خبر : التنازلات المؤلمة!! ..د. ناجى صادق شراب

الإثنين 25 أكتوبر 2010 03:44 م / بتوقيت القدس +2GMT
التنازلات المؤلمة!! ..د. ناجى صادق شراب



• تردد اسرائيل دائما مقولة ان الفلسطينيين يأخذون ويأخذون ، ولا يقدمون شيئا ، وان أسرائيل تقدم الكثير من التنازلات المؤلة التى على الفلسطينيين أن يقدموا مقابلها تنازلات مؤلمة أيضا أستنادا الى مبدأ التنالات فى المفاوضات .وهذا ألأمر يتطلب منا وقفة هادئة ومعمقة لتحديد مفهوم التنازلات المؤلة أولا ، وهنا تطرح على طاولة البحث أكثر من تساؤل : ماذا قدمت أسرائيل ؟ وماذا قدم الفلسطينيون ؟ ولعل كلمة مؤلمة تحمل معنى تقديم شئ مادى ملموس قد يفوق قدرات ألأنسان نفسه ن أو شئ يتعلق بملكية خاصة يتنازل عنها ألنسان مقابل شئ آخر لا يرقى الى ما تم التنازل عنه ، وعادة التنازل المؤلم يحمل معنى القوة المفروضة . إذن التنازل الحقيقى هو التنازل عن شئ خاص وملك لك ، مقابل الحصول على شئ آخر يتحكم فيه الطرف الآخر بمفاهيم القوة . وحيث نتكلم عن حالة سلام عامه ، بفترض أن يكون التنازل من أجل السلام وألأمن للجميع ، وبهذا المعنى يصبح من تنازل يملك حق فى السلام الذى تنازل من أجله ، ومستعد أن يضحى فى سبيل بقائه ، الذى يسود هنا مفهوم المنفعة والمصلحة المشتركة . ويتطل التنازل أن يكون متكافئا ، وبين طرفين نديين ، والعلاقات بينهما قائمه على ألأعتماد المتبادل . هذه الركائز لم تتوفر فى المفاوضات الفلسطينية ألأسرائيلية :أسرائيل من ناحيتها هى المحتلة لكل الأرض الفلسطينية ، وهى من تعتقل كل يوم ، وهى من تمنع أو تسمح بسفر اآ فلسطينى حتى لو كان الرئيس، وهى من تأسر آلا الفلسطينين فى سجونها ، وهى من تحاصر الفلسطينيين ليس فى غزة فقط ولكن فى كل بيت فلسطينى ، واكثر من ذلك هى من تبنى المستوطنات على الأرض الفلسطينية رغم عدم شرعيتها بالقرارات الدولية التى أصدرتها ألأمم المتحده ، وهى من تصادر ألأرض ، وتهود القدس ن وتقيم جدار الفصل والعزل ، وهى من تصدر القوانيين التمييزية والعنصرية ضد أكثر من مليون نسمة من السسكان الفلسطينيين فى داخلها رغم أنهم يحملون مواطنيتها . وهى من يتحكم فى المعابر والمنافذ الجوية والبرية والبحرية . • وكل هذه السياسات وألأجراءات والقرارات التى تتخذه أسرائيل تفتقد الشرعية القانونية والتاريخية والدولية ، فهى تقوم بكل ذلك بفعل سياسة القوة وألأحتلال . ومع ذلك ماذا قدمت أسرائيل من تنازلات ؟أسرائيل بالمعنى السابق لم تقدم اى تنازل جوهرى ومادى وملموس ، التنازل الحقيقى هو فى انهاء ألأحتلال ، وبقيام الدولة الفلسطينية ، وبغطلاق سراح كل ألسرى ، وعلى أستعدادها للتعامل مع الفلسطينيين كشعب ودولة ، ما تقدمه من تنازلات لم يرقى الى مستوى السلام الحقيقى الذى ينهى الصراع ، لتبدا مرحلة من التعايش الأعتماد المتبادل ، وهى المرحلة التى ستقود فى النهاية الى ألأعتراف بالوجود الكامل ، وهو ألأعتلراف الذى يأتى من خلال خطوات ملموسة يلمسها المواطن العادى فى حياته اليومية والتى تشعره بآدميته وأنسانيته ومواطنيته كما فى أسرائيل . وصحيح أن اسرائيل قد انسحبت من بعض ألأراضى ، وسمحت بقيام السلطة ، وتسمح بدرجة من التعامل ألقتصادى ، لكنها ما زالت تتعامل كسلطة أحتلال كامله . ومن يحتل ألأرض يملك الكثير الذى يمكن ان يقدمه لسلام متوازن وواقعى وقابل للحياة وألأستمرارية , وبالمعنى العام لمفهوم التنازلات أسرائيل لم تقدم شيئا لها . • وبالمقابل ماذا قدم الفلسطينيون من تنازلات مؤلمة ؟وساذكر هنا بتنازلين رئيسيين قدمهما الفلسطينيون ، وهى فعلا تنازلات مؤلمة وجوهرية لمستها أسرائيل بشكل مباشر ، التنازل ألأول والجوهرى التنازل فى ألرض ، وحتى فى الشرعية الدولية ، فالفلسطينيون ووفقا للقرار رقم 181 والذى بموجبه قامت أسرائيل كدولة خصص لها ما يقارب من 55فى المائة من مساحة فلسطين مقابل 44فى المائة للدولة الفلسطينية ، مع وضع دولى خاص للقدس ، الفلسطينيون وبقبولهم بدولة فلسطينية على حدود 1967 يكونوا قد تنازلوا عن حوالى 22فى المائة من حقهم الشرعى وفقا للقرار المذكور , وهذا تنازل لا تقوى علية أى دولة أو اى قياده ، وينطبق على هذا التنازل الذى قبل به الرئيس الراحل ياسر عرفات والقياده الفلسطينة الحالية هو بحق ينطبق عليه وصف سلام الشجعان ، وهذا التنازل يتناقض مع ديباجة القرار 242 الصادر من مجلس ألأمن والذى لا يجيز ضم أراضى الغير بالقوة . ولا يقتصر ألأمر عند هذا الحد بل أبدت القيادة الفلسطينية أستعداها لمبدا مقايضة ألرض الذى بموجبه تضمن أسرائيل بقاء مستوطناتها الكبيرة فى الأراضى الفلسطينية رغم عدم شرعيتها .وتذهب هذه التنازلات حتى فى التعامل مع قضية أللاجئيين ، والقبول بالترتيبات ألأمنية فى داخل الدولة الفلسطينية فى حال قيامها ، وقد أبدت القيادة الفلسطينية أستعداها للأعلان عن أنهاء الصراع تاريخيا فى حال التوصل الى أتفاق يلبى الحد ألأدنى من حقوقهم المشروعة . • أما التنازل الثانى والمهم والذى قد شكل تحولا فى الفكر السياسى ألفلسطينى هو أعتراف منظمة التحرير الفلسطينية وهى أعلى سلطة فلسطينية والممثل الشرعى والوحيد للشعب الفلسطينى بإسرائيل كدولة فى حدود الرابع من حزيران 1967 وهو ما يعنى التسليم وأضفاء الشرعية على ما ضمته أسرائيل بعد حرب 48،وهذا ألأعتراف لم يقابله أعتراف بالدولة الفلسطينية الكامله فى اطار حدود 67.• هذا  هو الفارق فى مدى التنازل بين اسرائيل كسلطة أحتلال وبين الفلسطينيين المحتلة أراضيهم . وفى سياق هذه المعادلة المطلوب من أسرائيل ان تبادر وتقدم ما يؤكد نيتها الحقيقة فى انهاء الصراع ، أسرائيل تملك كل ألأوراق للسلام والفلسطينون يملكون ورقة واحده وهى القبول بإسرائيل كدولة وهذا قد حدث فعلا على ألأرض . • وأخيرا هذا هو الجانب الذى على الفلسطينيين ان يوضوحوه بشكل مباشر ، وأن يثبتوا لجمميع وخصوصا للأسرائيلييين فى الداخل انهم قدموا كل شئ من اجل السلام وأنهاء الصراع ، وبقى على أسرائيل أن تقدم ذلك ، وألا الخيار الحتمى هو أستمرار الصراع وألأحتلال وهو خيار لن تقوى على تحمله أسرائيل فى المستقبل .•  أكاديمى وكاتب عربى drnagish@gmail.com