خبر : هل من بديل للرئيس عباس للسلام؟! .. د. ناجى صادق شراب

الخميس 21 أكتوبر 2010 04:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل من بديل للرئيس عباس للسلام؟! .. د. ناجى صادق شراب



   قد يحمل الكثيرون تصورات خاطئه وغير دقيقه عن الرئيس عباس بأنه يتفاوض ويتمسك بخيار المفاوضات والسلام ، ومن ثم سيذهب ويتنازل عن الثوابت الوطنية التى على أساسها أنتخب رئيسا للسلطة الفلسطينية . وهذه التصورات قد تكون نابعه من حالة ألأنقسام السياسى الفلسطينى ، والتباين وألأختلاف فى الرؤى السياسية الفلسطينية فى أدارة قضيتهم . ولو عدنا الى سؤال مقالة اليوم ، لكانت ألأجابة بنعم ، والبديل هو كل الشعب الفلسطينى . لسبب بسيط وهو ان هذا الشعب يريد السلام ، ولا يريد الحرب ، ويكره العنف لأنه يعانى منه كل لحظة ، وبسبب الحروب فقد ابنائه وبناته ، وهذا الشعب هو الشعب الوحيد فى العالم الذى يخضع للأحتلال ألأسرائيلى ،وغير قادر على ممارسة حقوقه المشروعة فى تقرير مصيره التى أكدتها قرارات الشرعية الدولية ، وحالت دونها  مفاهيم القوةوالخيارات العسكرية التى تؤمن بها أسرائيل ، والأزدواجية فى تطبيق القرارات الدولية ، وعدم معاقبة ألأحتلال وألزامه على تنفيذ هذه القرارات وانهاء أحتلاله ، ما زال هذا الشعب يعيش تحت مظاهر ألأحتلال والحصار والمهانة السياسية، ورغم ذلك لم يفقد القدرة وألأرادة على الصمود والتصدى للأحتلال ومقاومته بكل الوسائل المشروعة . هذا الشعب يريد السلام الذى يعطيه الحق فى قيام دولته المستقلة ، وفى أنهاء ألأحتلال ألأسرائيلى ، وفى ممارسة حقه فى تقرير مصيره ، وإقامة نظامه السياسى الديموقراطى ، والذى قد اثبت جدارة كبيرة فى ممارسة هذا الحق لولا ألأحتلال الذى قد أجهض تجربته الديموقراطية .ولو منح هذا الشعب الفرصة الكامله لحل السلام .إذن البديل هو الشعب الفلسطينى الذى يؤمن بالسلام خيارا مصيريا وأنسانيا ،وهنا التمييز ضرورى بين السلام كخيار ورؤية أنسانية وحضارية وتاريخية ودينية ، وبين المفاوضات كوسيلة وأداه لتحقيق هذه الرؤية ، رؤية السلام تقوم على مفهوم واسع وشامل يستند علىمفهوم المواطنية والحقوق العالمية التى من حق كل شعوب العالم ممارستها ، وتقوم على التكافؤ والقبول ونبذ العنف والحرب والقوة ، وتقوم على آدمية ألأنسان . وهذه الآدمية غير متاحة للشعب الفلسطينى بسبب سياسات ألأحتلال ألأسرائيلى الفظة ، ويكفى ألأشارة هنا الى آلاف الأسرى القابعين فى السجون ألأسرائيلية ، وفى سياسات الحصار والحواجز وألأغلاق والتجويح / وألعتقال والطرد وغير ذلك من سياسات تتعارض مع كل القيم الحضارية والديموقراطية التى تتمسك بها التقاليد الغربية ،والتى تقوم عليها المنظمات الدولية.فى هذا السياق نفهم السلام ، ونتمسك به . وفى هذا السياق يأتى تمسك الرئيس عباس بهذا الخيار ، فهو لي سخياره فقط كما قد يصور خطئا ، بل هو خيار شعبه بالكامل الذى أنتخبه على هذا ألأساس. السلام الحقيقى يصنعه قادة مؤمنون بالسلام ليس كخيار فقط ، ولكن السلام يشكل احد المكونات الرئيسة فى تربيتهم وتنشئتهم وسلوكهم السياسى ، ومن هنا التفاوت بين رئيس وآخر ، وقد تبدو المقارنة فلسطينيا واسرائيليا مفيده  ،فالتربية العسكرية وألأيدولوجية لقادة أسرائيل بما فيهم ألأن نتانياهو تكشف لنا البعد المتعصب وبعد القوة ، ورفض الآخر ، ولوتتبعنا الخطاب السياسى للرئيس عباس وتتبعنا مراحل حياته السياسية نجد أن السلام مكون رئيس فى فكره ورؤيته ، وقد جاءت هذه الرؤية مدعومة بالبحث العلمى والتخصص فى الشأن ألأسرائيلى ، وقد يقطع ألبعض هذا الرأى ويقول أين هو السلام الذى تتحدث عنه ، وكما تقول لن يجدى نفعا مع أسرائيل ، وهذا قد يكون صحيا بالمعنى السطحى واللفظى ، لكن السلام يبقى خيارا قائما بالرئيس عباس أو بغيره ، فلا توجد دولة أو شعب يعيش فى صراع ونزاع دائم . وإذا قلنا أيضا ان الخيار العسكرى ليس مجديا ، فلا يبقى ألا هذا الخيار ، وهو ما يؤكد أهمية البحث عن حلول أبداعية ، لأنهاء ألصراع وأحد هذه الحلول وجود قيادة مؤمنه بالسلام. ، ولا أذهب بعيدا إذا قلت ان أحد أهم معايير القيادة وقدرتها هو فى تجنب شعويها حرب دائمه ، وقتال مستمر ، وتضحيات بشرية بريئة ذنبها أنها تعيش فى منطقة صراع . وفشل السلام لا يعنى فشل هذه القيادة ، ولا يعنى أنها كانت مخطئة فى رؤيتها ومعالجتها لأدارة الصراع وإنهائه بالطرق العسكرية الدموية ، للبحث عن وسائل أخرى لأدارته بالسلام والتنمية والبناء . هذه هى المفاهيم الجديده التى ينبغى أن نبحث من خلالها عن إقامة السلام . وقد لا تظهر قيمة وصائبية رؤية هذه القيادات ألا أن بعد ان ترحل ويستمر الصراع ويعجز الكل عن الوصول الى  حل . لقد قرأت ما كتبه الرئيس ، وما صرح به من تصريحات على مدار رئاسته ، وتوصلت الى خلاصة حقيقية أنه من نمط الرؤساء الذين يريدون السلام لشعبهم ولغيره، وأنه يشكل شريكا حقيقا فى أى عملية سلام حقيقية ومتوازنه وواقعية ، وحيث أن السلام لا يتحقق من أتجاه أحادى ، بل يعتمد على التكامل والتقابل مع الأسرائيليين والذين هم فى حاجة أكبر للسلام بدلا من الصراع ، وهذا السلام لا يقوم على القادة وحدهم ، بل يحتاج الى دعم شعوبهم ، والى التخلى عن كل أيدولوجيا تدعو للتطرف والتشدد والكراهية والحقد ، وأيدولوجية ألأستيطان التى تعم أسرائيل ألأن لن تجلب لها السلام وألأمن . والرئيس عباس بخياره للسلام يعكس تراثا فلسطينيا وتاريخا ، وقيما يؤمن بها الشعب الفلسطينى ، لكن السؤال الذى يبقى يبحث عن أجابة أين هذا السلام .؟ والشعب الفلسطينى قادر ان يأتى بنفس القياده طالما أنه يرى السلام ، ويرى دولته أمام عينه ويمارس حقوقه على ألأرض ، ويبقى السلام فعل وسلوك ومنهج ، ورؤية ، ومنظومة قيم ، ودور القيادة ان تصنع هذه المنظومة ، وولو توغلنا فى كل فكر القيادات الفلسطينية سنجد هذه الخيار قائما لأنه الخيار الحتمى للشعب الفلسطينى وألأسرائيلى ، فلماذا لا نصنع السلام ألأن فى ظل قيادة مؤمنه للسلام كالرئيس عباس.؟ |أكاديمى وكاتب عربى drnagish@gmail.com