كنا في الماضي نسمع كلمة سمسار فلا يجول بخاطرنا إلا سماسرة العقارات والأراضي ولكن عندما زاد وعينا أصبحنا نسمع كلمة سمسار فتختلط لدينا المعاني، هل المقصود سماسرة الأرض ام سماسرة العرض أم سماسرة الثقافة أم سماسرة الأحزاب فلا يتضح المعنى لدينا إلا بعد معرفة موضوع الحديث.فما الذي حل بنا أيها الناس؟إنني أرى أن الانكسارات والهزائم التي حلت بنا والتي عشنا جزءا منها جعلت منا سماسرة ندور حول ذواتنا ومصالحنا، فالثوري ترك نضاله والحزبي تخلى عن أيدلوجيته و مبادئه وركض وراء مصالحه سعيا وراء المال والشهرة أو من اجل شهوة أو نزوة. وإن هذه الانكسارات والهزائم التي أطاحت بالمجتمع الفلسطيني طالت فيها الهزائم نفوسنا وذواتنا ومبادءنا من اجل حفنة من النقود وان هذه التحولات جعلت الشخصية الفلسطينية شخصية طفيليّة انتهازية وكانت سببا رئيسيا في تشويه وتهشيم أفكارنا وأخلاقنا، وإن الاضطرابات النفسية التي نعيشها والتي اختلطت فيها القيم والأخلاق والمبادئ ما هى إلا تداعيات الأفكار المشبوهة التي عيشتنا فيها طبقة المثقفين الانتهازيين الذين يبثون أفكارهم من خلال منابر أحزابهم. هل هكذا تنتهي مسيرة الشعوب المناضلة؟! نهاية لا يشعرون فيها إلا طعم المرارة والخسارة والألم!! أليس من العيب أن سماسرة الثقافة والتجار الساقطين منهم من يتفلسف ويكذب ويرسم واقعا برزخيا ومنهم من يتاجر بقلمه ومنهم من يتاجر بثقافته ويستغل جهل الناس وسذاجتهم ومنهم من يعزف على وتر الإصلاح والطهارة وهو أقذر الناس وأسوأهم؟!. أليس من العار علينا أن ثلة من الشباب الأذكياء الطموح يسخرّون ثقافتهم وطاقتهم من اجل مصالحهم وتحقيق ذاتهم حتى وان كانت على حساب قضيتهم ويستهزئون بحقوق شعبهم في العيش بكرامة؟! ألم تصبح هذه المستجدات سببا في ظهور علاقات غير صحية في الأوساط العلمية والثقافية والفكرية هي أقرب إلى علاقات تبعية الاسترزاق وتحقيق الذات؟ إنني وللأسف - أقولها بحرقة المكلوم المحزون- أرى أن الكثير من المثقفين المخلصين فضلوا أن يعتزلوا الناس وينأوا بأنفسهم وآخرين مغيّبين لا يشعرون بحجم المؤامرة التي تحاك ضدهم وضد الشعب كله.... أما آن للمثقف أن يعود لدوره الطبيعي وينأى بنفسه عن الصغائر والمصالح الذاتية؟؟ أما آن له أن يشعر بالواجبات الملقاة على عاتقه والتي تضعه في درجة المقاومين و بطولة الفدائيين؟ أما آن للفارس أن يترجل؟؟؟؟ يا رَبْ عَلمّنْي أنْ أحبّ النَاسْ كَما أحبّ نَفسْيوَعَلّمني أنْ أحَاسِبْ نَفسْي كَما أحَاسِبْ النَاسْوالله ولي التوفيق