خبر : فرصة لاوباما ونتنياهو/بقلم: د. رعنان جيسين/اسرائيل اليوم 11/11/2010

الخميس 11 نوفمبر 2010 10:51 ص / بتوقيت القدس +2GMT
فرصة لاوباما ونتنياهو/بقلم: د. رعنان جيسين/اسرائيل اليوم  11/11/2010



كان الأباء المؤسسون للامة الامريكية، مثل محللين كثيرين يوافقون على ان انتخابات منتصف الولاية لمجلس النواب هي تصويتا بحجب الثقة عن نهج الرئيس اوباما، الذي جُمل على اجنحة الوعد بتجديد الامل وبتغيير يخلص الولايات المتحدة من بئر حلم تحطم واقتصاد منهار.  وكعظم الوعد كانت خيبة الامل والعقوبة وهي خسارة الاكثرية الديمقراطية في مجلس النواب. من جهة كان آباء الامة وفيهم مديسون وجفرسون يوافقون على التحقيق وفي رضى على أنه في حين فشل الرئيس، عمل جهاز الكوابح والموازنات الدستورية جيدا بعد أكثر من مئتي سنة كما توقعوا. من أجل ان تنتخب في أمريكا، يكفي المرشح ان يحظى بتأييد حزبه وناخبيه. ومن أجل الحكم، استحدث الاباء المؤسسون جهازا يوجب على الرئيس أن يأخذ معه في طريقه المعارضة ايضا. ان القوة الحقيقية لرئيس يتولى عمله هي في قدرته على الاقناع وجعل نفسه وسياسته في مركز الخريطة السياسية. وكل عدول الى اليسار واليمين عن مركز الخريطة السياسية وعن تراث الاقتصاد الحر والادارة المحدودة والسعي نحو دولة الرفاهة، يواجه بكوابح عُرفت في الانتخابات الاخيرة. ومن جهة اخرى كانت حركة الاحتجاج الشعبي، وحفل الشاي ونجاحه في ادخال مرشحين في مجلس النواب تعبيرا لا عن روح تمرد ابناء المستعمرات فقط بل عن إمكان أن يضبط الناخب الامريكي جماح رئيس يستعمل قوته استعمالا مفرطا حتى لو كانت الاهداف سامية. كان يمكن التنبؤ باخفاق اوباما المتوقع. ما لم يستطع الاباء المؤسسون توقعه هو ما سماه المطرب بوب ديلن – "الازمان المتغيرة". فأمريكا اوباما في 2010 هي أمريكا مختلفة. إن أمواج تسونامي اقتصادية وعسكرية وسياسية وسكانية تضرب شواطىء أمريكا. لكن اذا كانت امريكا استطاعت في الماضي ان تختار خيار العزلة والانفصال عن العالم القديم فلم تعد قادرة. ففي عالم الانترنت وفي القرية العولمية، المشكلات التي يواجهها كل رئيس ذات بعد عولمي. من الارهاب الى التقنية الى الاقتصاد ونظام الانتاج ثم الى النظام النقدي. لم يعد الدولار هو العملة المهيمنة في الاسواق الدولية. وما كان يمكن تلخيصه في الماضي بالمقالة المعروفة "انه الاقتصاد ايها الاحمق" من المناسب اليوم ان نقول فيه "انها العولمة أيها الاحمق". اليكم مثلين على تأثير العولمة والازمان المتغيرة: ففي الحال بعد الانتخابات نشرت الصحيفة الاسبوعية "فورباس" تدريج الاشخاص الثمانية والستين الاكثر تأثيرا في العالم. وقد جُعل في المحل الاول هو جينتاو، رئيس جمهورية الصين الشعبية. وكان هذا أمرا واضحا. و "الشخص الاقوى في العالم" في جميع الاستطلاعات السابقة – أي رئيس الولايات المتحدة – انخفض بالتدريج الى المحل الثاني. هكذا تكون الحال مع "الازمان المتغيرة". وفي الحال بعد الانتخابات سارع رئيس الولايات المتحدة الى السفر الى اقتصادات آسيا الناهضة. فليس السفر الى اندونيسيا سفرا للبحث عن الجذور عند اوباما. ان حل مشكلة البطالة (9.6 في المائة) في الولايات المتحدة واعادة أمريكا الى دوائر الانتاج يقتضيان اتفاقات تجارية وتصديرا مع الدول الضخمة الناهضة في آسيا. ولن يفضي تحويل مئات اخرى من مليارات الدولارات من خزائن البنك الفيدرالي على يد المحافظ برناننكي الى الاقتصاد المتعثر الى انتعاش اذا لم تعد أمريكا الى الانتاج والتصدير، ويعلم الرئيس اوباما هذا جيدا. لن تنجح الاعمال كلها في الداخل اذا لم يصغ زعامة في الساحة الدولية. والسؤال المركزي الذي يسأله قادة الشرق الاوسط وقادة جنوب شرقي آسيا في اليوم التالي للانتخابات هل يحمل هذا الرئيس، زيادة على قدرته الخطابية وحديثه الهادىء الفصيح في جعبته "عصا ربابين كبيرة"، كما قال رئيس أمريكي آخر هو ثيودور روزفلت. ان التحديات التي تواجه اوباما ازاء الضربة التي تلقاها في الانتخابات تنشىء نافذة فرص نادرة جدا لرئيس الحكومة نتنياهو كي يطور ويحسن منزلة اسرائيل في ادارة التفاوض مع الولايات المتحدة. ان تاريخ المسيرة السلمية، التي عرفت العلو والانخفاض، يشهد بأن العنصر المهم في كل اتفاق كان التفاوض والتفاهمات السابقة بين اسرائيل والولايات المتحدة. يريد اوباما اليوم من اسرائيل ان تلعب في فريقه، بحسب خطة اللعب التي خطها. لكن يبدو أن هذا رئيس سيكون في النصف الثاني من اللعبة اكثر عملية واكثر اصغاءا لاسرائيل، لا في تقديم المسيرة السلمية فقط بل في نظام الامن الوطني والصد الامريكي في الشرق الاوسط. في الخلاصة، الوضع الحالي، بخلاف العناوين الصحفية التي تتنبأ بمواجهة، هو فرصة جيدة لتعاون خصب بين اسرائيل والولايات المتحدة. وان مبادرة سياسية من اسرائيل بالتنسيق مع اوباما هي الشيء الصحيح.