تقول الاسطورة ان قاتل رابين صفى اتفاق اوسلو ورفع اليمين الى الحكم. هذه الاسطورة أصبحت منذ زمن بعيد، بسخافتنا، جزءا من إرث رابين. ها هو، القاتل نجح في هدفه، وكل ما حصل لنا منذ ذلك الحين وحتى اليوم هو نتيجة ذاك القتل البغيض. غير أن هذه اسطورة. القتل هو قتل، وهو مقيت دون أي صلة بأي إرث، ولا حاجة الى اختراع الاساطير لتطوير إرث. رابين جدير بأكثر من اساطير غبية. فقد حاول أن يقود الشعب في طريق معينة. هذه الطريق لم تنجح. ولكن هذا لم يحصل بسبب القاتل يغئال عمير. فهو ليس هاما مثلما يجعلون منه. وذلك لان هذه الاساطير لا تعزز رابين. كلما روينا لانفسنا كذبة "يغئال عمير انتصر" هكذا تتعاظم صورة المجرم الصغير. الحقيقة معاكسة. قتل رابين أنقذ اليسار الاسرائيلي (يسار ذات مرة – يسار صهيوني وطني). قبل القتل، كما ينبغي أن نتذكر الوضع كان في غاية السوء. عمليات انتجت عبارة "ثمن السلام". الاستطلاعات تنبأت بهزيمة فظيعة ورهيبة لحزب العمل، وتعزز واضح لليمين. حكم اليمين لم يكن فقط في الشارع العنيف والعاصف. حكم اليمين كان ايضا في القلوب. هذه لم تكن القصة عندما انطلقت اتفاقات اوسلو على الدرب. بالعكس. كل الاستطلاعات من الاشهر الاخيرة أشارت الى أن الكثير من مصوتي الليكود دخلوا هم ايضا في حالة نشوى. فقد أملوا وارادوا ان يؤمنوا. نعم، مصوتو الليكود. غير أن الواقع صفعهم على وجههم قبل وقت طويل من أن يعرف أي امرىء من هو يغئال عمير. سلسلة عمليات هائلة هزت دولة اسرائيل. عرفات بدأ، رويدا رويدا، يكشف عن نواياه الحقيقية. ليس فقط كمن يضلل اسرائيل بل وايضا كمن يعطي روح اسناد للارهاب. فقد أدخل المخربين الى القطاع وواصل التحريض واتخذ سياسة "البوابة المستديرة". الرأي العام تغير. اليمين تعزز. الاستطلاعات أوضحت بان حزب العمل سائر نحو الهزيمة. في السنتين اللتين سبقتا الاغتيال، كما ينبغي أن نتذكر، كانت عمليات ارهاب في العفولة، في الخضيرة، في ميدان ديزنغوف في تل أبيب، في مفترق نتساريم، في بيت ليد، في كفار دروم، في رمات غان وفي القدس، مع قرابة مائة قتيل. كانت هذه موجة الارهاب الاكبر التي شهدتها اسرائيل حتى ذلك الحين. كانت هذه هي الخلفية لسقوط اليسار ولخيبة الامل من اوسلو. الجمهور اراد السلام وتلقى الارهاب. وعندها جاء القتل. القاتل أدى الى تحول اضافي في الرأي العام. اذا كان هذا اليمين والتحريض، قال لانفسهم الكثير من الجمهور، فأيدينا لن تكون مشاركة في هذا الفعل. وبندول الاستطلاعات تحرك مرة اخرى الى الطرف الاخر. القتل، كما ينبغي أن يقال، منح روح اسناد لليسار. وليس لليمين. بسبب هذا القتل كان يخيل أن اليسار مرة اخرى في الطريق الى النصر. بيرس تصدر بفارق 30 في المائة وكان يخيل أنه سيفوز حتى وهو يسير الهوينا. غير أنه كان لعرفات خطط اخرى. فهو لم يرغب في بيرس في الحكم، لانه لم يرغب في السلام. ولا بشرق أوسط جديد ولا بدولة فلسطينية. فقد رغب في الصراع. الانتخابات للكنيست جرت في نهاية أيار 1996. وانظروا ماذا حصل في الاشهر التي سبقت الانتخابات: في شباط كانت عملية تفجير في خط 18 في القدس مع 28 قتيلا. بعد اسبوع من ذلك عملية اخرى في القدس، مرة اخرى في خط 18 مع 19 قتيلا. في اليوم التالي، في 4 اذار، وقعت عملية في ميدان ديزنغوف في تل أبيب مع 13 قتيلا. لم تكن حاجة الى أكثر من هذا كي يتحول مرة اخرى الرأي العام. كما أن تجند زعماء العالم لشجب الارهاب في مؤتمر شرم الشيخ كان متأخرا أكثر مما ينبغي. إذن رجاء، لا تقولوا يغئال عمير. خلافا للاساطير فانه ليس الرجل الذي اضر ضررا ميؤوسا من شفائه بمعسكر السلام. عرفات صفى معسكر السلام. بقصد وعن سبق اصرار. رجاء لا تتشوشوا.