سلام عليك في عليين، يا أبا إبراهيم، عشت مجاهدا، وقضيت شهيدا، كنت علما مؤسسا، وبنيت من بعدك مع إخوانك دربا لازالوا سالكيه، كنت ضمن ركب الإخوان المسلمين تربيت فكريا وعقديا على مبادئ الجماعة، وعشت محافظا على العهد رغم الاختلاف فكنت أخاً عزيزا بين إخوانك، فالخلاف لا يفسد للود قضية. أذكر أنني كتبت مقالا بعد استشهادك في اليوم الثاني يوم أن اغتالتك الأيدي المجرمة الآثمة التي اغتالت فيما بعد رعيل الجهاد والمقاومة الأول، فقد سبقك شهداء ولحق بك شهداء ولا زال باب الاستشهاد لم يقفل، مفتوحا ما بقيت فلسطين محتلة من حثالات البشر، كان قبل استشهادك مقتل الهالك رابين، فنال من مسدس قاتله ثلاث رصاصات، وعندما تم اغتيالك قيل وقتها إن المجرمين أطلقوا عليك هناك في مالطة سبع رصاصات، فكانت مقارنة لطيفة حيث كان ثمن اغتيالك أعلى بكثير من ثم مقتل الهالك رابين، حيث كان ثمن الطلقة الواحدة في وقت الاغتيال ثلاثة شواكل، فكان ثمن اغتياله واحداً وعشرين شيكلا، فكنت الأغلى حتى في الحسابات المادية وأنت الأغلى الذي لا يقدر بثمن. ظنوا أن باغتيالك والشهداء، من سبق ولحق، قد اغتالوا الفكرة، والمبدأ والعقيدة، ولكن هيهات لهم، فمن غرس وأحسن الغرس حتى ولو لم يحصد بيده، فسيكبر الزرع لأنك تركت من خلفك من رعى وحافظ على الزرع ورعاه، وعندما أينع الزرع وكبر وانتشر وأثمر، فكان من الغراس مَنْ اغتيل أو استشهد وهو يقاوم، وبقي من يواصل الزرع والرعاية فكان الاستمرار والثمار، واشتدت الفكرة وقوي الساعد، وتجذر الزرع في الأرض وبات صعب الاجتثاث، وبات أكثر عنفوانا وتصميما على مواصلة الطريق. أبا إبراهيم ما نسيك صحبك وأحبتك وأرضك وترابك و إن حواك تراب غير تراب فلسطين، فكنت المعلم والمرشد وأنت بينهم وبعد استشهادك، ولازالت كلماتك مزروعة فينا ونرددها، لأنها كانت كلمات حق من أجل قضية حق، ولشعب يستحق الحياة. رحمك الله يا دكتور فتحي الشقاقي يا رمز الجهاد والمقاومة ويا أحد أعلام فلسطين، ولكي يكتمل البناء لابد من أن تتوحد الراية الإسلامية وتندمج بكل معنى الاندماج، وإلا سيبقى البناء ينقصه أركان، فما عاد هناك خلاف أو اختلاف، آن الأوان للوحدة، لأن راية التوحيد واحدة والفكر والعقيدة واحدة، والهدف واحد فلا مبرر للواقع على الأرض وعلى الجميع أن يرفع راية الاتحاد حتى يكتمل البناء ويشتد العود.