ها أمامكم صورة حقيقية: نائب، رجل معارضة، يجلس في مكتبه في القدس او في تل أبيب. الريح تعصف في الغرف. الحديث بصوت عالٍ يعيد الصدى من الحيطان الفارغة. سكرتيرة، احيانا مساعد برلمان، يطلب من متفرغي الحزب او من الصحفيين الدخول الى غرفة الرجل لملء جدول أعماله. الرجل نفسه يفحص في احيان قريبة الهاتف الذي لا يرن، ويكتشف، لمفاجأته بان الخط سليم. في المعارضة لا يوجد أي جديد. وها هي صورة حقيقية اخرى: قبل دقيقة أعلنوا عن انتصار الرجل اياه من المعارضة في الانتخابات التمهيدية الحزبية وعن ترشيحه لرئاسة الوزراء. ليست انتخابات للكنيست بعد وبالتأكيد ليس لرئيس الوزراء. فقط قبل دقيقة قال المستطلعون ان الرجل من المعارضة فاز. في مكتبه، ذات المكتب الذي عصفت فيه الريح في غرفه لم يعد هناك مكان تطأ فيه قدم. مئات الاشخاص في كل زاوية، بما في ذلك في المراحيض. بعض الشبان يرقصون على الطاولات. كلهم يصرخون، منفعلون. كلهم يتذكرون صداقتهم القديمة مع "الزعيم". مراسلو الراديو يصطادون كل من لديه كلمة يقولها. مرتان – الاولى لدى اسحق رابين والثانية لدى ايهود باراك – كنت شاهد عيان وسماع وشريكا في هذه الصورة. كل رئيس وزراء وكل وزير، وبالتأكيد اذا كان "كبيرا"، يحاط بالمساعدين من منفذي كلمته وبكثيرين آخرين بتعبير قاسٍ يمكن تسميتهم "متذنبين". فهم يحاولون ان يحيطوا برئيس الوزراء، وان يظهروا الى جانبه، ومن هناك فانه يسير – يسير؟ يركض! – أمامهم. واذا بالصدفة علق مصور صحفي على مقربة من رئيس الوزراء، وحسن حظ المتذنب ورآهما الناس في التلفزيون فليس هناك من هو أكبر من رب الجيوش. فمثل هذه الحالة، بالمناسبة، سيفعل القمر الدائر في الفلك كل جهد مستطاع في محاولة لان يهمس بشيء ما في إذن رئيس الوزراء. وهذه صورة جيدة ايضا بل ومجدية جدا. رأيتم؟مشروع المتذنبين لن ينتهي أبدا. طالما كان هناك رؤساء وزراء ووزراء، فهم يحتاجون الى الدعم، الدفء، المعجبين، المصفقين. كما سيكون هناك المحيطون. لم يمت أحد بعد من التزلف، قال احد ما، والمحيطون هم ابطال العالم في التزلف وفي نقل الثرثرات (الشريرة بشكل عام) الى علم القادة. قصة شخصية: لرابين كان واحد كهذا، على الاقل في الايام التي كانت الحراسة فيها خفيفة. وكان يكمن له احيانا قرب السيارة كي يسافر معه 300 متر، من مكتب رئيس الوزراء الى الكنيست. حلم ذاك النشيط في معسكر رابين كان أن يروه ينزل مع رئيس الوزراء من سيارته في الكنيست. على مدى فترة طويلة منعه "الاشرار" في المكتب من تحقيق غايته، ولكن ذات يوم، عندما لم يلاحظوا ما يجري نجح الرجل في الدخول الى مروحية رئيس الوزراء الذي أقلع الى الشمال. في المساء، في التلفزيون رأى الناس رابين يقفز من المروحية وبعد الرجل اياه. أكثر من هذا ما كان يحتاج. وعن ذلك سبق أن قيل: صورة واحدة تساوي مليون كلمة. تذكرت المحيطين مع نشر التفاصيل المحرجة عن المقدم بوعز هيرباز وعلاقاته الطيبة في قيادة جهاز الامن. اذا كان صحيحا ما قيل عنه، فانه ينتمي منذ الان الى مجموعة محسنة المستوى جدا من "المحيطين" – ممن عرفوا كيف يستغلوا قربهم من القائد كي يستفيدوا شخصيا، وكثيرا. يدور الحديث عن مجموعة متذنبين أكثر ذكاء وخطورة بكثير – إذ يدور الحديث هنا بشكل عام عن مبالغ طائلة، احيانا تصل الى ملايين وعشرات ملايين الدولارات، بعضها، او كلها تصل الى جيوبهم. في معظم الحالات صاحب القرار ليس مشبوها في المشاركة في الغنيمة، ولكن كانت ايضا حالات كهذه، ولكن حقيقة أنه يمكن للاعشاب الضارة أن تنمو في الحقل لا تتحدث في صالحه. مفتعلو المشاكل الكبرى هؤلاء هم الذين يفشلون، احيانا بالترهات، الاشخاص المحببين لهم. فهم لن يقولوا ابدا مباشرة "غابي قال لي"، ولكنهم سيخلقون وضعا يكون ممكنا فيه الفهم بانه بالفعل قريبون من الصحن، والامور تقال بناء على رأي القائد بعظمته. مثابة "التقيت ايهود امس في فندق دان" (مع 300 شخص آخر، في مناسبة التبرع من أجل الاطفال في حالة خطر). هل هذه هي الحالة في قضية هيرباز؟ لننتظر ونرى. مهما يكن من أمر، يجدر بكل صاحب قرار أن يكرر الشعار القديم الذي لاح لسنوات على جدران سلاح الجو عندنا: "انظر حولك جيدا. ذاك الذي لا تراه – هو الذي سيسقطك".