عندما يطيب لهم التشديد على الجوانب غير العاطفة التي يبديها العالم تجاهنا، كي يقنعونا بان لا مفر من الاستسلام للعرب. غير أن معظم التحليلات تفوت التغيير الدراماتيكي الذي يحصل على جانبي المحيط، والذي بدأ يؤثر منذ الان علينا ومن شأنه أن يغير قواعد اللعب مع العالم العربي. هكذا، في اوروبا بدأت موجة مناهضة للمسلمين. والواحدة تلو الاخرى تأتي نتائج الحملات الانتخابية، التي تتضح منها جميعها صورة مشابهة – الاوروبيون بدأوا يعترفون بخطر السيطرة الاسلامية الساحق ويستخلصون الاستنتاج بانه حان الوقت لعمل شيء ما. ثمار هذا الاعتراف باتت واضحة في هولندا، حيث فاز حزب حيرت فيلدرس، بنحو ربع اصوات المقترعين. ميول مشابهة تتضح في دول عديدة، بما فيها النمسا، بلجيكا وحتى الدول الاسكندنافية. كما أن القرارات ضد البرقع في فرنسا ومآذن المساجد في سويسرا تأتي من ذات المكان. من تلك النقطة انفجرت ايضا القنبلة التي القتها المستشارة الالمانية انجيلا ماركيل الاسبوع الماضي حين اعلنت عن موت الرب الاوروبي للخمسين سنة الاخيرة – تعدد الثقافات. رفض تعدد الثقافات، بحد ذاته، يعبر عن تغيير مطلق لاتجاه اوروبا. ولكن واضح للجميع بان ماركيل صوبت أبعد بكثير وقصدت التعايش مع الاسلام لم يعد قائما. ماركيل وامثالها بدأوا اليوم يفهمون ما يعلنه الكثيرون في اوروبا بصراحة منذ سنين: معظم المسلمين، ولا سيما العرب، لا يعتزمون الانخراط في الانماط الغربية بل معنيون بان يفرضوا على اوروبا انماط ظلامية. كما أن اوروبا بدأت تستخلص الاستنتاجات. لدى البعض مثل فيلدرس في هولندا بات هذا يرتدي شكل الصراع العنيد، دون التخوف من الاشارة الى الطابع الفاشي، الاجرامي وغير المتسامح للاسلام. لدى ماركيل وسياسيين كبار آخرين، تتبلور استنتاجات جزئي بالنسبة لوقف الهجرة ووقف تطوير الاسلام. ولكن عندهم ايضا – العداء الحقيقي تجاه العالم العربي، بات على الطريق. خلف المحيط، في الولايات المتحدة، المسلمون والعرب لم يكونوا ابدا شعبيين على نحو خاص. في الادارة الحالية ايضا اكثر الادارات تأييدا للمسلمين، معدلات عدم التأييد للعرب بالقياس الى معدل التأييد لاسرائيل بقيت مستقرة كما كانت. وتحت اوباما ايضا تسبق الولايات المتحدة اوروبا في الفهم الاوسع للخطر الاسلامي. التغيير الاكثر تشويقا في هذا السياق وقع بالذات لدى من كانوا ذات مرة خصومنا واصبحوا مؤيدين واضحين لاسرائيل – الجمهوريين. ما يميز جانبي المحيط هو الفهم الذي لا يفتأ يتعمق للخطر المحدق بمجرد وجود الثقافة الغربية، اليهودية – المسيحية، من استمرار ميول التوسع للعالم الاسلامي. المزيد فالمزيد من الناس يستوعبون بان احمدي نجاد وحماس ليسا مشكلتنا وحدنا فقط.هذه الميول تنتج منذ الان تأييدا متضاربا لاسرائيل من جهة احزاب اليمين الصرفة في اوروبا، تلك التي اعتبرت ذات مرة لاسامية، مثلما في النمسا. والى جانب ذلك، فان سياسيين اوروبيين مثل فيلدرس الهولندي باتوا يتجاوزون رئيس وزرائنا من اليمين. اوروبا تستيقظ اخيرا، متأخرا، وتبدأ بالرد. ولكن تبلور الرد المضاد لزعماء اوروبا لا يزال في الطريق وهو سيأتي. كل تعزيز بالقوة وبعدد السكان المسلمين في اوروبا يعزز رد الفعل. في اطار هذا الرد يظهر واضحا التماثل الغريزي مع الضحية الاوضح للعالم الاسلامي – اسرائيل. فجأة في اوروبا ايضا يوجد من يفهم مما نحن نعاني جدا لسنوات عديدة. لهذه الظاهرة لم يسجل، بعد، أثر دراماتيكي على اراء الحكومات المركزية الاوروبية تجاهنا، ولكن هذا ايضا لا بد سيحصل.