خبر : توم فريدمان صحفي في الحاصل العام/بقلم: يعقوب أحيمئير/اسرائيل اليوم 25/10/2010

الإثنين 25 أكتوبر 2010 11:05 ص / بتوقيت القدس +2GMT
توم فريدمان صحفي في الحاصل العام/بقلم: يعقوب أحيمئير/اسرائيل اليوم 25/10/2010



 غرست بي الايام الأخيرة الشعور بأنني لست مواطن الدولة، ولا حتى دولة قوية، قوة عظمى مصغرة، بل أحد سكان بلدة. أجل، أجل بلدة. بلدة، مع جميع السياقات المعتادة لهذا المصطلح. واذا ترجمت كلمة "بلدة" الى لغة الايديش وكتبت مكانها "شتاعطيل"، فلن تكون حاجة الى الإكثار من الكلام. ولماذا هذا الشعور بـ "البلدة"؟ السبب بسيط وهو أن الصحفي توم فريدمان كتب مقالة في صحيفته ذات الشأن "نيويورك تايمز"، جلد فيها في الأساس، اسرائيل عقب عدم إطالة أمد تجميد البناء في يهودا والسامرة أكثر من مدة عشرة اشهر. كتب فريدمان أن اسرائيل تسلك سلوك ولد مُدلل، ولا يُجازي هذا الذي دلّلته الولايات المتحدة، وغمرته بالوسائل القتالية كثيرا، لا يُجازي المحسنين اليه. طُبع عمود فريدمان الصحفي في الاسبوع الماضي ومنذ ذلك الحين والبلدة في ضجيج. أجل إن فريدمان صحفي مهم يكتب في صحيفة مهمة قد تكون الأهم في العالم. ولا ينبغي الاستخفاف بكليهما: فقد جعلت كتابة فريدمان إياه يحظى بثلاث جوائز بوليتسر التي تُمنح في جملة ما تُمنح بسبب كتابة صحفية فاخرة، بسبب كتابة تفكيرية وكتابة ذات طابع تحقيقي معا. يكفي الفوز بجائزة "بوليتسر" واحدة، لا بثلاث ليكون ذلك سببا جيدا جدا للشعور بالفخر. لكن الصحافة عندنا قد انقضّت (في فرح) بسبب وعظه اسرائيل وكأن فريدمان نزل من ناطحة السحاب في نيويورك وفي يديه ألواح العهد، المعذرة، عموده الصحفي، في الاسبوع الماضي. وأُريد رد، لأن مقالة فريدمان تلك قد عبّرت بحسب التخمين عن رأي الرئيس اوباما. قال فريدمان في مقابلة صحفية مع القناة الثانية انه لا يعلم ما الذي يعتقده اوباما في مقالته. لكن عددا من الصحفيين في اسرائيل خرجوا عن طورهم وعن برود أعصابهم، وتأثروا مهتزين مرتجفين بقراءة كلام فريدمان والسبب الرئيس لذلك أنه عبّر عن مواقفهم السياسية. هذا حقه وحقهم. لكن ما معنى هذه القرقرة كلها حول فريدمان؟ فحتى في الولايات المتحدة سأل المحللون اسئلة صائبة لم يسألها صحفيون في اسرائيل ألبتة. مثلا، هل اسرائيل وحدها تتحمل ذنب جمود التفاوض مع الفلسطينيين؟ وتساءل جاكسون ديهل، المحلل في صحيفة "واشنطن بوست" (وليست صحيفة يمينية معاذ الله): أربما يكون اوباما، باصراره على موضوع المستوطنات، هو الذي انشأ عقبة لا يمكن تجاوزها أمام مسيرة السلام؟. إنسحبت اسرائيل من جنوب لبنان، ومن قطاع غزة، وجمدت البناء في يهودا والسامرة عشرة اشهر، فماذا فعل الفلسطينيون؟ أربما يتحمل اوباما ايضا مسؤولية ما عن الجمود؟ يحظى فريدمان بمكانة عليا في اسرائيل: بسبب اشمئزازه من نتنياهو، وبسبب فصاحة التعبير، وهي صفة مطلوبة للظهور في التلفاز. لكن فريدمان صحفي "في الحاصل العام". صحفي مهم، لكنه صحفي. لا يقرر هو السياسات. لكنه في عالم الاعلام اليوم، يوجد عدد لا يكتفون بالعمل الصحفي التقليدي القديم. يتنكر عدد من المحللين بلباس مُتولي مناصب أكبر منهم قليلا: متخذي قرارات، بحسب ادعائهم. ألم يوجد في حرب لبنان الثانية من أشاروا على القادة والضباط أين وكيف تُحرك الطوابير العسكرية. لم يكتفوا بالابلاغ أو بتحليل الاجراءات وهو العمل التقليدي الذي أخذ يُنسى قليلا للصحفي. ويُخيل إلي أن صورة فريدمان المهنية قد بُنيت على هذا النحو في اسرائيل ايضا: بحسب روح مقالته يفترض أن تقود حكومة اسرائيل. لا ينبغي التفكير والاعتراض. يقرقرون حوله. بالغنا شيئا ما.