشرياً لكل من هذه العبارات واكتشفت بالنهاية أنها مجتمعة في شخص اسمه حسن نصرالله. فكيف أكذب على نفسي؟* بعد تسع سنوات قريباً من كوادر حزب الله ومن المؤكد قريباً بشكل أو بآخر من السيد حسن نصرالله هل لا تزال الصورة الملائكية نفسها التي كانت عن الحزب؟* لو عشت معتمداً على الشحاذة أمام الجوامع كي آكل وأشرب وأن أبقى موجوداً بالقرب من السيد حسن نصرالله ’حأعملها.’* هل يعرف حبك الجارف وتقديرك له؟* لا يهمني سواء عرف أو لم يعرف. وأظن أنه إلى حد ما لديه فكرة. فقد شاهدته قبل عملي في المنار ثلاث مرّات. في إحداها كنت مع قيادي ناصري من مصر. وقبلها شاهدته لمرتين في لقاءات سياسية عامة. في المرة الأولى لم أكن أعرف هو من، خاصة وأن الصحافة المصرية كانت تنشر له صورة قديمة جداً لا تواكب تطورات شكله. وبعد خروجنا من اللقاء سألت زميلي القيادي الناصري إن كان قد انتبه للرجل المعمم؟ فقال أنه كلما كانت عيناه تلتقي عيني ذلك الرجل يفشل في الكلام، وكما قلت الأمر نفسه. وعندما استوضحنا شخصية الرجل قيل لنا انه السيد حسن. ومنذ اللحظة الأولى اكتشفت أن سكوت ذلك الرجل فيه صدق. بالنسبة لي السيد حسن حالة متخطية القدسية. ولست أدري إن كان ذلك حراما أو غير حرام في الدين. لكني على قناعة بأن هذا الرجل مخلوق من طين مقدس. هو طين نخب أول.* لربما السيد حسن يرفض أن يوضع في مكانة التقديس، لنقل إجلالك وتقديرك لشخصه كم أربكك كصحافي حين قابلته لمرتين. وكم أخرجك من موضوعيتك؟* لا شك يترك أثراً، ولا بد من أن يشعر المتلقي من الشاشة هذا الواقع. تأثير السيد حسن عليَ في مثل هذه اللقاءات منحصر في ناحية واحدة، أنه يعيدني إلى قاعدة إعلامية ننساها جميعاً وهي ضرورة أن تحترم ضيفك. السيد حسن هو الوحيد الذي أشعر معه أنه جدير بالاحترام. لهذا أكون حريصاً إنما ليس لدرجة نسيان كوني إعلامياً.* ما هي المعادلات الإعلامية التي فرضتها عليك السياسة اللبنانية؟* هي حملتني لاتخاذ قرارات قد لا تكون من حق الإعلامي. وأحد هذه القرارات عدم استقبال اي من جماعة 14 آذار حتى لو اقتضى الأمر أن يفسخ عقدي من العمل. نظريتي تقول بعدم اضطراري للتعامل مع وكلاء. وإن أضطررت لوجهة النظر الأخرى قد أستضيف سياسيا إنكليزيا أو أمريكيا أو فرنسيا.* المراوحة السياسية في لبنان منذ خمس سنوات بين استشهاد الحريري وما تلا ذلك هل تغني برامج التوك شو؟* هي رفعت معدل الإثارة الإعلامية، لكنها لم تضف شيئاً للمعادلة السياسية اللبنانية أو العربية المستقرّة. نحن بين مشروعين أساسيين تفاصيلهما اللبنانية أكثر إثارة. في لبنان فقط يستطيع أن يأتي رجل سياسي ويفاخر بعلاقته بإسرائيل. في مصر أشد المطبعين مع إسرائيل عندما تقولين له أنت تطبع يقول لا. في مصر يخجل المطبع من الاعتراف بفعلته. في لبنان يفاخرون برغبتهم بسحب سلاح المقاومة. يفاخر بأن تكون المقاومة متهمة بقتل هذا أو ذاك وهي بالأساس غير متهمة. يفاخر بأنه كان يتلقى السلاح من إسرائيل. لم ار ولم أقرأ في حياتي عن فريق سياسي يتباهى بأن السفير الأمريكي السابق في لبنان قال بأنه أعطى فريق 14 آذار فلوساً لتنفيذ السياسة الأمريكية. كل هذا يزيد معدل الإثارة في الاداء الإعلامي، لكنه لا يضيف لطبيعة المعادلة السياسية الي تلف وتعود للصراع ما بين مشروعين.* عندما تطرح سؤال ’ماذا بعد’ هل تصل لإجابة من دوامة السياسة اللبنانية؟* على صعيد لبنان مطلقاً. في قضايا ومناقشات عربية ودولية نصل لإجابة واضحة وشافية.* ماذا عن الضيوف؟ هل هم متوفرون بسهولة لتقديم قناعاتهم؟* شريحة من الضيوف معنية بمسألة الظهور الإعلامي. وشريحة وهي الأقل معنية بأنها تحمل رسالة وتريد إيصالها من خلال وسيلة إعلامية. أما الشريحة الأهم وهي التي يعتقد القائم على العمل الإعلامي أن الناس تريدها. وهؤلاء هم الأقل، كما أنهم الأقل دلالاً. قد يتصل بي سين سائلاً ’إنت ناسيني ليه’؟ وعندما نكون مع عنوان نعتقد أنه سيكون مفيداً فيه، يطلب يومين للتفكير. من يعتقدون أن لديهم رسالة يجب أن يسمعها الشارع هم الأكثر جدية.* أنتم أمام تحديات لجذب المشاهدين فكيف طورت برنامجك ليكون مفيداً؟* التجديد والتنويع في العناوين والضيوف هو بحد ذاته يعكس انطباعاً لدى المشاهد بأن البرنامج يجدد نفسه على الدوام. من حيث الشكل والمضمون نحن خاضعون لسياسة المؤسسة. بدأ برنامجي مع زمن 100 دقيقة وهو الآن 50 دقيقة فقط. وهذا ناتج عن حركة التطور والتغير المعتمدة في كافة التلفزيونات.* هل فكرت في خطوتك المقبلة بعد ’ماذا بعد’؟* لا. تعاقدت مع العديد من المحطات قبيل انتهاء عقدي مع المنار، وفي كل مرة كنت أعجز عن التنفيذ. لا أتصور نفسي أقدم عملاً من أي نوع وعلى أي مستوى فيه مسافة جغرافية تبعدني عن السيد حسن.* هل لديك مشاهدون في مصر؟* كلما زرت مصر يستوقفني الناس ليقولوا ’إحنا منشوفك’ فهذا يفرحني. وعندما أفتح خط اتصال وأتلقى رسائل من مصر أفرح. لكن جمهوري الأكبر ليس في مصر.* هل أحرجك ضبط ومحاكمة خلية لحزب الله تساعد الفلسطينيين؟* خالص، بالعكس أحرجني الموقف المصري الذي تمّ إتخاذه من تلك الخلية. مثل هذه الخلية كان يجب دعمها من الحكومة المصرية طالما هي غير قادرة على إيصال السلاح إلى غزة. أن تحاكم مصر هذه الخلية فهذا يعني أنها صارت في مكان آخر.