خبر : الجبهة … ضمير الشعب فى مواجهة سلطتى القمع والاستبداد ..ماجد عزام

الثلاثاء 26 أكتوبر 2010 06:43 م / بتوقيت القدس +2GMT
الجبهة … ضمير الشعب فى مواجهة سلطتى القمع والاستبداد ..ماجد عزام



             شرعية الحكومتين مطعون فيها شعبنا يعيش فى ظل سلطتين قمعيتين فى الضفة وغزة هكذا عنونت صحيفة الاستقلال الصادرة فى غزة-الخميس 23 ايلول الماضى- المقابلة التى اجرتها مع عضو المكتب السياسى للجبهة الشعبية النائب فى المجلس التشريعى جميل المجدلاوى الذى قام بتوصيف الوضع الفلسطينى الداخلى على النحو التالى " شعبنا يعيش فى ظل سلطتين قمعيتين سلطة فى رام الله تنسق اجراءتها مع اجهزة العدو الامنية وهى سلطة لا تتورع عن ارتكاب اكبر الحماقات وتمارس الاعتقالات والملاحقات واغلاق مؤسسات المجتمع الاهلى دون اى سند قانونى او اخلاقى وسلطة قمعية فى غزة تمارس القمع والملاحقة والاعتقال واغلاق مؤسسات المجتمع الاهلى والتعدى عليها بدون اى سند قانونى ودون اى رادع دينى او مجتمعى ونحن امام سلطتين تراكم بعض الاوساط النافذة فيهما مظاهر من الثروة والنفوذ باتت تشكل خطرا حقيقيا وجديا سواء على صعيد علاقة هاتين السلطتين مع الشعب وقواه وفئاته الاجتماعية المختلفة او على صعيد حركتى فتح وحماس نفسيهما والتجربة الملموسة اكدت ان اصحاب هذه الثروات والنفوذ يتغيرون تدريجيا الى  جهات وشرائح اجتماعية سلطوية لا تخضع لقواعد المجتمع ولا حتى قواعد التنظيم الحاكم نفسه وعلى فتح وحماس  التنبه الى هذا الخطر الذى يتفاقم وتتفاقم نتائجه السلبية الضارة . المقاربة السياسية الاجتماعية والقائمة على الاستقلالية التامة والصراحة بل والشجاعة ايضا تبدت كذلك فى رد النائب المجدلاوى على سؤال حول الفلتان الامنى فى غزة وحرق احد المنتجعات السياحية الكبيرة-عشرات المسلحين قاموا بذلك بعد قطع الطرق المؤدية اليه-  قال المجدلاوى اخطر من ذلك التجاوزات من جهة الاجهزة الرسمية وسن قوانين تطال كل جوانب الحياة عندما يصدر قانون يمنع الموظفين المضربين من ممارسة اى نشاط فى منظمات المجتمع المدنى هذا معناه شل اوسع اطار مثقف ممكن  وقفز عن حقيقة ان هذا الاضراب هو نتاج للانقسام عندما تفرض على المقاهى والمطاعم والمرافق السياحية اجراءات ظالمة لا مرجع قانونياً لها فهذا يشل قطاعا مهما من قطاعات المجتمع الفلسطينى يعمل فيه اكثر من ستة الاف مواطن عندما تصبح مظاهر الحياة المختلفة فى المجتمع رهينة اجتهاد لمسؤول ميدانى يقرر ما هو المسموح وما هو الممنوع عندها نكون امام اشكالية جدية تستوجب المعالجة نحن امام حالة مجتمعية كاملة تحتاج الى تضافر الجهود فى اطار احترام التعددية والفكر وعلينا ان نحكم الناس بالقانون والحقيقة. حتى لو لم تتم الاشارة الى صاحب الكلام السابق فاعتقد ان اى متابع او قارىء جيد للقضية الفلسطينية وتطوراتها لن يجد اى صعوبة فى الاستنتاج انه صادر عن الجبهة الشعبية كونها الجهة الحزبية الوحيدة التى تنظر الى ما يجرى بعينين مفتوحتين وليس بعين واحدة وهى ترفض الانفصام والانقطاع عن الواقع او تكون عوراء فى هذا المنعطف الحساس والشائك الذى يمر به المشروع الوطنى وتطرح رؤاها لما يجرى استنادا  الى قراءة وطنية صافية دون اى شوائب حزبية او فئوية المجدلاوى قال فى المقابلة نفسها –مع الاستقلال--عن المفاوضات وعملية التسوية ما لم يقله مالك فى الخمر غير ان مزيداً من النزاهة والشجاعة الجبهوية يمكن تلمسه فى مقابلة له مع صحيفة الحياة –عبر مراسلتها فى القاهرة-حيث عرض موقف الجبهةعلى النحو التالى " الخيار  الوحيد لعباس هوالمفاوضات فهو يقول لا طريق سوى التفاوض هذا يعبر عن نهج معين والقيادة فى اطار هذا الخيار السياسى تساهم فى استدراج الموقف السياسى العربى الى مزيد من الانحدار وتسهل حدوث الانهيار الاكبر من خلال الدفع بخيار التفاوض تحت الرعاية الامريكية المفاوضات التى اجريت وسط مظاهر مرفوضة ومشينة ومدانة تمثل تجليات للهوان الذى لحق بهذا النهج واصحابه ".موقف الجبهة  من الانقسام  واضح ايضا ومميز لمسؤوليته عن تراجع الوضع الفلسطينى وانحداره وبصفته  ضرراً وخطا بحد ذاته اضر بالمقاومة وبالمفاوض وبالمجتمع الفلسطينى ككل وهو فى الحقيقة تعبير عن تصارع على السلطة التى هى بالاصل خاضعة للاحتلال وانهاؤه ضرورة وطنية ملحة وعاجلة  كونه عائقا امام  بلورة استراتجية موحدة فى مواجهة السياسات الاسرائلية الاستيطانية والعنصرية بحق الشعب الفلسطينى و الامرنفسه نجده فى موقفها من المقاومة كونها حقاً ثابتاً ومشروعاً للشعب الفلسطينى ووحدها تحفظت على اتفاق التهدئة الذى ابرم فى القاهرة –مارس اذار 2005- وتستهجن فى السياق كيف اصبحت التهدئة مصلحة وطنية للشعب الخاضع للاحتلال بينما التصعيد والاستفزاز مصلحة بل نهج للقوة القائمة بالاحتلال التى قتلت اكثر من عشرين مواطنا فلسطينيا فى الفترة الاخيرة خاصة فى غزة دون رد رادع من قبل المقاومة هناك .الرؤى والتصورات السابقة نجدها ايضا فى تصريحات قادة الجبهة فى اماكن تواجدهم المختلفة ومن المجدلاوى وجميل مزهر ورباح مهنا فى غزة الى مروان عبد العال فى بيروت مرورا بخالدة جرار-شافاها الله- وعبد الرحيم ملوح فى رام الله وماهر الطاهر وابو احمد فؤاد فى دمشق  غير اننى اقتبست عن المجدلاوى تحديدا لانه يتهم ظلما من قبل المجلسين اللاثوريين الجدد-نسبة الى تنظيم ابى نضال- بانه الاقرب من قادة الجبهة الى مسؤولى فتح والسلطة الفلسطينية وهو اتهام ينم عن ذهنية استبدادية عمياء  لا ترى حقيقة ان الجبهة عكس معظم الفصائل والاحزاب الاخرى غير مختطفة من جانب شخص او مجموعة اشخاص وان قراراتها تتخذ من قبل مؤسساتها الديموقراطية  الحية والمنتخبة وبكامل الشفافية بعيدا عن الهيمنة والتفرد والاستئثار .  تبدو الجبهة فريدة واستثنائية فى تصديها للمواقف السياسية الخاطئة والقمع والتسلط من قبل سلطة رام الله  وفى ظل الاتفاق السياسى مع حماس تمثل الجبهة فى غزة ضمير الناس  وصوتهم فى مواجهة  الاستبداد والسياسات الاقتصادية والاجتماعية والنظام الاحادى الفكرى والسياسى الذى يراد فرضه فى منطقة غير محررة اصلا وخاضعة لسيطرة الاحتلال  فى الجو والبحر وعلى الارض ايضا ما يعبر فى احد ابعاده عن انفصام واغتراب عن الواقع وترتيب خاطىء للاولويات لا يتسفيد منه بشكل جدى الا الاحتلال ومشاريعه الهادفة الى تصفية القضية الفلسطينية . ما تقوم به الجبهة الشعبية يعبر عن شجاعة وثقة كبيرة فى مؤسساتها وتركيبتها التنظيمية وعدم خشية من المحاولات الصبيانية والتافهة لاضعافها وشقها وهى تجسد فى هذا الزمن الصعب الوحدة السياسية والجغرافية للفلسطينيين فى مواجهة الانقسام والتباعد وهنا يبدو موقفها من منظمة التحرير لافتا واستثنائيا ايضا  ويوما ما عندما تتم اعادة بناء منظمة التحرير وفق اسس ديموقراطية شفافة  ونزيهة سيقر الجميع  بفضل الجبهة فى الحفاظ على هذا الانجاز الوطنى  والتمميز المسوؤل والواعى بين رفض سياسات القيادة المتنفذة مع عدم التفريط فى المنظمة بصفتها الكيان السياسى الوحيد الذى يجسد وحدة الشعب الفلسطينى فى كل اماكن وجوده فى الوطن والشتات . نتائج الانتخابات التشريعية الماضية وضعت الجبهة فى المركز الثالث خلف فتح وحماس- بنسبة تقارب الخمسة بالمائة ما تؤكده الاستطلاعات الاخيرة ايضا-  وهو امرلا يجب الاستهانة به فى ظل الاستقطاب الحاد فى الشارع الفلسطينى وضعف الامكانيات المادية للجبهة والظروف الذاتية والموضوعية التى مرت بها الجبهة منذ الاعتزال السامى والنبيل للحكيم الى اعتقال الامين العام الحالى احمد سعادات مرورا باستشهاد الامن العام السابق ابو على مصطفى واذا ما تم الذهاب الى الانتخابات التشريعية  وفق القانون  النسبى الذى تم التوافق عليه ونصت عليه الورقة المصرية للمصالحة فان الجبهة لن تكون ضمير الشعب فقط بل البوصلة التى ستاخذ السفينة الفلسطينية فى الاتجاه  الوطنى الصحيح وهنا ايضا لا باس من الاقتباس عن المجدلاوى مرة اخرى" إسرائيل كلها مستوطنة، وأن قبول القوى الفلسطينية بفكرة «الحل المرحلي المنهجي لا يعني التسليم بالوضع الراهن الذي هو غير قانوني وغير شرعي، لكن ذلك يعني التمسك بإقامة دولة فلسطينية على الأراضي التي احتلت في الرابع من حزيران (يونيو) عام 1967 وعاصمتها القدس، والتمسك بحق عودة اللاجئين ليظل باب التاريخ مفتوحاً أمام استعادة كامل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني بعد إزاحة العدوان الصهيوني الغائر عن أراضينا" .                                               مدير مركز شرق المتوسط للاعلام